السفير الصيني لدى جمهورية مصر العربية لياو لي تشيانغ |
القاهرة 3 يوليو 2019 (شينخوا) نشر السفير الصيني لدى جمهورية مصر العربية لياو لي تشيانغ الذي تولي منصبه حديثا مقالا يحمل عنوان "يدا بيد لبناء مجتمع المصير المشترك الصيني المصري" فى بعض وسائل الإعلام المصرية، فيما يلي النص الكامل للمقال :
إن مصر هي أول دولة عربية وإفريقية أقامت العلاقات الدبلوماسية مع جمهورية الصين الشعبية. ومنذ إقامة العلاقات الدبلوماسية بينهما قبل 63 عاما، تتبادل الصين ومصر دائما الفهم والثقة والدعم، على الرغم من المسافة البعيدة التي تفصل بينهما.
وفي السنوات الأخيرة، شهدت العلاقات الصينية المصرية طفرة كبيرة تحت قيادة رئيسي البلدين. في عام 2014، قام فخامة الرئيس عبد الفتاح السيسي بزيارة دولة إلى الصين لأول مرة، حيث قرر مع فخامة الرئيس الصيني شي جين بينغ ترقية العلاقات الصينية المصرية إلى مستوى الشراكة الاستراتيجية الشاملة، قائلا إن هذه العلاقات تعتبر نموذجا يحتذى به للعلاقات بين دول العالم. في يناير عام 2016، قام فخامة الرئيس الصيني شي جين بينغ بالزيارة التاريخية لمصر، والتي ساهمت في تسريع وتيرة تطوير العلاقات الصينية المصرية والارتقاء بمستواها مساهمة كبيرة.
خلال الست سنوات الماضية، قام فخامة الرئيس عبد الفتاح السيسي بست زيارات للصين وعقد 8 لقاءات مع فخامة الرئيس الصيني، الأمر الذي عزّز التعاون العملي بين البلدين وسجل فصلا متميزا في تاريخ التواصل بين البلدين.
قبل أيام، شارك فخامة الرئيس الصيني شي جين بينغ وفخامة الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي في القمة الصينية الإفريقية المصغرة على هامش قمة أوساكا لمجموعة العشرين.
بصفتي السفير الـ17 لجمهورية الصين الشعبية لدى جمهورية مصر العربية الجميلة والخلابة، أحمل المهمة المجيدة المتمثلة في تعزيز الصداقة والثقة المتبادلة والتعاون بين البلدين، سعيا إلى مستقبل أفضل.
إنني أتشرف بحضور افتتاح بطولة كأس الأمم الإفريقية بمصر بعد وصولي إلى القاهرة بعدة أيام، والتي أتاحت لي فرصة لمشاهدة مباريات رائعة.
وأعرف كمحب لكرة القدم أن المنتخب المصري يتكون من النجوم العالمية مثل "الفرعون المصري" محمد صلاح، متمنيا للمنتخب المصري كل التوفيق والنجاح في بطولة كأس الأمم الإفريقية. خلال فترة بطولة كأس الأمم الإفريقية، انعقدت قمة مجموعة العشرين في مدينة أوساكا اليابانية، ويطيب لي تقديم بعض المعلومات حولها.
أولا، على هامش قمة أوساكا لمجموعة العشرين، انعقدت القمة الصينية الإفريقية المصغرة التي ترأسها فخامة الرئيس الصيني شي جين بينغ وشارك فيها كل من فخامة الرئيس المصري الرئيس الحالي للاتحاد الإفريقي عبد الفتاح السيسي وفخامة رئيس جنوب إفريقيا الرئيس المشارك السابق لمنتدى التعاون الصيني الإفريقي سيريل رامافوسا والرئيس السنغالي الرئيس المشارك الحالي لمنتدى التعاون الصيني الإفريقي ماكي سال والأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريس.
حيث أشار فخامة الرئيس الصيني شي جين بينغ إلى أن التطلعات الأصلية الصينية الإفريقية للتعاون المبني على الكسب المشترك والتنمية المشتركة لن تتغير، والعزيمة الصينية الإفريقية على بناء مجتمع مصير مشترك أوثق لن تتغير، على الرغم من الأوضاع الدولية المعقدة ومحاولة بعض القوى للتدخل.
إن الصين لها النية الصادقة والإجراءات الحقيقية لتعزيز التعاون مع إفريقيا، بصفتها صديقا حميما وأخا عزيزا وشريكا طيبا للقارة السمراء، وقد أحرز التعاون الصيني الإفريقي ثمارا وافرة تحت الرعاية الكريمة من فخامة الرئيس الصيني شي جين بينغ.
قال فخامة الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي خلال القمة الصينية الإفريقية المصغرة إن مصر تحرص على تقوية الشراكة الإفريقية الصينية والعمل المشترك على تحقيق أهداف أجندة الاتحاد الإفريقي 2063 وأجندة الأمم المتحدة 2030 للتنمية المستدامة.
