عدن، اليمن 9 مارس 2019 /شرد آلاف الأطفال اليمنيين في الشوارع بسبب النزاع العسكري المتزايد الذي اندلع بين قوات الحكومة اليمنية والحوثيين في 2015.
ومازال عدد أطفال الشوارع في تزايد كل يوم بسبب القتال المتواصل الذي امتد إلى المزيد من المحافظات في الدولة العربية الفقيرة، في ظل نقص الحلول السياسية لإنهاء الحرب الأهلية المستمرة منذ أربعة أعوام.
وأصبحت المحافظات التي تسيطر عليها الحكومة، ومن بينها مدينة عدن الساحلية جنوبي البلاد، العاصمة اليمنية المؤقتة، أول مقصد لآلاف الأطفال الذين هربوا من مدنهم التي دمرتها الحرب والمجاعة.
في كل يوم يغادر الطفل أحمد البالغ من العمر عشرة أعوام، مخيم المشردين في ضواحي عدن ويتجه إلى الشوارع الرئيسية في المدينة للحصول على الطعام أو الأموال من المتسوقين العابرين وسائقي السيارات، مثل آلاف الأطفال الآخرين الذين يعيشون في فقر.
وقال أحمد إياد الذي يقضي معظم وقته في الشوارع "بعد خسارة عددا من أفراد أسرتي، من بينهم والدي، غادرت مع والدتي وثلاث شقيقات إلى عدن وأحاول أن افعل كل شيء للحصول على أموال من أجل البقاء."
ويتحمل أحمد الذي يرتدي ثوبا متسخة يبدو أنه لم يغيره منذ أيام، قضاء معظم الوقت تحت إشعة الشمس الحارقة في شوارع عدن يصارع على أمل الحصول على أموال لشراء الطعام لأسرته.
قال أحمد وهو جالس على الرصيف ليأخذ قسطا من الراحة "في بعض الأوقات أنجح في الحصول على أموال عن طريق التسول في الشوارع ولكن في أغلب الأوقات أفشل في هذا لأن معظم الأشخاص فقراء وليس لديهم ما يقدمونه."
وكان للحرب الجارية تأثير مدمر على تعليم الأطفال. حيث إن هناك مليوني طفل يمني تركوا المدارس ولديهم فرص "محدودة للغاية" للعودة إلى التعليم.
وذكرت تقارير نشرتها الأمم المتحدة، أن مدرسة من بين كل خمس مدارس تضررت أو دمرت أو تستخدم كمأوي أو لأغراض عسكرية في اليمن.
وكان مروان ياسر عمره تسعة أعوام، أحد ضحايا العنف والحرب الأهلية التي أثرت بشكل كبير على قطاع التعليم في اليمن، مما دفع آلاف الأطفال إما إلى التجنيد العسكري المبكر أو التشرد في الشوارع.
قال مروان "لقد فقدت الأمل في التعليم بعد أن رأيت إغلاق مدرستي وبدأ الجنود يستخدمون الفصول المدرسية كمخازن للأسلحة والألغام الأرضية."
وانضم مروان إلى عدد من أصدقائه بعد خروجه من مدرسته الابتدائية ،وبدأ يتعلم دروسا جديدة في التسول في الطرقات، بالإضافة إلى عمله كبائع متجول يومين في الأسبوع.
وقال مروان "لقد أجبرتني الحرب على العمل في التسول معظم الوقت وأعمل يومين فقط كبائع متجول من أجل جميع الأموال لأنه ليس هناك أحد سيطعمني."
ودفع أطفال يمنيون آخرون، كانوا قد فروا من المناطق التي مزقتها الحرب في الجزء الشمالي من البلاد الذي يسيطر عليه الحوثيون، إلى العمل في سن مبكر بهدف تزويد أسرهم النازحة بالمتطلبات الأساسية.
ويجوب عدد من الأطفال الشوارع الرئيسية في حي الشيخ عثمان في عدن بعد فشلهم في الحصول على فرص عمل، حتى في النجارة أو المطاعم.
وقال صديق محمد (13 عاما) الذي يقوم بغسل السيارات لكسب الرزق "إنني أبحث عن عمل منذ وصولي إلى هنا منذ شهرين ولكن أصحاب المطاعم رفضوا قبولي بالعمل حتى كنادل مقابل أجر قليل جدا."
وقد عقدت آمال كبيرة على أن تمهد اتفاقية استوكهولم حول مدينة الحديدة الاستراتيجية الواقعة على البحر الأحمر، الطريق من أجل تحقيق سلام دائم في الدولة العربية الفقيرة، كخطوة أولى لانهاء النزاع العسكري المستمر منذ أربعة أعوام.
ولكن بنود اتفاقية استوكهولم لم تطبق على أرض الواقع وفشل الطرفان المتحاربان في اليمن في سحب قواتهما من ميناء المدينة والضواحي المجاورة بل واصلا التجهيز لتصعيد عسكري جديد.
ويعتقد مراقبون يمنيون أن الفشل في تطبيق اتفاقية استوكهولم بشأن الحديدة سوف يفتح الباب واسعا أمام استئناف العمليات العسكرية بين الطرفين المتحاربين خلال الأسابيع القادمة.
ودخلت الدولة العربية الفقيرة في حرب أهلية منذ أن اجتاحت جماعة الحوثيين المدعومة من إيران معظم أجزاء البلاد عسكريا واستولت على جميع المحافظات الواقعة شمالي البلاد، ومن بينها مدينة صنعاء عام 2014.
وقادت السعودية تحالفا عسكريا عربيا تدخل في اليمن في 2015 بهدف دعم حكومة الرئيس عبد ربه منصور هادي بعد أن أجبره الحوثيون على العيش في المنفى.
ودخل النزاع العسكري الداخلي بين جماعة الحوثيين التي تدعمها إيران والحكومة اليمنية التي تدعمها السعودية، عامه الرابع، ما أدى إلى تفاقم معاناة اليمنيين وتعميق أسوأ أزمة إنسانية شهدها العالم حتى الآن.