طوكيو 27 يوليو 2022 (شينخوا) وافقت سلطات الطاقة النووية في اليابان مؤخرا على خطة مثيرة للجدل للغاية تهدف إلى تصريف مياه الصرف الصحي المشعة من محطة طاقة نووية معطلة في المحيط الهادئ، وهو محيط تتقاسمه عشرات الدول والمناطق.
إن قرار هيئة التنظيم النووي خطوة خطيرة للغاية وغير مسؤولة. فهي تتجاهل بشكل صارخ الصحة العامة لشعبها وشعوب البلدان المجاورة ورفاههم. ويكشف مرة أخرى عن طبيعة انعدام الضمير لدى الحكومة اليابانية.
وفي رد فعل منهم على الموافقة على الخطة، نزل المواطنون اليابانيون إلى الشوارع للاحتجاج والتعبير عن غضبهم. وتعهدت حكومة كوريا الجنوبية باتخاذ "أفضل تدابير استجابة داخليا وخارجيا". كما أعربت الحكومة الصينية عن معارضتها الشديدة.
لقد اختار صناع القرار في اليابان المضي قدما في خطتهم دون إجراء مشاورات كافية مع الأطراف المعنية والمؤسسات الدولية.
إن المحيط الهادئ لا يخص اليابان. ولجميع الدول والمناطق الواقعة على طول السواحل كل الحق في مطالبة طوكيو بالتصرف بمسؤولية والرد على شواغلها العاجلة والمشروعة وفقا لذلك.
وتكمن أحد الشواغل الرئيسية في المياه الملوثة نفسها. فبعد أن شهدت انصهارات بقلب عدد من مفاعلاتها، ولدت محطة فوكوشيما النووية كميات هائلة من المياه الملوثة بالإشعاع. وهناك مواد مثل التريتيوم، وهو منتج ثانوي مشع للمفاعلات النووية، يصعب تصفيتها. كما أثار بعض الخبراء البحريين مخاوف بشأن آثار نظائر الروثينيوم والكوبالت والسترونتيوم والبلوتونيوم في مياه الصرف الصحي.
لكن شركة طوكيو القابضة للطاقة الكهربائية والسلطات اليابانية لم تضعا أبدا خطة شفافة وموثوقة لشرح الكيفية التي تعتزمان بها تصفية هذه العناصر المشعة وجعل المياه آمنة.
بل على العكس من ذلك، يبدو أن طوكيو تحاول إعطاء انطباع بأنها استنفدت كل الوسائل الممكنة، مدعية مرارا أن المياه التي تحتوي على كميات صغيرة من التريتيوم، وهو شكل مشع من الهيدروجين، آمنة علميا. وإذا كان هذا صحيحا، فلماذا لم يشرب رئيس الوزراء الياباني السابق يوشيهيدي سوجا بعض الماء أثناء زيارته لمحطة فوكوشيما دايتشي للطاقة النووية؟
يواجه المحيط الهادئ تلوثا هائلا بسبب النوايا المتهورة لليابان. وإذا تم تصريف مياه الصرف الصحي من محافظة فوكوشيما، فإنها يمكن أن تطوق المحيط الهادئ بأكمله.
فقد قال كين بوسيلر، من معهد وودز هول لعلوم المحيطات في فالماوث بولاية ماساتشوستس، إن التريتيوم خفيف ويمكن أن يصل إلى مناطق بعيدة مثل الساحل الغربي للولايات المتحدة في غضون عامين.
وذكرت تقارير إعلامية أن بحثا أجرته جمعية هيلمهولتز لمراكز الأبحاث الألمانية خلص إلى أنه إذا تم تصريف المياه الملوثة من فوكوشيما في المحيط، فإن وصول المياه الملوثة إلى شواطئ جزيرة جيجو في كوريا الجنوبية لن يستغرق سوى سبعة أشهر فقط.
تنص اتفاقية الأمم المتحدة لقانون البحار على أن "تتخذ الدول، بشكل فردي أو جماعي حسب الاقتضاء، جميع التدابير المتسقة مع هذه الاتفاقية والضرورية لمنع تلوث البيئة البحرية من أي مصدر والحد منه والسيطرة عليه".
يجب على اليابان، الموقعة على الاتفاق، ألا تستخدم المحيط الهادئ كنظام صرف صحي عملاق. وينبغي عليها احترام الاتفاقية بإجراءات ملموسة.
إذا أصرت طوكيو على وضع مصالحها الخاصة فوق المصالح العامة للمجتمع العالمي وشرعت في تلويث المحيط، فمن المؤكد أنها ستدفع ثمن سلوكها غير المسؤول وستترك علامة أخرى لا تمحى على تاريخها.