اليوان الرقمي (نسخة تجريبية) |
أعلنت حكومة بلدية شنجن مؤخرا، عن إطلاق برنامج تجريبي للمغلفات الحمراء الرقمية (الهونغباو) باليوان الصيني، وقد جذب هذا الاعلان إهتماما واسع النطاق. ووفقًا للبيانات الرسمية الصادرة عن حكومة شنجن، فقد قام قرابة 1.9138 مليون شخص في المدينة بحجز مواعيد للتسجيل في خدمة المغلفات الحمراء. كما قام 3389 متجرا في المدينة بتحديث أنظمة أجهزة نقاط البيع، لتشمل خدمات المغلفات الحمراء الرقمية.
يذكر أن بنك الصين الشعبي، قد بدأ منذ عام 2014 في بحث وتطوير العملة الرقمية والعملة الرقمية للبنك المركزي. وبعد أن أطلقت منصة التواصل فيسبوك، عملتها الرقمية "ليبرا" في عام 2019، تحولت خطة العملة الرقمية (DCEP) التي طرحها البنك المركزي الصيني إلى محط أنظار دولية. في ذات الصدد، أصدر مجلس الدولة الصيني مؤخرا، " خطة التنفيذ التجريبي للإصلاح الشامل بشنجن لبناء المنطقة النموذجية الرائدة الاشتراكية ذات الخصائص الصينية (2020 -2025) ". والتي أكدت مرة أخرى على تطوير النقاط التجريبية لليوان الرقمي، ودفع البحث والتطوير والتعاون الدولي في مجال اليوان الرقمي.
ومن المتوقع أن تنقسم عمليات اختبار العملة الرقمية التي سيجريها البنك المركزي الصيني إلى ثلاث خطوات: أولا، إكمال عملية التحقق الفني المبكر، من خلال اختبارات على نطاق صغير؛ ثانيا، إطلاق اختبارات متوسطة المدى، على نطاق أوسع في مواقع التطبيق؛ ثالثا، طرح العملة للاستخدام الرسمي داخل السوق، ثم تدويلها. ووفقا لنتائج الاختبارات الأولية، فقد أكملت خطة (DCEP) الاختبار الفني الداخلي المبكر، وبدأت مرحلة الاختبار متوسط المدى على نطاق أوسع.
وفي الواقع، اعتمدت جولة الاختبار الأولية نموذج قسائم المستهلك الرقمية، والتي تم طرحها بشكل عشوائي خلال فترة زمنية محدودة ومنطقة محدودة وبيئة استهلاك محدودة. لكن قد يتحول هذا النموذج في الإطلاق إلى استراتيجية الترويج الرئيسية للعملة الرقمية الصينية في المستقبل. وإذا تم التحقق من فاعلية هذا النموذج، فقد يمتلك تأثيرا مهما في السياسة النقدية المستقبلية للبنك المركزي.
من الناحية الموضوعية، يعد إصدار العملة الرقمية في الصين مبادرة رائدة. فوفقًا للبيانات ذات الصلة، بلغ عدد مستخدمي الإنترنت عبر الهاتف المحمول في الصين 1.319 مليار مستخدم، إلى حدود نهاية عام 2019. وهو ما يمثل 32.17٪ من إجمالي مستخدمي الإنترنت في العالم؛ بلغ حجم معاملات الدفع عبر الإنترنت داخل السوق الصينية 249.88 تريليون يوان، وتحتل الصين موقعا رائدا عالميا في انتشار الدفع عبر الهاتف المحمول. كما يمثل تعود المستخدمين الصينيين على الدفع عبر الإنترنت عاملا مهما في خفض تكلفة الترويج للعملة الرقمية. ويقدر الخبراء، بأن تسهم العملة الرقمية في خلق اقتصاد رقمي بقيمة عشرات التريليونات.
ويرى مهنيون بأن العملة الرقمية ستتحول إلى لؤلؤة تاج الاقتصاد الرقمي العالمي في المستقبل، وإذا تم ربطها بتقنية 5G ونظام بيدو، فإنها ستفتح آفاقا اقتصادية لا حدود لها.
تمثل عملة البنك المركزي الرقمية، إحدى محاور التنمية المالية في مختلف دول العالم في الوقت الحالي. حيث يظهر استطلاع أجراه بنك التسويات الدولية (BIS)، بأن 80 ٪ من البنوك المركزية قد دخلت في مرحلة بحث وتطوير العملات الرقمية. ودخل أكثر من نصفها مرحلة التجارب البحثية والتجارب الفعلية. وفي هذا الصدد، أصدر بنك اليابان المركزي في 9 أكتوبر الجاري، تقرير العملة الرقمية، قدّم فيه الخطة المستقبلية للعملة الرقمية اليابانية، وقام بتحديد مسار التنفيذ. كما قام بنك التسويات الدولية (BIS) و7 بنوك مركزية (بنك كندا، بنك اليابان، بنك السويد، البنك الوطني السويسري، وبنك إنجلترا، والاحتياطي الفيدرالي، والبنك المركزي الأوروبي) بشكل مشترك تقريرًا عن "العملة الرقمية للبنك المركزي: المبادئ التوجيهية الأساسية والميزات الأساسية". ويأتي ذلك في إطار دفع تطوير العملة الرقمية وتعزيز المدفوعات العابرة للحدود. ومع ذلك، وعلى الرغم من أن هذه البلدان قد ناقشت خطط العملات الرقمية المركزية، إلا أن أغلب الجهود لاتزال في مرحلة المناقشة، بسبب القيود التشريعية وقضايا أمن البيانات. وتقود الصين في الوقت الحالي الطريق فيما يسمى "سباق العملات الرقمية".
ومع ذلك، فإن تطوير العملة الرقمية في الصين يصطدم ببعض التحديات، سيما القلق الذي يبديه بعض الساسة الغربيين، والذي يصل أحيانا إلى نظريات المؤامرة. وترجع مخاوف بعض الساسة الغربيين من خطة الصين في تطوير العملة الرقمين إلى نقطتين: أولا، الخوف من أن تؤدي العملة الرقمية إلى تدويل اليوان الصيني، مما سيكون له تأثير على نظام الدولار الأمريكي؛ وثانيا، الخوف من أن العملة الرقمية ستصبح عالمية وتجعل الحكومة الصينية أو الشركات الصينية تسيطر بيانات المستخدمين الأجانب.
لكن هذه المخاوف المزعومة ونظريات المؤامرة ليس لها أي أساس من الصحة، وهي ناجمة بشكل أساسي من حالة الذعر نفسها. لكنها تثير أيضًا تساؤلات لا مفر منها بالنسبة للصين: أي صورة يجب أن تعرضها العملة الرقمية الصينية أمام المستخدمين العالميين؟ بغض النظر عن كيفية تطور التكنولوجيا في المستقبل، فإن جوهر العملة لا يزال هو الائتمان، وخلف الائتمان تكمن الثقة العامة والصورة الاجتماعية. وتمامًا مثلما ينظر الساسة الغربيون إلى تقنية 5G المتقدمة من هواوي على أنها تهديد للأمن القومي. فإنه إذا تم تصنيف DCEP أيضًا على أنها نظرية مؤامرة حول الأمن القومي وأمن البيانات، فسوف ترفع من تكلفة استراتيجية التدويل المستقبلية لليوان. وعلاوة على ذلك، من المتوقع أن يعمل بعض الساسة الغربيين المناهضين للصين على تشويه خطة العملة الرقمية الصينية.