بكين 9 سبتمبر 2020 (شينخوا) روبوتات...تُخرج دخانا أبيضا لتعقيم الهواء من أعلى رأسها بسرعة موحدة، وتدخل المصعد حاملة وجبات الطعام، وتساعد المرضى على تحريك اليدين والقدمين في إطار العلاج الطبيعي. تلك المهام أدتها مجموعة روبوتات ذات خصائص مميزة ظهرت في معرض الصين الدولي للتجارة في الخدمات الذي يقام في بكين في الفترة من 4 إلى 9 سبتمبر الجاري.
لقد استحضر المعرض إلى الأذهان استخدام الصين ودول أخرى في العالم ومن بينها الدول العربية للتكنولوجيا في تصميم وصناعة روبوتات مختلفة لمكافحة مرض فيروس كورونا الجديد (كوفيد-19) وخدمة المصابين به، لتُبرز تلك الروبوتات مميزاتها خلال الأزمة وتساعد في التصدي للجائحة عبر الابتكار.
-- الروبوتات نقطة مضيئة في التكنولوجيا الصينية
على خلفية تفشي كوفيد-19، جذبت روبوتات صينية متخصصة في مكافحة الفيروس مثل روبوتات التطهير والتوزيع اللوجيستي والتمريض الذكي وغيرها، انتباه الصينيين والأجانب على حد سواء في المعرض.
فالروبوت الصيني "تشوقوانغ" يمكنه تجسيد دور "عامل توصيل" أو "عامل تطهير" في أي وقت حسب الحاجة. وفي أحد أجنحة المعرض، لعب الروبوت أمام الجمهور هذين الدورين حيث حمل صندوقا بداخله أشياء للتسليم على ظهره ودخل به المصعد. وبعد انتهاء عملية التسليم، أعاد الصندوق إلى موضعه الأصلي، ورفع صندوقا آخر للتطهير ليبدأ في تعقيم المكان.
وقال تشانغ ون يي، مدير قسم التصميم بشركة كانديلا (شنتشن) المحدودة للابتكار التكنولوجي، إنه في بداية تفشي الفيروس هذا العام، لعبت مجموعة روبوتات "تشوقوانغ" الطبية متعددة الوظائف التي أرسلتها الشركة إلى مستشفيات هوشنشان وليشنشان وجينينتان في ووهان دورا هاما في مكافحة الجائحة.
أما في جناح الروبوت (شينسونغ) المتخصص في التمرض الذكي، أخذ الزائرون يتوافدون بكثرة لمشاهدة مجموعة متعددة الوظائف من هذا الروبوت وهي تقوم بعملية رفع الظهر وثني الركبتين ورفع الجسم كله وإمالته، وذلك للعبة "دب" ملقاة على سرير في محاكاة لعملية علاج طبيعي تجري لمريض.
"في المرحلة المبكرة من الجائحة، تواصلنا بسرعة مع المستشفى الأول التابع لجامعة الطب الصينية وقدمنا له 10 روبوتات تمريض ذكية، بالإضافة إلى 7 روبوتات لتوصيل الخدمات اللوجستية"، هكذا قال لي شيويه وي المدير العام لقسم الروبوتات الطبية والصحية في الشركة المصنعة لـ(شينسونغ)، مضيفا أن روبوتات التمريض هذه تساعد المرضى المصابين بفيروس كورونا الجديد على التعافي والحد من الاتصال المتكرر بين الطاقم الطبي والمرضى لتقليل احتمالية انتقال العدوى.
وفي هذا الصدد، ذكر لي شيويه وي أنه "من خلال المنصة التي يتيحها المعرض، يتمتع الزائرون بمزيد من الفرص ليجربوا بأنفسهم أنواعا مختلفة من الروبوتات، ما يقرب المسافة بين الروبوتات والبشر ويسمح لها بدخول الحياة وخدمة البشر بشكل أفضل".
"مرحبا، من فضلك ارتدي الكمامة"، هكذا جاء من داخل جناح بالمعرض صوت روبوت ذكي متخصص في قياس درجة الحرارة. وهذا الروبوت شارك أيضا في الخطوط الأمامية من مكافحة الجائحة وطورته شركة (UBTECH) الصينية للتكنولوجيا.
