بكين 4 سبتمبر 2020 (شينخوا) استخدم فريق دولي من الباحثين أجهزة كمبيوتر عملاقة في الصين وأوروبا لدراسة الهياكل الداخلية لأصغر كتل من المادة المظلمة ضمن نطاق كون تم إنشاؤه بواسطة الكمبيوتر، حيث من المتوقع أن يساعد العلماء على معرفة ماهية ودور المادة المظلمة في عملية تطور الكون.
ويُعتقد بأن المادة المظلمة تُشكل نحو 85 في المائة من المادة في الكون، في حين تمثل المادة العادية، التي تشمل النجوم والكواكب والأشخاص، نسبة صغيرة فقط.
وتتشكل المجرات وتنمو عندما يبرد الغاز ويتكثف في هالات المادة المظلمة، وهي مراكز كتل ضخمة من المادة المظلمة.
وتحتوي أكبر الهالات مجموعات من مئات المجرات اللامعة، تسمى عناقيد المجرات، وتزن ألف تريليون مرة أكثر من الشمس.
ويمكن للعلماء استنتاج بنية هياكل هالات المادة المظلمة الكبيرة من خصائص المجرات والغازات الموجودة فيها.
وعلى الرغم من ذلك، لا يملك العلماء معلومات مباشرة عن هالات المادة المظلمة الأصغر التي تكون أصغر من أن تحتوي على مجرة. ووفقاً للنظريات الحالية، يُعتقد بأن لدى أصغر هالات المادة المظلمة كتلاً تعادل كتلة الأرض.
وفي هذا السياق، قال الباحث قاو ليانغ، من المراصد الفلكية الوطنية التابعة للأكاديمية الصينية للعلوم: "يمكن دراسة هذه الهالات الصغيرة فقط من خلال محاكاة تطور الكون باستخدام كمبيوتر عملاق كبير".
ولدراسة الهياكل الداخلية لهالات صغيرة من المادة المظلمة بنفس التفصيل الذي تتم به دراسة مجموعات المجرات العملاقة، يحتاج الباحثون إلى توسيع نطاق الكتلة بـ 30 مرة من حيث الحجم، وذلك الرقم، يكون متبوعاً بـ 30 صفرا. ما يُعادل مشاهدة برغوث على سطح القمر.
واستغرق فريق البحث، بقيادة المراصد الفلكية الوطنية التابعة للأكاديمية الصينية للعلوم، ويضم أيضاً جامعة دورهام في بريطانيا، ومعهد ماكس بلانك للفيزياء الفلكية في ألمانيا، ومركز الفيزياء الفلكية بجامعة هارفارد في الولايات المتحدة، استغرق خمس سنوات لتطوير واختبار وتنفيذ التكبير الكوني.
وقام الباحثون بمحاكاة الكون الافتراضي على الكمبيوتر العملاق "تيانخه-2" في مقاطعة قوانغدونغ بجنوبي الصين، والكمبيوتر العملاق "كوزما" في دورهام ببريطانيا، وكومبيوتر عملاق في ميونيخ بألمانيا.
وفي الإصدار الأخير من مجلة "الطبيعة"، قال فريق البحث إن لهالات المادة المظلمة الصغيرة هياكل داخلية مشابهة جداً لتلك الموجودة في الهالات الكبيرة والعملاقة.
وحول ذلك، قال الباحث وانغ جيه، من المراصد الفلكية الوطنية التابعة للأكاديمية الصينية للعلوم، المؤلف الأول للدراسة، إن هالات المادة المظلمة من جميع الأحجام كثيفة للغاية في مراكزها، وتصبح متزايدة الانتشار مع الكتل الأصغر التي تدور في مناطقها الخارجية.
وأضاف وانغ: "كان من شبه المستحيل تقريباً التمييز بين صورة هالة من المادة المظلمة لمجرة ضخمة وبين صورة هالة بها كتلة من الأرض، من دون وجود مقياس قادر على قياس ذلك".
وقال باحثون إن مراصد أشعة غاما المستقبلية قد تكون قادرة على الكشف عن الانبعاثات، ما يجعل هالات المادة المظلمة الصغيرة "مرئية"، مضيفين أن ذلك سيساعد في تأكيد الطبيعة المفترضة للمادة المظلمة، التي قد لا تكون مظلمة تماماً.