تونس 3 يوليو 2022 (شينخوا) انطلقت، اليوم (الأحد)، حملة الاستفتاء على مشروع الدستور التونسي الجديد، الذي كان الرئيس قيس سعيد قد أقره.
وستتواصل هذه الحملة إلى غاية يوم 23 يوليو الجاري، على أن تبدأ فترة الصمت الانتخابي يوم 24 يوليو الجاري، وذلك بحسب البرنامج الذي ضبطته الهيئة العليا المستقلة للانتخابات التي كانت قد أكدت في وقت سابق جاهزيتها لإنجاح هذا الاستحقاق.
وكان رئيس الهيئة العليا المستقلة للانتخابات فاروق بوعسكر، قد كشف يوم (الخميس) الماضي، أن عدد التونسيين الذين يحق لهم الاقتراع خلال هذا الاستحقاق يبلغ 9 ملايين و296 ألفا و64 شخصا.
وأشار إلى أن عملية الاقتراع ستنطلق من الـ 6 صباحا إلى الـ 10 ليلا، على أن يجرى الاستفتاء بالنسبة للناخبين المقيمين خارج تونس، بين 23 و25 يوليو الجاري.
وأضاف أن الهيئة العليا المستقلة للانتخابات قبلت 161 تصريحا للمشاركة في الحملة مقابل رفض 8 ملفات، لافتا إلى أن التصاريح المقبولة تتوزع على 24 حزبا سياسيا، و27 جمعية ومنظمة، وأكثر من 110 أشخاص طبيعيين.
كما نشرت الهيئة العليا المستقلة للانتخابات بيانا بخصوص المعلقات التي سيعتمدها المشاركون في حملة الاستفتاء، أوضحت فيه أنه يتعين على كل مشارك اعتماد معلقة وحيدة تتضمن في الوقت ذاته رمز المشارك في الحملة والبيان الذي سيتوجه به للعموم، ومذكرة للجميع بأنه يمنع استعمال علم الجمهورية التونسية أو شعارها في الحملة.
ولم يسجل اليوم أي نشاط لافت في إطار هذه الحملة، باعتبار أن العديد من الأطراف مازالت تدرس مشروع الدستور المقترح، باستثناء حلقة نقاش وحيدة نظمها بعد ظهر اليوم الناشط السياسي كمال السكرافي في محافظة مدنين بأقصى الجنوب التونسي.
ونقلت وكالة الأنباء التونسية الرسمية عن السكرافي قوله، إنه يشارك في الحملة كشخص طبيعي، حيث اختار لحملته شعار "الجمهورية الجديدة إقلاع لبر الأمان"، مؤكدا أنه سيدعو إلى التصويت بـ "نعم" لمشروع الدستور الجديد حتى "تعود السلطة إلى الشعب بما يحفظ كرامته" على حد قوله.
ويرجح أن يشهد يوم غد (الاثنين) تزايد نشاط المشاركين في هذه الحملة سواء بالنسبة للذين يدعون إلى التصويت بـ "نعم"، أو بالنسبة للداعين إلى التصويت بـ "لا"، علما وأنه وفقا للقانون الانتخابي لا يسمح للمقاطعين بالقيام بأي نشاط في هذا الإطار.
وكان الرئيس التونسي، قيس سعيد قد شدد خلال اجتماع عقده مساء أمس (السبت) مع رئيسة الحكومة نجلاء بودن، على ضرورة أن يكون كافة المسؤولين في مستوى المرحلة التاريخية التي تشهدها البلاد.
وأكد سعيد على أهمية أن يعبر الشعب التونسي عن إرادته بكل حرية في الاستفتاء على الدستور الجديد الذي سيؤسس للجمهورية التونسية.
تباينت المواقف من هذا الدستور الجديد، بين مؤيد ورافض، ومطالب بمقاطعة الاستفتاء المقرر تنظيمه في 25 يوليو الجاري لإقراره.
وأكدت أحزاب "حركة الشعب"، و"التيار الشعبي"، و"حركة تونس إلى الأمام" انها ستصوت بـ " نعم" على الدستور الجديد، خلال هذا الاستفتاء المرتقب، بينما أعلن حزب "آفاق تونس" وائتلاف صمود" أنهما سيصوتان بـ "لا".
وبالتوازي، أعلنت أحزاب المعارضة، وخاصة منها حركة النهضة الإسلامية، والحزب الدستوري الحر، والتيار الديمقراطي وحزب العمال والحزب الجمهوري، رفضها للدستور الجديد، ومقاطعتها الاستفتاء.
أما الاتحاد العام التونسي للشغل، فقد أعلن أنه ترك حرية الاختيار للآلاف من قواعده العمالية بشأن الاقتراع بلا أو نعم في هذا الاستفتاء الشعبي.
يشار إلى أن الرئيس التونسي، قيس سعيد كان قد أصدر في ساعة متأخرة من مساء (الخميس) الماضي ، أمرا رئاسيا حمل الرقم 578 تعلق بنشر مشروع الدستور الجديد للجمهورية التونسية الذي سيكون موضوع الاستفتاء الشعبي المقرر تنظيمه يوم 25 يوليو الجاري.
وصدر بالجريدة الرسمية للبلاد التونسية، ((الرائد)) الرسمي، نص مشروع هذا الدستور الذي تضمن توطئة و10 أبواب تحتوي بعضها على أقسام فرعية، و142 فصلا.
ونص الفصل الأول من مشروع الدستور الجديد على أن "تونس دولة حرة مستقلة ذات سيادة ونظام الدولة جمهوري"، بينما كان الفصل الأول من الدستور القديم الصادر في العام 2014 ينص على أن "تونس دولة حرة مستقلة ذات سيادة، الإسلام دينها، والعربية لغتها، والجمهورية نظامها".
ونص مشروع الدستور الجديد في المقابل، على أن "الشعب التونسي هو صاحب السيادة يمارسها على الوجه الذي يضبطه هذا الدستور"، وعلى أن "تونس جزء من الأمة الإسلامية، وعلى الدولة وحدها أن تعمل على تحقيق مقاصد الاسلام الحنيف في الحفاظ على النّفس والعرض والمال والدين والحرية".
كما نص في الفصل السادس على أن "تونس جزء من الأمة العربية واللغة الرسمية هي العربية"، أما الفصل السابع فجاء فيه أن "الجمهورية التونسية جزء من المغرب العربي الكبير تعمل على تحقيق وحدته في نطاق المصلحة المشتركة".
إلى ذلك، نص مشروع الدستور الجديد، في الفصل 87 على أن "رئيس الجمهورية يمارس الوظيفة التنفيذية بمساعدة حكومة يرأسها رئيس حكومة"، وفي الفصل 88 على أن "رئيس الجمهورية هو رئيس الدولة ودينه الإسلام".
ووصف نص مشروع الدستور الجديد نظام الدولة التونسية بأنه "نظام جمهوري"، يتيح لرئيس الدولة "تعيين رئيس الحكومة وأعضائها، كما يتيح له إنهاء مهام الحكومة أو عضو منها تلقائيا أو باقتراح من رئيس الحكومة، كما أنه (رئيس الدولة) لا يسأل عن الأعمال التي قام بها في إطار أدائه لمهامه".
وأجمع خبراء القانون الدستوري على أن فصول هذا الدستور الجديد تؤكد بما لا يدع أي مجال للشك، أن نظام الدولة التونسية، هو "نظام رئاسي"، وذلك على عكس دستور البلاد القديم الذي نص على نظام الدولة هو "برلماني".