تعليق: أي مصير للمفاوضات النووية الإيرانية بعد جولة بايدن في الشرق الأوسط؟

أجرى الرئيس الأمريكي جو بايدن قبل أيام، جولته الأولى في الشرق الأوسط بعد توليه سلطة البيت الأبيض. لكن زيارته، إلى جانب أنها لم تجلب أي أثر إيجابي لمفاوضات الملف النووي الإيراني المتعثرة، فإنها ألقت المزيد من الظلال القاتمة على آفاقها.　

وذكرت قناة فوكس نيوز أن "جولة بايدن إلى الشرق الأوسط لم تقدم ضمانات لاستئناف الاتفاق النووي الإيراني، الأمر الذي قوض إمكانية أي اتفاق بين الطرفين في المستقبل."

وفي هذا السياق، يرى سون ده قانغ، مدير مركز أبحاث الشرق الأوسط بجامعة فودان أن جولة بايدن في الشرق الأوسط هدفت إلى دفع الولايات المتحدة وإسرائيل وبعض الدول العربية إلى إنشاء جبهة موحدة لاحتواء إيران، وتشكيل تحالف دفاع جوي للشرق الأوسط، إضافة إلى تشكيل "آلية رباعية"، تجمع بين الولايات المتحدة والهند والإمارات العربية المتحدة وإسرائيل. كما صرّح بايدن بأن الولايات المتحدة لن تزيل الحرس الثوري الإسلامي من قائمة الإرهاب، بأن بلاده ستلجأ إلى القوة في صورة تطوير إيران لأسلحة نووية. وأشار سون ده قانغ، إلى أن مواقف وتصريحات بايدن قد أدت إلى تدهور العلاقة بين الولايات المتحدة وإيران، وأثرت على الثقة الاستراتيجية المتبادلة بين الولايات المتحدة وإيران وأعاقت تحسن العلاقات بين إيران والسعودية ودول عربية أخرى. كما أسهمت في زيادة التوتر في الشرق الأوسط، وزيادة حالة عدم اليقين في المفاوضات بشأن الملف النووي الإيراني.

في ذات الوقت، عززت إيران أيضًا تواصلها مع الاتحاد الأوروبي وروسيا. وفي 19 يوليو الجاري، أدى الرئيس الروسي فلاديمير بوتين زيارة إلى إيران، والتقى بالمرشد الأعلى الإيراني خامنئي. وقال بيسكوف المتحدث باسم الكرملين في 18 يوليو الجاري، إن روسيا وإيران ستعززان التعاون من أجل تقليل تأثير العقوبات الغربية.

وأفادت وكالة الأنباء الفرنسية، نقلا عن المتحدث باسم وزارة الخارجية ناصر كنعاني إن واشنطن "قد عادت مجددا لتضخيم خطاب الخطر الإيراني، في محاولة لإثارة التوتر والأزمات بين دول المنطقة."

ورغم عملها على تضخيم الخطر الإيراني، إلى أن الولايات المتحدة لم تنجح في تأسيس "ناتو الشرق الأوسط". وخلال جولة بايدن في الشرق الأوسط، أعلنت دول الخليج العربي عن رغبتها في تهدئة أو تطوير العلاقات مع إيران.

وعقب نهاية جولة بايدن إلى الشرق الأوسط، قال وزير الخارجية السعودي فيصل بن فرحان آل سعود، إنه ليس على علم بأي مفاوضات بشأن تشكيل تحالف خليجي مع إسرائيل، وإن السعودية لم تشارك في مثل هذه المحادثات.

أما المستشار الدبلوماسي لرئيس الإمارات أنور قرقاش، فقال إن الإمارات تعتزم إعادة تعيين سفيرها لدى إيران وإعادة بناء علاقاتها مع إيران في مختلف المجالات، ولن تنضم إلى أي تحالف ذو صبغة عدائية.

كما صرح وزير الخارجية الأردني أيمن الصفدي أن الأردن والدول العربية الأخرى تأمل في إقامة علاقات صحية مع إيران. مشيرا إلى أن الحوار هو أفضل سياسة لحل التوترات القائمة، وأن المنطقة لا تحتاج المزيد من الأزمات.

ويعتقد سون ده قانغ، أن التناقضات بين القوى الرئيسية في الشرق الأوسط، تميل في الوقت الحالي إلى الانحسار. في حين أن التوتر بين إيران وإسرائيل يتفاقهم باستمرار. وأن الصراع بين الدولتين يشهد تصعيدا خطيرا في سوريا ولبنان والعراق.

وقالت صحيفة "الشرق" الجزائرية أن اللعبة بين إيران وإسرائيل لا تزال مستمرة، فيما تشهد الأوضاع مزيدا من التقلب، ويبدو أن الفترة السابقة كانت في فترة هدوء نسبي. لكن بعد زيارة بايدن، أصبح الوضع فجأة أكثر توترا، ومنبأ بتقلبات أخطر.

ويعتقد سون ده قانغ أنه في ظل المنافسة الاستراتيجية بين القوى الإقليمية الرئيسية، فإن البيئة الداخلية والخارجية لمفاوضات الاتفاق النووي بين الولايات المتحدة وإيران لم تعد تبعث على التفاؤل، كما أن احتمالات الاتفاق النووي الإيراني باتت مقلقة.

ويرى سون ده قانغ، أن فرض الولايات المتحدة والغرب عقوبات شاملة على روسيا بعد اندلاع الصراع الروسي الأوكراني، قد قلل من رغبة روسيا في التوسط بين الولايات المتحدة وإيران. كما أسهم الصراع في تقريب الاتحاد الأوروبي من السياسات الأمريكية. وهو ما زاد مستوى ثقة إيران بروسيا مقارنة بالقوى الأوروبية.

"إن آفاق المفاوضات النووية الإيرانية غير واضحة، والأمل والمجهول يتعايشان جنبا إلى جنب. والأطراف الخمسة الأخرى في مفاوضات الاتفاق النووي الإيراني تعمل بشكل عام على تعزيز السلام والمحادثات. ونجحت في تضييق الخلافات بين الولايات المتحدة وإيران إلى بعض المسائل المبدئية. ويبقى التنازل المتبادل بين الطرفين رهين تقدّم المفاوضات." يقول وانغ جين، مساعد مدير معهد الشرق الأوسط بجامعة شمال غرب الصين.