سنغافورة 2 يونيو 2019 / قال عضو مجلس الدولة ووزير الدفاع الصيني وي فنغ خه خلال خطابه الذي ألقاه في حوار "شانغري-لا" الـ18 اليوم (الأحد) إنه "في الوقت الذي نسعى فيه لتحقيق الازدهار المشترك في منطقة آسيا-الباسيفيك، يجب علينا احترام المصالح الأساسية والتكيف مع المخاوف الأمنية للجميع."
وأضاف وي "فى الصين لا نتلمس مصالح الآخرين ولا نحسدهم عليها. بيد أننا لن نتخلى أبدا عن حقوقنا ومصالحنا المشروعة. وينبغي ألا تتوقع أية دولة من الصين أن تسمح بانتهاك سيادتها وأمنها ومصالحها التنموية."
وهذه هي المرة الأولى التي يحضر فيها وزير دفاع صيني حوار "شانغري-لا" منذ ثماني سنوات.
وقال لي مينغ جيانغ، الأستاذ المساعد في جامعة نانيانغ التكنولوجية في سنغافورة، إن الصدق والصراحة وعدم التهرب من الأسئلة الصعبة من جانب وي أعطى الوفود انطباعا جيدا.
التعاون يفيد الصين والولايات المتحدة
ولفت وزير الدفاع الصيني إلى أن العام الجاري يوافق الذكرى الـ40 لإقامة العلاقات الدبلوماسية بين الصين والولايات المتحدة، لافتا إلى أن العلاقات الثنائية شهدت نموا مطردا في السنوات الأربعين الماضية، رغم كل مراحل الصعود والهبوط التي مرت بها.
وأوضح أن "أهم درس تعلمناه من العلاقة المستمرة منذ أربعة عقود يتمثل في أن التعاون يفيد الجانبين بينما تضر المواجهة بكليهما."
وأشار لي إلى أن خطاب وزير الدفاع الصيني تناول الجزء الأساسي من سياسة الصين تجاه الولايات المتحدة، وهو "المواجهة ولكن دون قطع"، لافتا بقوله "لقد رأينا المواجهة، لكنّ وي شدد أيضا على التعاون، وهو أمر مهم جدا للجميع، حتى لا تضطر الدول الإقليمية إلى الاختيار بين الجانبين."
وخلال خطابه، أشار وزير الدفاع الصيني إلى أن الجيشين الصيني والأمريكي اتفقا على بناء علاقاتهما لتكون عامل استقرار للعلاقات الشاملة، والحفاظ على التواصل المنتظم على المستوى الاستراتيجي، وإدارة المخاطر ومنع الصراعات.
وقال وزير الدفاع الصيني إن "الجانبين يدركان أن الصراعات العسكرية أو حتى الحرب بينهما ستجلب الكوارث للبلدين والعالم. ويتطلب التعاون مشاركة الجانبين، ولكن لا يتطلب بدء الصراع سوى جانب واحد فقط."
وقال فرانسوا هيسبورج، مستشار بارز في المعهد الدولي للدراسات الاستراتيجية ومقره لندن، إن خطاب وي اتفق مع تصريحات القائم بأعمال وزير الدفاع الأمريكي باتريك شاناهان التي أدلى بها قبل يوم بشأن بناء علاقة عسكرية ثنائية لتصبح عامل استقرار للعلاقات الشاملة.
وأضاف هيسبورج "لذلك أعتقد أن الجيشين لديهما بعض المجال للحصول على درجة من الحفاظ على طبيعة العلاقات. لكن هذا سيعتمد على التطور السياسي."
وقال وزير الدفاع السنغافوري نج إنج هن إن جميع وزراء الدفاع المشاركين في الحوار إلى جانب الوفود المشاركة الأخرى سعدوا بسماع وي وهو يؤكد أن الجيش الصيني سيتفاعل بشكل أكبر مع الجيش الأمريكي وسيطور علاقة أفضل معه.
وأوضح "هذه أخبار سارة لنا جميعا. فمن المنظور السنغافوري، تقوية التفاعل بين الجانبين سيساعد في تقليل المخاطر وتقليل سوء التقدير لأي من الطرفين."
أمن آسيا-الباسيفيك
وخلال حوار العام الجاري، اجتمع أكثر من 600 وزير دفاع وصانع سياسة وخبراء من نحو 40 دولة من الجمعة إلى الأحد لمناقشة القضايا الأمنية في منطقة آسيا-الباسيفيك.
وقال وزير الدفاع الصيني "يتعين علينا احترام الشواغل الأمنية المشروعة لبعضنا البعض واستيعابها. تتفهم الصين سيادة واستقلال ووحدة أراضي جميع الدول وتحترمها، وتدعم النظم الاجتماعية ومسارات التنمية التي تختارها بشكل مستقل."
وأشار لي قائلا "لقد أوضح الوزير بشكل منهجي مفهوم الصين بشأن نظام الأمن الدولي والسلام والاستقرار العالميين والأمن والسلامة الإقليميين، وشرح بعض الإجراءات المحددة للصين، وقد أسفرت هذه الأمور عن نتائج إيجابية."
فعلى سبيل المثال، دحض وي الادعاء بأن الصين تعمل على عسكرة جزر بحر الصين الجنوبي والحيود البحرية به.
