قال بعض مستخدمي الإنترنت في أمريكا على وسائل التواصل الاجتماعي في يوم عيد الأم الماضي بأن 80040 أُمّاَ أمريكية فقدت أحدا من أفراد عائلتها جراء فيروس كوفيد-19، والسبب في ذلك هو افتقار إدارة الرئيس ترامب إلى القيادة الجيدة لمكافحة الوباء. ولمواجهة عدم رضا الأمريكيين عليهم وشكوك المجتمع الدولي حولهم، يلتجئ السياسيون الأمريكيون الذين لا يستطيعون تقديم أدلة قوية وإجراءات فعالة لمكافحة الوباء، بكل وقاحة إلى تزييف الحقائق وإلقاء اللوم على الصين وحتى المطالبة بمحاسبتها.
إنه حقا شيء يدعو إلى السخرية!
إن هذا المرض كارثة طبيعية، والصين أيضا ضحية. وقد صرح كل من المجتمع الطبي الدولي والمخابرات الأمريكية بأن الفيروس أصله طبيعي ولم يتم تعديله وراثيا. وفي الوقت الذي يجب أن يكون فيه المجتمع الدولي في أمس الحاجة إلى التضامن لمكافحة الوباء، يواصل هؤلاء الساسة نشر الشائعات بأن "مختبر ووهان هو الذي صنّع الفيروس" في تجاهل صارخ لكل الحقائق العلمية وهذا ليس غباء ولكنه عمل شيطاني.
إن الوباء كارثة طبيعية والاستجابة السيئة هي كارثة إنسانية. بالطبع يعتبر السياسيون الأمريكيون بأنها كارثة أتتهم من الخارج.
ردا على مغالطة "الكارثة أتتهم من دولة أجنبية" لا يسعنا إلا أن نتساءل: إذا نشأ الفيروس في المكان الذي تم الإبلاغ فيه عن الحالة الأولى فهل هذا يعني بأن أصل مرض فقدان المناعة المكتسبة هي الولايات المتحدة؟ ومع انتشار الإيدز في جميع أنحاء العالم، من الذي يحاسب أمريكا؟ قال عمدة مدينة هناك بأنه أصيب بفيروس كورونا المستجد منذ نوفمبر الماضي مما يجعل الناس يتساءلون عما إذا كانت الولايات المتحدة تعالج العديد من المصابين بهذا المرض إلى غاية الآن. في يوليو من العام الماضي، أفادت قناة "أي بي سي" الأمريكية بأن مجمعا سكنيا بالقرب من مختبر فورت ديتريك البيولوجي يعاني من تفشي مرض تنفسي قاتل. لكن السلطات الأمريكية لم تعلن عن نتائج الاختبارات التي تم إجراؤها على المرضى الذين لهم صلة بهذا الأمر. فهل هي خائفة من أن مختبرها هو الذي سرّب الفيروس؟
اتهم بعض السياسيين الأمريكيين الصين مرارا وتكرارا بأنها أخفت الوباء، ويصرون على هذه الأوهام التي تعشش في رؤوسهم حتى يتمكنوا من تخفيف مسؤولياتهم تجاه إهمالهم وإخفاقهم، وهذه هي الحقيقة التي يريدون مغالطة أنفسهم بها.
ولكن المشكلة الحقيقية لا تكمن هنا، إذ أنه منذ 3 يناير وإلى غاية 3 فبراير من هذه السنة، قامت الصين بإبلاغ الولايات المتحدة 30 مرة. وهذا ما لم تنكره حكومتهم. منذ 23 يناير قامت الصين بإغلاق مدينة ووهان ومن ثم مقاطعة هوبي على التوالي، كما أنها قدمت "إحاطة" غير مسبوقة بهذه الإجراءات الصارمة التي اتخذتها إلى العالم كله بما فيما ذلك الولايات المتحدة.
وحقيقة ألا يعترف هؤلاء الساسة بهذه الحقائق الشفافة وتنصلهم من فشلهم فهي "كارثتهم الداخلية". ومنذ اكتشاف أول إصابة مؤكدة في 20 يناير إلى غاية 13 مارس، اليوم الذي أعلن فيه الرئيس ترامب عن دخول البلاد في حالة الطوارئ، يبدو أن حكومتهم ليس لديها علم بهذا الفيروس لمدة 54 يوما. وقال حاكم نيويورك بعد ذلك أنه كان يعتقد أن هذا الفيروس يستهدف الآسيويين فقط. بالتأكيد هناك عدد ليس بالقليل ممن لديهم هذا التحامل غير العلمي. في بدايات ظهور المرض، تم التقليل من خطر العدوى بشكل كبير، مما شكل صداعا لهؤلاء الساسة لا يمكنهم التخلص منه الآن.
ما الذي يشغل بال الحكومة الفدرالية الأمريكية؟
في 15 يناير، قدم مجلس النواب الأمريكي رسميا مذكرات مساءلة وعزل الرئيس ترامب إلى مجلس الشيوخ، وفي 5 فبراير تمت تبرئته. خلال هذه الفترة كانت الأولوية القصوى للبيت الأبيض هي ما إذا كان الرئيس سيعزل أم لا. وبعد كل هذا لازال الرئيس الأمريكي يعلق آماله في التغلب على الوباء واختفائه بمعجزة. قال هذا في 27 فبراير واستمر في قول ذلك إلى غاية 25 أبريل.
نشرت صحيفة نيويورك تايمز تقريرا حول تحقيق أجري يوم 8 أبريل، يفيد بأن البيت الأبيض قد تجاهل مرارا وتكرارا تحذيرات أجهزة الاستخبارات الأمريكية. كما رفض ترامب مرارا الاقتراح الذي تقدمت به الإدارة المهنية الأمريكية لتطبيق العزلة الاجتماعية في جميع أنحاء البلاد. لذلك فقد أهدرت حكومته 70 يوما قبل وبعد هذا التاريخ.
إن الحقائق واضحة بالفعل. يرجع النطاق الحالي لتفشي الوباء في الولايات المتحدة بهذه الصورة إلى سوء الإدارة. بالنسبة لهذه الكارثة الداخلية الخطيرة التي يعانون منها والتي تريد الولايات المتحدة استبدالها بما يسمى بالـ "الكارثة الخارجية" التي أتتها من الصين، ما هي إلا مجرد خدعة وابتزاز وتظليل للرأي العام. علاوة على ذلك ومع كل التحذيرات الكافية التي قدمتها الصين تسبب سوء إدارة الحكومة الأمريكية في إلحاق ضرر بالغ لبلادهم وللعالم، وهذه حقيقة لا يمكن إخفاؤها بأي حال من الأحوال.
لقد افتعلت الحكومة الأمريكية كل هذه المشاكل حتى تتنصل من مسؤوليتها عن فشلها وهذا ما يجعلها تماما تفقد مسؤوليتها كدولة كبيرة.