17 مايو 2018/صحيفة الشعب اليومية أونلاين/ أختتم معرض "صدى الحضارة: كنوز أفغانستان القديمة" بمدينة تشنغدو قبل أيام، وقد جذب المعرض أكثر من 500 ألف زائر. قبل ذلك، عرضت هذه التحف الأثرية في متحف القصر الإمبراطوري ببكين وأكاديمية دونهوانغ في قانسو، ووجدت تثمينا عاليا.
تعكس التحف الأثرية المعروضة والتي فاق عددها المئة، الإنجازات الهامة التي حققتها أعمال الحفريات الأثرية في أفغانستان خلال القرن العشرين، بما في ذلك كنوز تيليا تيبي الشهيرة. ويرجع تاريخ هذه القطع الأثرية النادرة إلى مايقرب من 2000 عام. وقد عبّر عدد من زوار المعرض عن دهشتهم من الدقة العالية والحرفية التي تميّز بها الأفغان القدامى.
في هذا الصدد، قال السيد لي، مدير معرض التحف الأثرية الأفغانية بمركز التبادل الثقافي الصيني، للصحفيين إن هذه القطع الأثرية تعود للمتحف الوطني الأفغاني. وبصفته أكبر متاحف أفغانستان، كان المتحف الوطني الأفغاني في يوم من الأيام يمتلك أكثر من 100 ألف قطعة أثرية ثمينة، لكن الحرب ألحقت به أضرارا بالغة.
للمحافظة على هذا التراث الثقافي، تم نقل هذه الآثار عدة مرات، وتم إخفاؤها أحيانا في أماكن مجهولة. ولم تر النور مجددا إلا في عام 2003، بعد الجهود الكبيرة التي قام بها مهنيو الأثار في أفغانستان.
منذ عام 2006، بدأ عرض هذه الآثار الثقافية في مختلف أنحاء العالم، حيث قامت بجولة شملت فرنسا وإيطاليا وهولندا والولايات المتحدة وأستراليا واليابان وبلدان أخرى. "المعارض المتجولة تساعد على تعزيز التبادل الثقافي بين مختلف البلدان. وعلاوة على ذلك، فإن ضمانات الإستقرار الإجتماعي في هذه البلدان وخاصة الصين، والمرافق الجيدة في المتاحف وتصاميمها الإحترافية، يتيح للأفغان أن يؤمنوا تمامًا بأن جولة المعرض هي أيضًا وسيلة لحماية هذه الآثار،" يقول السيد لي.
يقول السيد لي أن متحف القصر قد تلقى هذه التحف من أفغانستان في مار 2017، ونظم لها معرضًا خاصًا. وكان ذلك أول ظهور لهذه المجموعة الأثرية الأفغانية في الصين، وقد وجدت الأثار الأفغانية تثمينا عاليا من زوار المتاحف الصينيية، بفضل جودتها وثرائها الثقافي.
كان من المخطط أن تغادر المعروضات الأفغانية إلى بلد آخر بعد نهاية العرض في متحف القصر الإمبراطوري في يونيو 2017، لكن لإسباب خاصة تم إلغاء الخطة المسبقة. "هذا يعني أن هذه التحف إذا لم تعثر على مكان عرض آخر. فسوف تعود إلى أفغانستان حيث لا يزال الوضع الأمني هناك غير مستقر."
لحماية هذا التراث البشري من الضياع أو التضرر بسبب العوامل الأمنية، قررت إدارة الدولة للتراث الثقافي ومتحف القصر الإمبراطوري السماح بحفظ هذه الأثار بشكل مؤقت في متحف القصر، كما تواصلت جمعية الصداقة الصينية مع الشعوب الأجنبية مع سفارة أفغانستان لدى الصين وغيرها من الجهات لمناقشة إمكانية حماية هذه الأثار في إطار جولة معارض داخل الصين. بعد ذلك، قام معهد أبحاث "دون هوانغ" الصيني ومتحف تشنغدو على التتالي بتنظيم معرضين للتحف الأفغانية. لاحقا ستعرض هذه التحف في كل من متحف تشنغتشو من مقاطعة خهنان، ومتحف نانشان بشنجن ومتحف مقاطعة هونان.
من جهتها، أعربت أفغانستان عن إمتنانها للجهود التي بذلتها الصين من أجل هذه التحف الأثرية. حيث حضر مدير المتحف الوطني الأفغاني رحيمي، في إفتتاح المعرض بمتحف تشنغدو في 1 فبراير من العام الحالي، وفي كلمته، قال إن عرض الآثار الأفغانية في المتاحف الصينية يثبت بأنه "حتى في هذه الفترة الصعبة، ما زلنا نحمي تراثنا الثقافي. هذا المعرض هدية من بلدي أفغانستان للأصدقاء الصينيين".
وعبر رحيمي عن أمله في أن يولي المجتمع الدولي، بما في ذلك الصين، اهتماما بوضع الآثار الثقافية في أفغانستان ومساعدة الشعب الأفغاني على حماية هذه "الكنوز".
يذكر أن الصين تسعى في الوقت الحالي للتوصل إلى آلية تسمح بإنشاء ملجأ للأثار الدولية. في شهر كانون الأول 2016، صرحت ليو يوجو، مديرة إدارة الدولة للتراث الثقافي، بأنه قد حثّ المتحف الوطني الصيني على إنشاء أول "ملجأ للتحف الأثرية الدولية" في الصين.
تعليقا على توفير ملجأ للأثار الأفغانية، قال عدد من الصينيين "يمكن القيام بسلسة من العروض داخل الصين، وانتظار الوقت المناسب لإعادتها إلى أفغانستان بعد أن يهدأ الوضع هناك."
وأشار مستخدمو الإنترنت الصينيون إلى أن الصين قد سبق لها أن شهدت تجربة مماثلة، لذلك، فإن الصينيين يعرفون الألم والإذلال الكامنين وراء ضياع الأثار الوطنية. حيث انه بعد حرب الأفيون في عام 1840، قام الغزاة الغربيون بسرقة الآثار الصينية وتدميرها. وأنقاض حديقة يوان مينغ يوان وتماثيل بوذا ذات الرؤوس المقطوعة في كهوف موقاو، مازالت تمثل شواهدا على هذه المأساة التي حلّـت بالآثار الصينية.