وقال إنها "حقوق مشروعة لدولة ذات سيادة أن تنفذ أعمال البناء على أراضيها، حيث بنت الصين منشآت دفاعية محدودة على الجزر والحيود للدفاع عن النفس. فحيثما توجد تهديدات، توجد دفاعات."
ولفت وي إلى أن الوضع الحالي في بحر الصين الجنوبي يتحسن نحو مزيد من الاستقرار. فهناك أكثر من 100 ألف سفينة تبحر عبر بحر الصين الجنوبي سنويا "دون أن يتعرض أيا منها للتهديد."
وقال روميل بانلاوي، رئيس معهد الفلبين لبحوث السلام والعنف والإرهاب، إن وي تحدث عن التقدم الذي أحرزته الصين ورابطة دول جنوب شرق آسيا (آسيان) في التفاوض بشأن مدونة قواعد السلوك، قائلا "نتطلع إلى نتائج ذلك التقدم".
ولفت وي بقوله "ومع ذلك، هناك دائما أناس يحاولون جني الأرباح من خلال إثارة المشكلات في المنطقة"، مضيفا أن بعض الدول من خارج المنطقة أتت في السنوات الماضية إلى بحر الصين الجنوبي لاستعراض العضلات، باسم حرية الملاحة."
ونوّه إلى أن "إظهار القوة على نطاق واسع والعمليات الهجومية في المنطقة أخطر عوامل عدم الاستقرار وعدم اليقين في بحر الصين الجنوبي."
كما تحدث وزير الدفاع الصيني عن اختيارات الصين للسلام والتنمية والانفتاح والشمول والتعاون المربح للجميع والتفاهم المتبادل بين الحضارات وكذلك التزامها بالازدهار والاستقرار على الصعيدين الإقليمي والعالمي.
وبدوره، قال تشو بو، مدير مركز التعاون الأمني في مكتب التعاون العسكري الدولي التابع لوزارة الدفاع الصينية، إن الصين تلعب دورا متزايد الأهمية في أمن آسيا-الباسيفيك، وهناك أنواع مختلفة من آليات الأمن في المنطقة. "ولهذا السبب أكد وي مجددا أن كل آلية أمنية تحتاج إلى أن تكون مفتوحة وشاملة وشفافة."
ولفت بانلاوي "نريد من الصين أن تكون لديها القدرة العسكرية من أجل الإسهام في الحفاظ على السلام العالمي. ونريد أيضا وجود جيش صيني قوي من أجل تعزيز دور الصين في جهود حفظ السلام في جميع أنحاء العالم ونريد أن يحدث ذلك."
وقال أسانجا أبيياجوناسيكيرا، المدير العام لمعهد دراسات الأمن القومي في سريلانكا، إن "استراتيجية الصين استراتيجية شاملة تحاول جمع كل الأمم معا وتحاول خلق قيمة مشتركة."
قضية تايوان
فيما يتعلق بالقضايا الأساسية المتعلقة بتايوان الصينية، أكد وي مجددا موقف الصين الثابت وحذّر من محاولة أية قوات لفصل الجزيرة عن البلاد.
وقال وزير الدفاع الصيني إن قضية تايوان تتعلق بسيادة الصين وسلامة أراضيها، ويجب أن تكون الصين موحّدة وأن تظل كذلك، مضيفا أنه "إذا تجرأ أحد على فصل تايوان عن الصين، فلن يكون أمام الجيش الصيني خيار سوى القتال بأي ثمن من أجل الوحدة الوطنية."
وأوضح أنه لن تنجح أية محاولات لتقسيم الصين، وأن التدخل الأجنبي في قضية تايوان محكوم عليه بالفشل.
أما بالنسبة إلى تصريحات القائم بأعمال وزير الدفاع الأمريكي باتريك شاناهان التي أدلى بها أمس السبت والتي قال فيها إن الولايات المتحدة ستقدم الدعم اللازم لتايوان وفقا "لقانون علاقات تايوان"، قال وي "لا يمكننا إيجاد أسباب مبررة للتدخل الأمريكي في قضية تايوان من خلال قانونها المحلي."
ولفت لي، الأستاذ المساعد في جامعة نانيانغ التكنولوجية في سنغافورة، إلى أن تصريحات وي بشأن تايوان كانت قوية وحاسمة، وعكست تصميم الصين على عدم وجود مجال للتسوية في هذه القضية. وأضاف لي أن وزير الدفاع الصيني أوضح أيضا للولايات المتحدة ألا يذهبوا بعيدا بشأن تايوان.
وأشار هيسبورج، المستشار البارز في المعهد الدولي للدراسات الاستراتيجية، إلى أن خطاب وزير الدفاع الصيني كان "مثيرا للإعجاب للغاية"، مضيفا أن الوزير "قال مرتين بأي ثمن من أجل الوحدة الوطنية، وسيؤخذ هذا على محمل الجد."
ويعقد المعهد الدولي للدراسات الاستراتيجية، وهو مركز بحوث بريطاني، والحكومة السنغافورية بشكل مشترك، حوار "شانغري-لا"، المعروف رسميا باسم قمة أمن آسيا، سنويا منذ عام 2002.