بكين 20 يناير 2016 / مع اقتراب حلول الرئيس الصيني شي جين بينغ ضيفاً على مصر، تحول تاريخ العلاقات الصينية المصرية ليصبح محور دائرة الاهتمام العالمي، ولا سيما وأن الزيارات رفيعة المستوى الكثيفة ونوايا التواصل القوية بين البلدين في السنوات الأخيرة قد أثبتت بأن العلاقات الثنائية تمر بفترة ذهبية.
فمنذ إقامة العلاقات الدبلوماسية بين البلدين في 1956، حققت العلاقات الصينية المصرية تطورا مستقرا بغض النظر عن تقلبات الأوضاع الدولية.
وعلى الرغم من التقلبات الحادة التي شهدتها الساحة المصرية على مختلف الصعود منذ العام 2011، إلا أن علاقاتها مع الصين لم تصب بأي أذى، وإنما على العكس؛ حيث صمدت أمام اختبار الزمن وشهدت تطورا سريعا بوتيرة أقوى وبوجه أشمل.
فمنذ تولي الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي مهام منصبه، أظهرت مصر اهتماما بالغا بالصين التي تعتبر صديقا تقليديا ووديا لها، فقام الرئيس السيسي بزيارة رسمية للصين في ديسمبر 2014 بعد 6 أشهر فقط على توليه مقاليد السلطة في مصر.
وفي سياق حرصها الدائم على تقديم تضامن قوي للصين، زار الرئيس السيسي الصين مرة ثانية في سبتمبر 2015 بمناسبة العرض العسكري الصيني الذي أقيم ضمن سلسلة من الاحتفالات الوطنية التي أقامتها الصين لإحياء الذكرى السبعين لانتصار الشعب الصيني في حرب المقاومة ضد الغزاة اليابانيين، كما شاركت قوات من الجيش المصري في هذا العرض المهيب.
تجدر الإشارة إلى أن الصين ومصر أقامتا علاقات شراكة استراتيجية شاملة في ديسمبر 2014. وأصبحت مصر بذلك ثاني بلد عربي يقيم مثل هذا النوع من العلاقات الوثيقة مع الصين بعد الجزائر، علما بأن الصين ومصر قد أقامتا علاقات تعاون استراتيجي في العام 1999.
وفي هذا الشأن، أقامت الصين لغاية الآن علاقات شراكة استراتيجية شاملة مع 3 دول عربية، حيث أعلنت الصين والسعودية في 20 من يناير الجاري عن إقامة هذه الشراكة الوثيقة بينهما، وذلك خلال زيارة الرئيس شي للسعودية. كما أن هذا الأمر يدل على أهمية مصر في الدبلوماسية الصينية تجاه العالم العربي.
ومنذ إقامة الشراكة الاستراتيجية الشاملة الصينية المصرية، واصل البلدان اهتمامهما بإضفاء صبغة مميزة على هذه العلاقة الوثيقة.
فعلى الصعيد التجاري ، بلغ حجم التبادل التجاري الثنائي خلال الفترة من يناير إلى سبتمبر 2015 حوالي 9.6 مليار دولار أمريكي بنسبة زيادة قدرها 13 في المائة مقارنة بنفس الفترة من العام 2014 بحسب الأرقام الرسمية المصرية.
وعلى الصعيد الاستثماري، فقد شهد التعاون الاستثماري الثنائي ازدهارا متعاظما وخاصة بعد المؤتمر الاقتصادي المصري العالمي الذي أقيم في شرم الشيخ في شهر مارس 2015، إذ تعززت ثقة المستثمرين الصينيين في أفق الاستثمار المصري بالتوازي مع جهود الحكومة الصينية لتشجيع مزيد من المؤسسات المحلية على زيادة الاستثمار في مصر.
وعلى صعيد الثقافة، تجري الآن ترتيبات للتوقيع على اتفاقية توأمة بين مدينتي القاهرة وشانغهاي، التي تعد المركز الاقتصادي والمالي للصين، ومذكرة للتعاون بين المتحف المصري ومتحف شانغهاي في إطار جهود البلدين لتنمية العلاقات الثنائية على مسارات متعددة حسبما كشف الجانب المصري.
وعلى الرغم من تطور العلاقات الثنائية سريعا، بيد أن مصر تحتاج إلى مزيد من المساعدات والدعم من الصين في عدة مجالات ، وخاصة في مجال الاقتصاد حيث سيصبح النمو الاقتصادي ومستوى المعيشة عاملين مهمين يؤثران في الاستقرار المصري.
قبل 60 عاما، أظهرت مصر شجاعة وذكاء ورؤية بعيدة حيث سبقت الدول العربية والإفريقية في إقامة العلاقات الدبلوماسية مع الصين الجديدة التي كانت تعاني من العزل والتضييق من قبل الدول الاستعمارية . ولعب التصرف المصري الشجاع دورا توضيحيا في العالمين العربي والإفريقي إذ بادرت عدة دول عربية وافريقية إلى إقامة العلاقات الدبلوماسية مع الصين منذ ذلك الوقت.
وبعد مرور 60 ربيعا وفي هذا الوقت الحاسم، لم تنس الصين صديقتها مصر حيث أدرجتها في أولى زيارة للرئيس شي في السنة الجديدة. ولا شك في أن هذه الزيارة ستضيف قوة دافعة أكبر لتطوير العلاقات الثنائية في شتى المجالات بما فيها الاقتصاد والتجارة.
عندما تبتعد بعض الدول عن مصر التي تواجه صعوبات وتحديات متعددة، فإن الصين لن تقف مكتوفة الأيدي ، بل إنها ستواصل مد يد العون لمساعدة صديقتها مصر على تجاوز المشاكل التي تعانيها والعمل بجد لتقوية الصداقة التقليدية الثنائية.
وبالطبع؛ فإن تطوير العلاقات الثنائية لا يخدم مصلحة مصر فقط، بل إنه سيفيد الصين أيضا حيث سيساهم في زيادة نفوذها السياسي والاقتصادي والثقافي في مصر والعالم العربي، كما سيخدم جهود تمهيد الطريق أمام تنفيذ مبادرة الحزام والطريق في الشرق الأوسط .