طرابلس 7 يونيو 2019 / يخيم الجمود العسكري في ليبيا على المعارك الدائرة بين قوات "الجيش الوطني" التي يقودها المشير خليفة حفتر وقوات حكومة الوفاق الليبية جنوب العاصمة طرابلس مع الدخول في الشهر الثالث منذ بدء المعارك، دون ملامح واضحة لحسم المعارك لصالح طرف بعينه.
وعلى الرغم من الهجمة السريعة لقوات المشير حفتر بداية الهجوم على طرابلس، لكن قواته اصطدمت بتنظيم قوات حكومة الوفاق السريع مع دخول لافت للمجموعات المسلحة القادمة من مصراتة الأكثر تسليحا وتمرسا في القتال.
وأوضح فرج التكبالي، المحلل السياسي الليبي، في حديثه لوكالة أنباء (شينخوا) اليوم (الجمعة)، أن المعارك الدائرة جنوب وحول العاصمة طرابلس، أصابها الجمود لعوامل عديدة أبرزها توازن القوة بين الطرفين.
وأضاف "القوة التي هاجمت بها قوات المشير حفتر العاصمة طرابلس كبيرة، وكان متوقعا منها حسم المعركة خلال أيام، لكن تجهيز حكومة الوفاق والمجموعات المسلحة التي تساندها جعل الكفة متوازنة نوعا ما، خاصة وأن الطرفين لديهما ذات القدرة على شن هجمات برية مصحوبة بغطاء جوي".
وأشار إلى أن طرفي الصراع لم ينجحا في قراءة قوة كل طرف بشكل دقيق، ما يجعل مشهد الحرب النهائي "غير واضح ولا يمكن التكهن بنتائجه".
وتشهد ليبيا معارك قرب طرابلس بين قوات "الجيش الوطني" وقوات موالية لحكومة الوفاق، منذ إعلان المشير حفتر، في الرابع من أبريل الماضي عن عملية عسكرية لـ"تحرير طرابلس" قابلتها حكومة الوفاق بعملية "بركان الغضب" لصد الهجوم.
وتسببت المعارك في سقوط أكثر من 600 قتيل وأكثر من 3 آلاف جريح، مع نزوح أكثر من 75 ألف مدني من مواقع الاشتباكات، بحسب الأمم المتحدة.
أما ميلود الحاج، الأستاذ الجامعي، فيرى أن الحرب لن تحسم خلال فترة قصيرة، خاصة وأن السلاح يصل إلى الطرفين بشكل منتظم، وبالتالي فإن المعارك تأخذ طابع استمرارية لن تتراجع وتيرتها بسرعة.
وتابع الحاج، في تصريح لـ(شينخوا)، "هناك حرص من الدول التي تدعم كل طرف سواء قوات حفتر أو الوفاق، على عدم إيقاف الإمداد العسكري لهما، وهو يعني أن أهم عنصر إلى الجانب البشري متوفر، والمتمثل في السلاح بل وصل الأمر دعم الطرفين بطائرات مسيرة تنفذ ضربات جوية في المواقع التي يسيطر عليها حفتر أو تلك التي تحت سيطرة الوفاق".
وأكد غسان سلامة المبعوث الأممي الخاص إلى ليبيا خلال إحاطته الأخيرة أمام مجلس الأمن، استمرار تلقي طرفي النزاع للسلاح في خرق صريح لقرارات حظر توريد السلاح إلى ليبيا المفروضة على ليبيا منذ أكثر من 8 سنوات.
ويفرض مجلس الأمن بموجب القرارين رقمي 1970 و 2292 للعامين 2011 و 2016؛ على جميع الدول "منع توريد الأسلحة وما يتصل بها من عتاد إلى ليبيا، ويشمل ذلك الأسلحة والذخيرة والمركبات والمعدات العسكرية والمعدات شبه العسكرية وقطع الغيار".
كما يجاز "تفتيش السفن في عرض البحر قبالة سواحلها بالقوة".
لكن هذه القرارات لا تحظى بالتزام كامل، حيث يتم نقل بانتظام شحنات السلاح إلى ليبيا، بحسب الأمم المتحدة.
وتعاني ليبيا من فوضى أمنية وصراع على السلطة في ظل انتشار السلاح، منذ الإطاحة بنظام معمر القذافي العام 2011.
أما العميد أحمد الحسناوي، فيعتقد أن الحرب التي تشهدها جنوب طرابلس، هي حرب وجود بين الجيش وبين المجموعات المسلحة.
وتابع الضابط المتقاعد "الجيش حضر كثيرا لمعركة تحرير طرابلس من المجموعات المسلحة وكل من يتحالف معها، وبالتالي لن يقبل إلا بتحريرها تماما ولو استمر الأمر أشهر وسنوات، مثلما استمرت تحرير بنغازي أكثر من عامين من الإرهاب".
وعن أسباب صمود قوات حكومة الوفاق والمجموعات التي تقاتل معها، قال "من الطبيعي الصمود أمام تقدم الجيش الوطني، لأن هذه المجموعات تعرف جيدا أن مصيرها إما تسليم أنفسها وسلاحها أو مواجهة الموت، لذلك هي في معركة مصيرية".
وبخصوص مشاركة قوات مصراتة بكل قوتها في الحرب خاصة خلال الأيام القليلة الماضية، أوضح الحسناوي "مصراتة لم تنزل بكامل قوتها وعتادها منذ البداية، لكنها تشعر أن الدور المقبل عقب تحرير طرابلس ستكون مدينة مصراتة الهدف المقبل للجيش، لذلك ترى أن الحرب في طرابلس هي مثل الخط الدفاعي الأمامي عن التحرك المستقبلي للجيش صوب مصراتة".
ولفت إلى أنه بالرغم من مشاركة قوات مصراتة في المعارك، لكنها لن تستطيع الصمود أمام حرب الاستنزاف لقواتها التي ينفذها الجيش بحرفية عالية.
وتعد مدينة مصراتة ثالث أكبر مدينة ليبية ويبلغ عدد سكانها نصف مليون من إجمالي 7 ملايين عدد سكان ليبيا، وتعد من أهم المدن التي كان لها دور كبير في الإطاحة بنظام القذافي العام 2011.
كما تعد المدينة واحدة من أكثر المدن تسليحا ولديها كتائب عسكرية الأكبر على مستوى مدن البلاد.
وتمثل كتائب مصراتة المشاركة في علمية "بركان الغضب" التي أطلقتها حكومة الوفاق الوطني لصد هجوم الجيش الذي يقوده المشير خليفة حفتر على طرابلس، تعد الأكبر تمثيلا بين القوات المشاركة في العملية.