وذكر تشو جيان، مؤسس ورئيس شركة (UBTECH) أنه خلال فترة الوقاية من الفيروس والسيطرة عليه، لم تُستخدم روبوتات الوقاية التي طورتها الشركة في مستشفيات ومدارس ومؤسسات وأماكن أخرى على الصعيد المحلي فحسب، بل أيضا خارج البلاد لتوفر الوقاية دون تلامس.
ووفقا لبيانات المعهد الصيني للإلكترونيات، بلغ حجم سوق الروبوتات العالمي في عام 2019 ما يقرب من 29.41 مليار دولار أمريكي، شكلت روبوتات الخدمة منه 9.46 مليار دولار أمريكي، بزيادة سنوية قدرها 14.1 في المائة.
وأشار لي شيويه وي إلى أن "صناعة التكنولوجيا العالية في الصين دخلت المسار السريع. وأثناء عملية مكافحة الجائحة، تصل خدمات الذكاء الاصطناعي المتقدمة الصينية باستمرار إلى المستهلكين في العالم، ما يدل على قوة التكنولوجيا الصينية".
-- مسعى حثيث في العالم العربي لاستخدام الروبوتات
في الواقع، جعلت جائحة كوفيد-19 إمكانات الدول العربية في مجال التقنيات الحديثة تتزايد وظهرت معها نماذج مبتكرة للحد من انتشار الفيروس، وخاصة في مجال صناعة الروبوتات.
فخلال مكافحة فيروس كورونا الجديد، سيرت وزارة الداخلية التونسية دورية أمنية بشارع الحبيب بورقيبة لروبوت آلي مزود بتقنيات تكنولوجية متطورة، حيث جاب الروبوت الشارع وأمن المنطقة. ويعتبر هذا الروبوت صناعة تونسية مائة بالمئة وهدف إلى مراقبة مدى تطبيق إجراءات الحجر الصحي.
وفي المملكة العربية السعودية، استخدم مجمع الملك عبدالله الطبي بجدة التقنية الحديثة من خلال روبوت لخدمة المرضى المصابين بكوفيد-19. ويتميز الروبوت بإمكانياته المدمجة مثل السماعة الطبية، والكاميرات الخاصة بفحص الأذن والعين ذات خاصية التقريب، والكاميرا الخاصة بفحص الجلد عن بعد عن طريق كاميرا مدمجة ذات دقة عالية، إضافة إلى الأدوات التي تمكّن الكادر الطبي والتمريضي من تشخيص حالات المرضى المصابين بالمرض، كذلك تقديم الاستشارات الطبية لهم وقراءة العلامات والمؤشرات الحيوية.
وفي دولة الإمارات العربية المتحدة، استخدمت الإدارة العامة الدفاع المدني - أبوظبي الروبوت TAF35 للمرة الأولى في تعقيم الشوارع الرئيسية والفرعية، والذي يتميز بالقدرة على ضخ كميات كبيرة من المواد المعقمة والمطهرة بالتحكم عن بُعد بمدى 300 متر.
ومن ناحية أخرى، ابتكر مهندس مصري روبوتا سماه "كيرا 2" مهمته تشخيص المصابين بالفيروس، بالإضافة إلى تقديم الرعاية الصحية اللازمة لهم. وصمم المهندس محمود الكومي (26 عاما) في أكاديمية "روبوتو"، التي أنشأها في مدينة طنطا بمحافظة الغربية شمال مصر، الروبوت "كيرا 2" على شكل فتاة بلون أبيض بالكامل، وزوده بشاشة أمامية تعرض نتائج المسح لأي شخص يقف أمامه، وهو مزود بأجهزة استشعار عديدة، لإجراء تحليل لأعراض كوفيد-19.
وبعدما قررت مصر إعادة فتح المقاهي والمطاعم في إطار تخفيف إجراءات الحجر الصحي التي طُبقت بسبب كوفيد-19، قرر مطعم وكافيه "كيمبو" في القاهرة استخدام روبوت لخدمة ضيوفه لحمايتهم من الفيروس. وتمت برمجة الروبوت "موزو"، وهي كلمة معناها "نادل" في اللغة الإسبانية، لاستقبال الطلبات وتوصيل الوجبات إلى طاولات الزبائن.
ويقول الخبراء إن توظيف الصين للتكنولوجيا بنجاح من أجل مواجهة فيروس كورونا الجديد حفز بلدان العالم ومن بينها البلدان العربية على إطلاق العنان لتعزيز الابتكار في مجال الروبوتات.