رام الله 27 يوليو 2022 (شينخوا) ينتاب الفلسطينيون حالة من الخوف والقلق من إمكانية ضياع فرص إقامة دولتهم المستقلة والمتواصلة جغرافيا بفعل تصاعد ممارسات إسرائيل على الأرض عبر البناء الاستيطاني ومصادرة الأراضي في الضفة الغربية.
ويقول مسؤولون فلسطينيون في تصريحات لوكالة أنباء ((شينخوا)) مؤخرا إن الإجراءات الإسرائيلية في الضفة الغربية وشرق القدس شهدت تزايدا بعد زيارة الرئيس الأمريكي جو بايدن للمنطقة، محملين الولايات المتحدة مسؤولية ضياع أي فرصة لتحقيق حل الدولتين على حدود العام 1967 وفقا لقرارات الشرعية الدولية.
وبحسب معهد الأبحاث التطبيقية - القدس (أريج) وهو منظمة غير حكومية، تأسس العام 1990، فإن هناك 40 مشروعا استيطانيا يجري العمل على تنفيذه حاليا في الضفة الغربية والقدس الشرقية.
والمعهد مقره الرئيسي في مدينة بيت لحم جنوب الضفة الغربية، ويتمثل عمله في المشاريع البحثية في مجالات إدارة الموارد الطبيعية وإدارة المياه والزراعة المستدامة والتطورات السياسية في الأراضي الفلسطينية.
يقول سهيل خليلية مدير مراقبة الاستيطان في المعهد لـ((شينخوا)) إن المشاريع الاستيطانية تهدف لعزل مدينة القدس واستحالة أن تكون عاصمة للدولة الفلسطينية المستقبلية من جهة وتقطيع أوصال الضفة الغربية من جهة أخرى.
وأضاف خليلية أن أخطر ما تنفذه إسرائيل اليوم في منطقة "عطروت" قرب القدس ومشروع " أي وان" وتوسيع مستوطنة "همتوس" ومستوطنة "هارحوما" الأمر الذي ينذر بإحداث تغييرا جغرافيا على المدينة بتوسيع حدودها.
وتابع أن ما يجعل إقامة دولة فلسطينية "متعسرا هو إقامة مدن صناعية استيطانية وطرق التفافية رابطة بين المستوطنات والتي تلعب دورا حقيقيا في تقسيم أجزاء الضفة الغربية بشكل واضح".
وبحسب خليلية فإن إسرائيل تسيطر فعليا على ثلثي مساحة الأراضي المصنفة (ج) في الضفة الغربية والتي تبلغ مساحتها 61 % من مجمل مساحتها وتفرض عليها سيطرة محكمة.
وحذر من أن أي كيان فلسطيني سيكون مقطع إلى كنتونات منفصلة عن بعضها البعض قد يكون التواصل بينها من خلال أنفاق أو جسور أو طرق التفافية دون أي تواصل جغرافي فيما قد يكون جزء من هذه الطرق تحت السيطرة الإسرائيلية.
وتبلغ مساحة الأراضي المصنفة (ج) في الضفة الغربية نحو 3456 كم مربع.
وتقسم الضفة الغربية وبلدات في شرق القدس حسب اتفاق (أوسلو) للسلام المرحلي الموقع بين إسرائيل ومنظمة التحرير الفلسطينية العام 1993، إلى ثلاث مناطق الأولى (أ) وتخضع لسيطرة فلسطينية كاملة والثانية (ب) وتخضع لسيطرة أمنية إسرائيلية وإدارية فلسطينية، والثالثة (ج) وتخضع لسيطرة أمنية وإدارية إسرائيلية.
واحتلت إسرائيل الضفة الغربية في العام 1967 وأقامت عليها المستوطنات، التي تعتبر مخالفة للقانون الدولي، ويعد الاستيطان الإسرائيلي من أبرز ملفات الخلاف بين الفلسطينيين وإسرائيل في ظل توقف مفاوضات السلام بينهما منذ العام 2014.
وتزامنا مع المشاريع الاستيطانية التي يجري تنفيذها أصدر الجيش الإسرائيلي قبل أيام قرارا جديدا بموجبه يصدر الفلسطيني في الضفة الغربية معاملة حصر إرث من خلال المحاكم الشرعية الإسرائيلية، بحسب ما نشرت وسائل إعلام إسرائيلية.
