وجدت خطة الصين لتطوير "تجربة توليد الكهرباء من الطاقة الشمسية في الفضاء" اهتمامًا واسعا من المجتمع الدولي مؤخرا. حيث أشادت بها وسائل الإعلام الأجنبية، واعتبرتها "محاولة رائدة لتغيير خريطة الطاقة النظيفة في العالم". ويمكن للتجربة الصينية أن توفّر مسارا جديدًا لمحاولات الإنسان إنتاج الطاقة النظيفة في الفضاء الفسيح ونقلها إلى الأرض.
الفضاء الفسيح هو عبارة عن كنز غني بالموارد، وتطوير صناعة الفضاء يبني جسرا يؤدي إلى هذا الكنز. وقد عملت الصين خلال السنوات الأخيرة، على تسريع الابتكار في علوم وتكنولوجيا الفضاء، وحققت سلسلة من الإنجازات الملفتة في هذا المجال. وشاركت الصين إنجازاتها في مجال الفضاء مع العالم، وعملت على الحفاظ على أمن الفضاء الخارجي. كما قدمت مساهمات مهمة على صعيد السلم الفضائي، والاستخدام السلمي للفضاء.
وبهدف تعزيز الاستخدام السلمي للفضاء، دعت الصين في السنوات الأخيرة إلى تأسيس مجتمع المصير المشترك للبشرية في مجال الفضاء. وفي هذا الصدد، ألقى الرئيس الصيني شي جين بينغ في عام 2017، خطابًا هاما في مقر الأمم المتحدة بجنيف، قال فيه: "يجب علينا التمسك بمبادئ السلام والسيادة والمنفعة العالمية والإدارة المشتركة، وجعل أعماق البحار والمناطق القطبية، والفضاء والإنترنت وغيرها من المساحات العامة فضاءً للتعاون بين جميع الأطراف، وليس ساحة للتنافس."
وفي نوفمبر من ذات العام، اعتمدت الدورة الثانية والسبعون لاجتماع الجمعية العامة للأمم المتحدة قرارين أمنيين، هما على التوالي: "التدابير العملية لمنع حدوث سباق التسلح في الفضاء الخارجي" و "عدم البدء بوضع أسلحة في الفضاء الخارجي". مما يعكس بأن مفهوم مجتمع المصير المشترك للبشرية يتماشى إلى حد كبير مع رغبة البشرية في الحفاظ على الأمن المشترك والاستخدام السلمي للفضاء الخارجي، وأنه بات يعد محل توافق داخل المجتمع الدولي. وقد اقترح الكتاب الأبيض الذي أصدرته الصين في يناير من العام الجاري تحت عنوان "الفضاء الصيني 2021" لأول مرة تعزيز بناء مجتمع المصير المشترك للبشرية في مجال الفضاء الخارجي، الشيء الذي عمّق دلالات الاستخدام السلمي للفضاء.
واعتمادا على قدراتها العلمية والتكنولوجية المتزايدة وقوتها الوطنية الشاملة، حققت صناعة الفضاء الصينية العديد من الإنجازات، سيما في مجال البنية التحتية الفضائية، على غرار المحطة الفضائية. وهي منشآت لن تخدم الصين فحسب، بل ستقدم خدمات الطقس لجميع أنحاء العالم.
تؤمن الصين بأن صناعة الفضاء هي قضية مشتركة لكافة البشرية، وتحرص على تعميق التبادلات الدولية والتعاون في مجال الفضاء الخارجي على أساس المساواة والمنفعة المتبادلة والاستخدام السلمي والتنمية الشاملة. وقد ذكر الكتاب الأبيض المعنون بـ "رحلة الفضاء الصينية لعام 2021"، أن الصين قد وقّعت 46 اتفاقية تعاون ومذكرة تفاهم في مجال الفضاء مع 19 دولة و4 منظمات دولية منذ 2016، لإجراء تعاون دولي مشترك في مجال علوم وتكنولوجيا وتطبيقات الفضاء.
وفي يونيو 2019، أصدر المكتب الصيني لهندسة الفضاء المأهولة ومكتب الأمم المتحدة لشؤون الفضاء الخارجي نتائج الدفعة الأولى من المشاريع المختارة لتجارب علوم الفضاء التي أجرتها محطة الفضاء الصينية، شملت 9 مشاريع من 17 دولة و23 كيانا. مما يعني بأن محطة "تيانقونغ" قد أصبحت منصة مهمة للتعاون الفضائي الدولي.
وفي هذا السياق، أشاد مسؤولون من الأمم المتحدة بافتتاح محطة الفضاء الصينية، معتبرين بأنها "مثالا رائعا" على "تقاسم الفضاء العالمي". حيث نجح المسبار الصيني "تيانوين -1" في نوفمبر 2021، في تجربة التواصل مع مسبار المريخ "زورونغ" والمركبة المدارية "مارس إكسبريس" التابعة لوكالة الفضاء الأوروبية.
في الوقت الذي تقدّم فيه علوم وتكنولوجيا الفضاء المزيد من المنافع للبشرية، فإن بعض الدول لا تزال مهووسة بتطوير ونشر أسلحة الفضاء الخارجي. حيث تمارس الولايات المتحدة عقلية الحرب الباردة في مجال الفضاء، وتسعى إلى تحقيق التفوق العسكري المطلق في الفضاء الخارجي. كما قامت بتعريف الفضاء الخارجي على أنه "مجال قتالي"، وأنشأت "قوة فضائية"، وأطلقت استراتيجية "الحرب المدارية"، وعملت أيضا على تنظيم التدريبات القتالية في الفضاء الخارجي، وتعزيز التعاون العسكري مع الحلفاء في الفضاء الفسيح، مما أدى إلى تسليح الفضاء وتحويله إلى ساحة صراع.
في المقابل دعت الصين إلى الالتزام بالقانون الدولي في ممارسة الأنشطة المتعلقة بالفضاء الفسيح، والاستخدام السلمي للفضاء الخارجي في المجتمع الدولي، وعارضت بحزم تسليح الفضاء والدخول في سباق تسلح فضائي.