كما تطرق إلى "مشروع طريق القاهرة - كيب تاون" و "مشروع الربط الملاحي بين بحيرة فيكتوريا والبحر المتوسط" وغيرهما من المشاريع الإفريقية الكبرى التي تدل على الطموح المصري لتحقيق التكامل الإفريقي.
وإنه من دواعي سرورنا أنه سيتم إنشاء منطقة التجارة الحرة القارية الإفريقية خلال رئاسة مصر للاتحاد الإفريقي، والتي ستمثل ضمانا قويا لتعزيز وحدة القارة الإفريقية وتتيح فرصة سانحة لإجراء التعاون الثلاثي بين الصين ومصر ودول إفريقية أخرى.
ثانيا، انعقدت قمة أوساكا لمجموعة العشرين في ظل الأوضاع الدولية المتغيرة والمعقدة. هل المجتمع الدولي سيلتزم بالتعددية أم سيتراجع إلى الأحادية؟ هل سيتمسك بالانفتاح أم سيتراجع إلى الانغلاق؟ طرح فخامة الرئيس الصيني مبادرة بناء النمط الجديد للعلاقات الدولية ومجتمع المصير المشترك للبشرية، الأمر الذي جسّد حكمة القيادة الصينية ومدى التزام الصين بمسؤوليتها الدولية.
خلال قمة أوساكا لمجموعة العشرين، دعا فخامة الرئيس الصيني شي جين بينغ إلى التعددية والتعاون والشمولية والكسب المشترك، مشيرا إلى أن الانفتاح هو تيار العصر الذي تترابط مصالح دول العالم فيه، ويجب على كافة الأطراف الالتزام بالحوكمة العالمية القائمة على التشاور والتشارك والتنافع والدفاع عن النظام الدولي المبني على القانون الدولي الذي يتخذ الأمم المتحدة كمحوره ومنظومة التجارة المتعددة الأطراف المبنية على القواعد التي تتخذ منظمة التجارة العالمية كمحورها، سعيا إلى صيانة التعددية والتجارة الحرة ودمقرطة العلاقات الدولية وبناء الاقتصاد العالمي المنفتح.
طرحت "رؤية مصر 2030" مشروع تنمية محور قناة السويس وهدف بلوغ معدل إجمالي الناتج المحلي 12 % بحلول 2030. فمن الضروري أن تستفيد مصر من الأيدي العاملة والأموال والتكنولوجيا والمعلومات وغيرها من عناصر الإنتاج في السوق الدولية، وتجد مكانها في السلسلة الصناعية العالمية.
أكد عضو مجلس الدولة وزير الخارجية الصيني وانغ يي أن امتداد الأحادية والحمائية يُضعِف الثقة المتبادلة والتعاون بين دول العالم ويشكل تهديدا لقواعد النظام الدولي ويؤدي إلى تراجع النمو الاقتصادي العالمي، فلا يوجد خيار أمامنا إلا التمسك بالتعددية التي لا تتناسب مع تيار الترابط الاقتصادي العالمي فقط، بل تساهم في الحفاظ على مصالح الدول النامية أيضا.
أما الأحادية، فتهدف إلى إبعاد الدول النامية عن الثورة الصناعية الرابعة لتكون ضحايا لتعديلات السلسلة الصناعية العالمية.
تمثل قناة السويس ممرا مائيا دوليا مهما، إذ تمر بها 80 % من البضائع غير النفطية المنقولة بين آسيا وأوروبا، وتستوعب قناة السويس سنويا مليار طن من البضائع أي ما يعادل 24 % من إجمالي حجم تجارة الحاويات العالمية.
في حالة تراجع التجارة متعددة الأطراف، لا يمكن لمصر أن تستفيد من موقعها الجغرافي، فإن الحفاظ على نظام التجارة المتعددة الأطراف عبارة عن الحفاظ على مصالحنا المشتركة.
ثالثا، عقد فخامة الرئيس الصيني شي جين بينغ اجتماعا لفت أنظار العالم مع فخامة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب.
حيث قال فخامة الرئيس الصيني شي جين بينغ إن الصين والولايات المتحدة تستفيدان من التعاون وتخسران في المواجهة، خاصة أن مصالح البلدين تترابط وتتشابك بشكل كبير، ويتعين عليهما العمل على تحقيق التنمية المشتركة من خلال التعاون في مختلف المجالات بدلا من المواجهة.
اتفق الرئيسان على استئناف المشاورات التجارية على أساس المساواة والاحترام المتبادل وعدم قيام الولايات المتحدة بفرض رسوم جمركية إضافية جديدة على المنتجات الصينية.
إن استقرار العلاقات الصينية الأمريكية له دور إيجابي في تطوير الاقتصاد العالمي وسيعود بالخير على شعوب العالم.
بعد اختتام قمة أوساكا لمجموعة العشرين، أكد فخامة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب أن الولايات المتحدة تسمح للشركات الأمريكية ببيع قطع الغيار لشركة هواوي وترحب بدراسة الطلاب الصينيين في الولايات المتحدة.