وفي هذا الصدد، قال رئيس هيئة مقاومة الجدار والاستيطان في منظمة التحرير الفلسطينية مؤيد شعبان إن القرار الإسرائيلي مدان ومرفوض كونه سيفتح المجال أمام "ضعاف النفوس لتسريب أو بيع أراضي لصالح المستوطنين".
واعتبر شعبان في تصريح لـ((شينخوا)) ما يحصل من تنفيذ مشاريع استيطانية جديدة بمثابة "حرب مفتوحة" تستهدف الأرض الفلسطينية، مشيرا إلى قرابة 230 بؤرة استيطانية عشوائية وغير قانونية في الضفة الغربية.
وتعرف "البؤرة الاستيطانية" لدى الهيئة بأنها أي بناء جديد محدود المساحة وينفصل عن مسطح بناء المستوطنة، يتم بناؤه بهدف توسع مستقبلي لمستوطنة قائمة أو تمهيدا لإقامة مستوطنة جديدة.
وبحسب مركز المعلومات الإسرائيلي لحقوق الإنسان في الأراضي المحتلة (بتسيلم) فإن البؤر الاستيطانية توسع مجال سيطرة المستوطنات وتضاعف مساحات الأراضي الفلسطينية المصادرة في الضفة الغربية.
ويعيش في الضفة الغربية قرابة 720 ألف مستوطن في نحو 176 مستوطنة مقامة على أراضي الفلسطينيين.
وأشار شعبان إلى أن الواقع على الأرض جراء تصاعد الإجراءات الإسرائيلية من خلال مصادرة الأراضي وهدم المنازل وردم أبار المياه والبناء الاستيطاني يجعل فرص إقامة دولة فلسطينية متواصلة جغرافيا فوق الأرض ضئيل جدا وستتحول إلى معازل منفصلة.
يشار إلى أن قرار مجلس الأمن رقم (2334) صدر في 23 ديسمبر 2016، وحث على وضع نهاية للمستوطنات الإسرائيلية في الأراضي الفلسطينية ونص القرار على مطالبة إسرائيل بوقف الاستيطان في الضفة الغربية بما فيها القدس الشرقية، وعدم شرعية إنشاء إسرائيل للمستوطنات في الأرض المحتلة منذ العام 1967.
ويشكو الفلسطينيون من أن تصاعد المشاريع الاستيطانية بدأت في أعقاب زيارة الرئيس الأمريكي بايدن للمنطقة بداية الشهر الجاري دون ممارسته أي ضغط حقيقي على الحكومة الإسرائيلية لوقفها.
ويقول عضو اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية صالح رأفت لـ((شينخوا)) إن الولايات المتحدة وإسرائيل تتحملان المسؤولية عن تفاقم الوضع على الأرض وضياع فرص إقامة الدولة الفلسطينية على حدود العام 1967.
وأضاف رأفت أن بايدن وقع ما يسمى إعلان القدس لدعم إسرائيل بكافة المجالات الاقتصادية والأمنية والتكنولوجية، في المقابل أبدى دعمه لحل الدولتين. ولكن هذا غير مرئي بالوقت الحالي وبنفس الوقت لم يمارس أي ضغط على إسرائيل لوقف التهجير والاستيطان.
وتابع أن إسرائيل بدأت بطرح وإعلان مئات الوحدات الاستيطانية الجديدة أو توسيع القائمة في الضفة الغربية وشرق القدس فور مغادرة بايدن وهذا ما يجعله شريكا في ذلك.
وأشار رأفت إلى أن القيادة الفلسطينية تواصل العمل من أجل إقامة الدولة الفلسطينية، ولكن إذا دمرت إسرائيل والولايات المتحدة هذه الفرص فلتتحمل مسؤولية إقامة دولة واحدة لشعبين يشكل فيها الشعب الفلسطيني الأغلبية.
ويطالب الفلسطينيون بتحقيق دولة مستقلة إلى جانب إسرائيل على كامل الأراضي الفلسطينية التي احتلتها إسرائيل في العام 1967 بما يشمل الضفة الغربية كاملة وقطاع غزة وأن تكون عاصمتها القدس الشرقية.