بقلم/ جين ليانغ شيانغ، استاذ مساعد بمعهد شانغهاي للدراسات الدولية
أعلن الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب في 8 مايو 2018، انسحاب الولايات المتحدة من الاتفاقية النووية الإيرانية، وفي 6 أغسطس، استأنفت الولايات المتحدة أول موجة من العقوبات ضد إيران، وفي 4 نوفمبر، ستطلق الولايات المتحدة موجة ثانية من العقوبات ضد إيران. ورغم أن العقوبات ضد إيران سيكون لها تأثير خطير على الاقتصاد الإيراني، إلا أنه لا يمكن المبالغ فيه، حيث أن إيران لاتزال تنبض بالحياة، كما أن سياسة العقوبات متوسطة وطويلة الاجل ستنهار حتما.
العقوبات الأمريكية المفروضة على إيران بسبب القضية النووية الإيرانية، جزء فقط من العقوبات ضد إيران بعد الثورة الاسلامية. ومحتوى العقوبات واسع جدا، أهمها العقوبات المالية والجزاءات المفروضة على الطاقة. وقبل فرض العقوبات، صادرات النفط الايراني حوالي2.5 مليون برميل يوميا.
صحيح أن استئناف الولايات المتحدة فرض العقوبات ضد إيران سيتسبب في أضرار جسيمة للاقتصاد الإيراني على المدى القصير. حيث شهدت العملة الايرانية الريال انخفاضا حادا بعد فترة وجيزة من اعلان ترامب انسحابه من الاتفاق النووي الإيراني، من 40،000 ريال لدولار أمريكي واحد إلى 110،000 ريال لدولار أمريكي واحد وبلغت إحدى الفترات الزمنية حتى 190 ألف ريال إلى دولار أمريكي واحد. وبسبب الخوف من العقوبات ايضا، بدأت الشركات في بعض البلدان، مثل شركة توتال الفرنسية الانسحاب من السوق الإيرانية. وإن إعادة فرض العقوبات سيكون لها تأثير كبير على السياسة الداخلية لإيران. وانسحاب إدارة ترامب من الاتفاق النووي الإيراني قد أضر كثيرا بهيبة روحاني وتأثير الإصلاحيين الإيرانيين. وفي النصف الأول من عام 2019، يتوقع أن تعود القوات المحافظة في الانتخابية البرلمانية الإيرانية تحت ضغط العقوبات الامريكية.
ورغم أن العقوبات ستضع إيران في وضع صعب للغاية على المدى القصير، لكن هذا لا يعني أن إيران لا تستطيع مقاومة ضغوطات العقوبات، ولا ينبغي المبالغة في تأثير العقوبات على الاستقرار السياسي الداخلي لإيران.
أولا، الاستراتيجية الايرانية للتعامل مع العقوبات ناضجة نسبيا
ستحل الذكرى الأربعين للثورة الاسلامية الايرانية التي شنت في عام1979. وقد خضعت إيران للعقوبات الامريكية خلال هذه السنوات الاربعين، وبشكل عام، فإن العقوبات لم تدمر النظام الايراني بالرغم من التصاعد المستمر الذي تشهده. ويرجع السبب الرئيسي في ذلك إلى قيام إيران بتشكيل مجموعة فريدة من التدابير والاجراءات المضادة للعقوبات طويلة الاجل، بما في ذلك المقايضة التجارية. وتبدو هذه الاساليب غير فعالة ومكلفة في سياق العولمة الاقتصادية ومستوى التحديث، لكن يبدو أنه يساعد دائما إيران على التغلب على الصعوبات.
ثانيا، انخفاض العقوبات تدريجيا أو حتى الانهيار مع مرور الوقت
عند بداية فرض العقوبات على إيران، خشيت جميع الدول التي تربطها علاقات اقتصادية وتجارية مع إيران من ضغوطات العقوبات التي تفرضها الولايات المتحدة وتدني المعالجة للعلاقات الاقتصادية والتجارية مع إيران. لكن بعد مرور فترة من الزمن، استأنف الشركاء الاقتصاديون والتجاريون تدريجيا العلاقات الاقتصادية والتجارية مع إيران. وفي الوقت نفسه، لن تتمكن الولايات المتحدة من مواصلة الضغط على إيران لفترة طويلة لأسباب مختلفة. لذلك، ستصبح الثغرات أكبر وأكبر وتنتهي في النهاية بانهيار العقوبات.
في الواقع، هناك العديد من الحالات انهارت فيها العقوبات الامريكية ضد إيران. في عام 2012، فرضت الولايات المتحدة عقوبات على قطاعي المالية والطاقة الإيرانيين، لكن تم بعد ذلك تخفيف العقوبات من خلال الاعفاءات. وقبل التوصل الى الاتفاق النووي الايراني، عادت صادرات النفط الإيرانية بشكل أساسي إلى مستويات ما قبل العقوبات. كما يشكل انهيار العقوبات جزءا من القوة الدافعة لإدارة أوباما للوصول إلى اتفاق نووي إيراني من خلال المفاوضات.
ثالثا، إيران تواجه بيئة دولية مؤاتية نسبيا
البيئة الدولية التي تواجه إيران اليوم أفضل بكثير من عام 2012. في عام 2012، حافظت الولايات المتحدة بقيادة إدارة أوباما على علاقة ودية نسبيا مع القوى الكبرى. وبعد التنسيق الدبلوماسي، لا تزال سياستها النووية الإيرانية تحظى بدعم القوى الكبرى. وعلى الرغم من أن العقوبات الامريكية ضد إيران لم تحظ بدعم الصين وروسيا، لكنها تلقت دعما من الدول الاوروبية الكبرى مثل بريطانيا وفرنسا وألمانيا. لكن بعد دخول 2018، الاختلافات بين الدول الكبرى والولايات المتحدة لا تقتصر في التجارة الحرة وانما في العديد من القضايا الاخرى، وخاصة القضية النووية الايرانية. وأن هذه الدول الكبرى لا تعارض بقوة انسحاب إدارة ترامب من الصفقة النووية الايرانية، وإنما تصر ايضا على الوفاء بالتزامات "خطة العمل المشتركة الشاملة" للبرنامج النووية الإيرانية، واستكشاف بنشاط طريقة خاصة لتسوية القضية التجارية مع إيران. وقد يكون لهذه الاسباب تأثيرات محدودة على المدى القصير، لكن على المدى المتوسط والبعيد، سوف تحل المشكلة بالتأكيد.
وبشكل عام، انسحاب ترامب من الاتفاق النووي الايراني، واعادة فرض العقوبات ضد إيران، سيتسبب على المدى القصير في الحاق ضرر جسيم بالاقتصاد الايراني، لكن إيران متمسكة بالحياة، لأنه بمرور الوقت، ستضعف العقوبات تدريجيا وتتحطم في النهاية.