إن شركة هواوي شركة خاصة صينية مشهورة، وتمتلك تكنولوجيا 5G التي تمثل أفضل طريق لتحقيق التحول الرقمي في الدول النامية.
الآن تحتل شركة هواوي المرتبة الثانية في السوق المصرية للهواتف المحمولة، وتلعب دورا مهما لخدمة تطور مجالي الاتصالات والاقتصاد الرقمي بمصر.
رابعا، أعلن فخامة الرئيس الصيني شي جين بينغ خلال قمة أوساكا لمجموعة العشرين موقف الصين الإيجابي من فتح الأسواق وزيادة الواردات وتحسين بيئة الأعمال التجارية ودعم التجارة الحرة وتعزيز التكامل الاقتصادي الإقليمي وإجراءاتها الجديدة في هذا الصدد، معربا عن ترحيب الصين بمشاركة كل الشركاء في بناء "الحزام والطريق".
إن الإجراءات الصينية الجديدة للانفتاح تستشرف أفقا مشرقا لتعميق التعاون بين الصين ومصر وغيرها من الدول الواقعة على طول "الحزام والطريق".
تنتمي مصر إلى أوائل دول العالم التي أعربت عن دعمها لمبادرة "الحزام والطريق" وشاركت في بنائها.
في إبريل الماضي، حضر فخامة الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي الدورة الثانية لمنتدى "الحزام والطريق" للتعاون الدولي، قائلا إن مصر تحرص على ربط مبادرة "الحزام والطريق" بمشروع تنمية محور قناة السويس والارتقاء بمستوى التعاون الصيني المصري.
ستواصل الصين جهودها في دفع عجلة التعاون في القدرة الإنتاجية والبنية التحتية وغيرهما من المجالات، وفي مقدمتها مشروع إنشاء منطقة الأعمال المركزية بالعاصمة الإدارية الجديدة ومشروع القطار المكهرب الذي يربط بين مدينة العاشر من رمضان والعاصمة الإدارية الجديدة.
يعود التعاون الصيني المصري بفوائد كثيرة على البلدين والشعبين، على سبيل المثال، منطقة تيدا السويس للتعاون الاقتصادي والتجاري الصيني والمصري التي تعد مشروعا تعاونيا رئيسيا في إطار مبادرة "الحزام والطريق"، نجحت في جذب استثمارات بقيمة أكثر من مليار دولار أمريكي.
وفرت الاستثمارات الصينية في مصر فرص العمل لحوالي 40 ألف مصري وساعدت الموظفين المصريين على رفع قدراتهم الفنية والإدارية.
كما وفرت الصين فرص التدريب لمئات المهنيين المصريين في مجالات كثيرة، بما فيها مجالات التكنولوجيا العالية مثل الاستشعار عن بعد عبر الأقمار الاصطناعية.
في الأيام الأخيرة، أقيمت الدورة الأولى للمعرض الاقتصادي والتجاري الصيني والإفريقي في مقاطعة هونان الصينية.
حيث قامت مصر بعرض فرصها الاستثمارية ومناخها الاستثماري باعتبارها ضيف الشرف للمعرض، سعيا إلى جذب المزيد من الاستثمارات الصينية إلى مصر وتعزيز التعاون الثنائي في مجالات البنية التحتية وصناعة السيارات والزراعة والاتصالات وغيرها.
خامسا، تعتبر إقامة العلاقات الدبلوماسية بين الصين ومصر في العام 1956، نقطة الانطلاق لتطوير علاقات الصين مع الدول العربية والدول الإفريقية.
بعد أكثر من 60 عاما من الجهود الدؤوبة، قد أصبح التعاون بين الصين ومصر نموذجا يحتذى به للتعاون المخلص بين الصين والدول العربية والدول الإفريقية.
وتعتبر الصين كأكبر دولة نامية في العالم، الدول العربية والدول الإفريقية شركاء حيويين لها.
أنا على يقين بأن العلاقات الصينية المصرية لها آفاق واعدة. لماذا؟ لأنني استقبلت 4 وفود وزارية صينية زارت مصر منذ وصولي إلى القاهرة قبل أكثر من أسبوعين، واستقبلت في المطار سيادة رئيس مجلس النواب المصري الدكتور علي عبد العال الذي عاد من الصين بعد زيارته الناجحة للصين، وعقدت لقاءات كثيرة مع مسؤولين من الجهات المصرية المعنية وحضرت العديد من الفعاليات مثل مهرجان الأفلام السينمائية الصينية بمناسبة الذكرى الـ70 لتأسيس جمهورية الصين الشعبية.
أنا سعيد جدا بهذا النوع من العمل الذي يجسد مدى العلاقات الصينية المصرية، متمنيا مستقبلا مشرقا للشراكة الاستراتيجية الشاملة بين الصين ومصر.
إن الصين على استعداد لبذل جهود مشتركة مع مصر لمواجهة كافة التحديات وخدمة التنمية والازدهار على المستويين الإقليمي والعالمي.