رام الله 5 مارس 2020 (شينخوا) تمكن الفلسطيني أحمد عميد أخيرا لأول مرة، من تحديد مكان سكنه في فلسطين أثناء تعبئة بياناته الشخصية في استمارة الكترونية تتبع لشركة التجارة الإلكترونية الأمريكية أمازون (Amazon)، من أجل شحن بعض المنتجات، وذلك لضمان عدم فرض رسوم الشحن عليه.
واعتاد عميد (26 عاما) وهو من سكان قرية دير السودان في مدينة رام الله في الضفة الغربية، على اختيار دولة إسرائيل، ضمن القائمة الالكترونية التي تظهر له أثناء تعبئة بياناته، عبر موقع الشركة، تفاديا لدفع رسوم الشحن عليه في حال كان ثمن الطلب أكثر من 49 دولارا أمريكيا.
وكانت شركة أمازون تشترط على الفلسطينيين دفع رسوم للشحن لطلباتهم، في حين تعفي المستوطنات الإسرائيلية والتي تتواجد في نفس المنطقة من أي رسوم تذكر.
ويقول عميد لوكالة أنباء ((شينخوا))، بينما أنهي تعبئة بياناته إن "هذه أول مرة أكتب فيها أنني من سكان فلسطين، دون أن أتكلف بمصاريف شحن إضافية"، مشيرا إلى أنه كان "يجبر على اختيار إسرائيل كدولة يعيش فيها تهربا من دفع تلك المصاريف".
وأضاف "هذا أمر مؤلم حقا أن أختار إسرائيل دولة لك، فأنا فلسطيني ولست إسرائيليا"، متهما الشركة الأمريكية "بتعمد ابتزاز الفلسطينيين كي يعترفوا بإسرائيل من خلال منصتها وأن يتنكروا لدولتهم".
وكان تحقيق لصحيفة فايننشال تايمز البريطانية كشف سلوكا غريبا لشركة التجارة الإلكترونية الأمريكية أمازون، حيث تعرض شحن البضائع مجانا للمستوطنات الإسرائيلية في الضفة الغربية، لكنها تشترط على الفلسطينيين إدراج إسرائيل عنوانا لهم لتلقي الخدمة ذاتها.
وبدأت شركة أمازون بالبيع في إسرائيل في نوفمبر/تشرين الثاني الماضي، وتوفر خدمة الشحن المجاني لسكان المستوطنات الإسرائيلية بالضفة الغربية للطلبات التي تزيد قيمتها على 49 دولارا.
وقالت الصحيفة البريطانية إنها فحصت كافة عناوين الضفة الغربية التي أدرجت على أنها إسرائيل من قبل منظمة "السلام الآن" الإسرائيلية الحقوقية، ووجدت أن عرض أمازون امتد تقريبا لكافة المستوطنات الإسرائيلية في الضفة الغربية والتي تعتبر غير قانونية بنظر القانون الدولي.
وذكرت الصحيفة أن الشركة الأمريكية العملاقة تشترط على الفلسطينيين وضع إسرائيل عنوانا لهم لتلقي الخدمة المجانية ذاتها، وفي حال وضع "المناطق الفلسطينية" في خانة العنوان فإنهم سيخضعون لرسوم شحن وتغليف تزيد على 24 دولارا.
وعقب سياسية أمازون بشأن مصاريف الشحن في الأراضي الفلسطينية، أطلق نشطاء فلسطينيون ومؤسسات حقوقية حملة ضد الشركة متهمين إياها بالانحياز لإسرائيل، من خلال السماح بالشحن المجاني للمستوطنات وفرض رسوم على الفلسطينيين وهم "أصحاب الأرض"، حسب ما قالوا لوكالة أنباء ((شينخوا)).
ونجح النشطاء الفلسطينيون ومنظمات حقوقية في الضغط على الشركة بالتراجع عن سياساتها، حيث أعلنت أمازون أمس (الأربعاء)، من خلال موقعها الإلكتروني عن تغيير سياساتها للشحن تجاه الأراضي الفلسطينية، مؤكدة أن جميع منتجاتها والتي تكلف أكثر من 49 دولارا أمريكيا سيتم شحنها مجانا.
وقالت وزارة الاتصالات الفلسطينية في بيان صحفي تلقت وكالة ((شينخوا)) نسخة منه، إن "الشركة تراجعت عن قرارها نتيجة للحملة الفلسطينية التي أطلقها الفلسطينيون ضدها".
وأكدت الوزارة أنها تتابع التجاوزات من قبل شركات التقنية العالمية حتى يتم التصدي لها بما يحقق المصالح الوطنية الفلسطينية، ويثبت الهوية الفلسطينية في وعي هذه الشركات.
من جهته اعتبر وزير الاقتصاد الفلسطيني خالد العسيلي في تصريح لـ ((شينخوا))، أن خطوة الشركة الأمريكية "جيدة"، داعيا إياها إلى وقف أعمالها بالمستوطنات الإسرائيلية المقامة على أراضي الضفة الغربية "التي تعتبر غير شرعية حسب القرارات الدولية".
وشركة أمازون تتخذ من سياتل الأمريكية مقرا لها، وتركز على التجارة الإلكترونية والحوسبة السحابية والبث الرقمي والذكاء الاصطناعي، وتعتبر واحدة من أكبر أربعة شركات للتكنولوجيا إلى جانب فيسبوك وأبل وجوجل، ويشار إليها باعتبارها واحدة من القوى الاقتصادية والثقافية الأكثر نفوذا في العالم.
وصرح مدير منظمة الحق للدفاع عن حقوق الإنسان شهوان جبارين لـ ((شينخوا))، أن "أمازون تحاول إظهار نواياها الطيبة تجاه تغيير سياساتها للشحن ضد الفلسطينيين بعد إن تم إدراج اسمها بين الشركات العاملة في المستوطنات الاسرائيلية".
وأضاف شهوان أن "سياسة أمازون كانت داعمة للسياسات الإسرائيلية في انتهاك القانون الدولي الذي يعتبر الاستيطان غير قانون ويتعارض مع قرار مجلس الأمن رقم 2334".