واشنطن أول نوفمبر 2018/قال رئيس مجموعة البنك الدولي جيم يونغ كيم إن سياسة الإصلاح والانفتاح الصينية خلال أكثر من 40 عاما مضت، قد حوّلت البلاد إلى ثاني أكبر اقتصاد بالعالم، وتوفر دروسا رائعة للدول النامية الأخرى لتحقق النجاح الاقتصادي والقضاء على الفقر.
نجاحات الانفتاح
قال كيم في مقابلة مع ((شينخوا)) مؤخرا، قبيل زيارته للصين، تستمر من أول نوفمبر الحالي وحتى الـ7 منه "إن 4 عقود من الإصلاح هي التي جعلت الصين في مكانتها الحالية، كثاني أكبر اقتصاد بالعالم، وأحد بلدان قليلة ستنجح قريبا في الارتقاء من دخل منخفض إلى دخل عال".
وأكد على أن حصة مساهمة الصين في الاقتصاد العالمي قد ارتفعت من 1.5% في عام 1978 إلى نحو 15% حاليا، وفي الوقت نفسه ارتفع معدل دخل الفرد فيها بواقع 25 ضعفا، من 300 دولار عام 1978 إلى 7300 دولار في عام 2017.
وأوضح "أن فهم الطريق الذي سارته الصين، والقرارات التاريخية التي اتخذتها، وتأثيرها على مسيرة الاقتصاد الصيني، يمكنها إلهام صناع القرار في الدول الأخرى لتحقيق نتائج مماثلة في بلدانهم، ولمواطنيهم".
وأشار بالتحديد إلى درسين هامين يمكن للدول النامية الأخرى تعلمهما من النجاح الاقتصادي الصيني، وهما:
أولا، إن برنامج الصين للإصلاح والانفتاح هو الأساس للنمو السريع الذي مكّن الناس في الصين من نفض غبار الفقر عنهم، وحيث تمكن مئات الملايين من المواطنين الريفيين من بناء حياة أفضل بالمدن.
ثانيا، الجهود الدؤوبة والمخلصة لمكافحة الفقر بإجراءات دقيقة وهادفة، مستخلصة من مسيرة الإصلاح.
وأضاف أنه "منذ البداية، حظيت جهود مكافحة الفقر بدعم سياسي قوي من أعلى مستويات الحكومة، وتم إنشاء منظمات منفصلة أخرى تكرس جهودها لمكافحة الفقر".
مشاريع مبادرة الحزام والطريق
في وقت تعاني فيه الكثير من الدول النامية والأسواق الناشئة "من عجز هائل في البنى التحتية"، تأتي مبادرة الحزام والطريق التي اقترحتها الصين، لتؤكد وتركز على "تحقيق ترابط وتكامل أوسع"، والتحرك لأبعد من مجرد بناء طرق وجسور وسكك حديدية، وفقا لما قاله رئيس البنك الدولي.
وأضاف أنه "يتعين على الدول الواقعة على طول الحزام والطريق أن تعمل على تطوير إجراءات الحدود والجمارك، وتسهيل التجارة، ومناخ الاستثمار، من أجل الاستفادة التنموية القصوى من الاستثمارات والبنى التحتية".
وحسبما يرى كيم فإن حجم ومدى مشاركات مبادرة الحزام والطريق عبر الحدود، واستثماراتها في مجالات البنى التحتية ونجاح هذه الاستثمارات، "يعتمد كثيرا على الحيوية العامة لمشاريعها، وعلى الإمكانية المؤسسية للدول".
وأكد على أن مجموعة البنك الدولي على أتم الاستعداد لدعم مشاريع مبادرة الحزام والطريق، بفضل ما تمتلكه المجموعة من خبرات في مشاريع مماثلة وإمكانيات مؤسسية متميزة، تغطي قطاعات خاصة وعامة وخدمات مالية وغير مالية، مثل الضمانات وسبل تسوية الخلافات الاستثمارية.
وقال أيضا إن مجموعة البنك الدولي تجري دراسة شاملة حول الأثر الاقتصادي لمبادرة الحزام والطريق، بحيث توفر أفضل النصائح لصانعي السياسات في الدول الواقعة على طريق المبادرة. وتتعاون المجموعة أيضا مع المؤسسات الصينية، لوضع معايير لهذه المبادرة، وخاصة في مجالات تكبح الفساد.
يذكر أن مبادرة الحزام والطريق(الحزام الاقتصادي لطريق الحرير، وطريق الحرير البحري للقرن الحادي والعشرين) قد اقترحتها الصين عام 2013، وتهدف إلى تحقيق ترابط في السياسات والبنى التحتية والتجارة والمالية، والتواصل بين الشعوب، على طول طرق الحرير العريقة، بما يسهم في بناء منصة للتعاون الدولي، وخلق عوامل دفع جديدة للنمو الاقتصادي بالعالم.
نهج متعدد الأطراف
وفي مواجهة تزايد التوترات التجارية حول العالم، سعى البنك الدولي وصندوق النقد الدولي ومنظمة التجارة العالمية، إلى العمل معا وتوحيد الجهود للدعوة لتجارة منفتحة وتكامل أكبر من أجل ضخ الحيوية في النظام التجاري المتعدد الأطراف.
قال كيم "هناك سبب بسيط يدفع البنك الدولي إلى تعزيز التجارة المنفتحة، وهو أن التجارة هي المحرك للنمو الذي يخلق فرص العمل ويقلل الفقر، ويزيد الفرص الاقتصادية"، مضيفا أن أكثر من مليار شخص قد تخلصوا من الفقر بفضل النمو الاقتصادي الناجم عن التجارة المنفتحة منذ عام 1990.
وخلال زيارته التي تدوم أسبوعا للصين، سيزور كيم شانغهاي، حيث يقام معرض الصين الدولي الأول للواردات، خلال الفترة من 5 نوفمبر الحالي إلى 10 منه.
ويعتبر هذا المعرض خطوة مهمة جدا من الحكومة الصينية، لتحقيق المزيد من انفتاح أسواق الصين أمام العالم.
وحتى الآن، أعلنت أكثر من 3000 شركة، من بينها أكثر من 20 مؤسسة بارزة في صناعاتها، من أكثر من 130 بلدا ومنطقة في أنحاء العالم، حضورها ومشاركتها في هذا المعرض.
وقال كيم "نثمن قرار الحكومة الصينية مؤخرا بتقليل الرسوم الجمركية على 40% من أصناف الواردات، وندرك تماما أن معرض الصين للواردات سيكون معرضا يبرز انفتاح الصين الهائل أمام الواردات، وكل هذه الخطوات في الاتجاه الصحيح فعلا".
وأضاف "ندعم الصين في مساعيها لتوسيع الواردات، ومعالجة عدم التوازن التجاري بالعالم".
وسيشارك كيم، ومعه رؤساء خمس مؤسسات اقتصادية ومالية عالمية أخرى، في لقاء طاولة مستديرة، يحضره رئيس مجلس الدولة الصيني لي كه تشيانغ، في 6 نوفمبر.
وسيكون هذا اللقاء هو الثالث من نوعه الذي يعقده لي ورؤساء المؤسسات المالية والاقتصادية العالمية، حيث عقد اللقاءان السابقان في عامي 2016 و2017.
قال كيم "إن في صلب ما سنناقشه هو تأكيد ضرورة التعاون الوثيق المستمر لمواجهة التحديات التي تتطلب نهجا متعدد الأطراف، رغم بعض الصعوبات المتزايدة".