يلتقي رئيس الوزراء الهندي، مودي في 27 و28 أبريل الجاري بالرئيس الصيني شي جين بينغ بمدينة ووهان في إطار إجتماع غير رسمي. وذكر موقع "راديف" الهندي أن قائدا البلدين "سيجريان حوارا من القلب إلى القلب حول النموذج الجديد للعلاقات الهندية الصينية."
قبل ذلك، انتبه الرأي العام إلى التغييرات الدقيقة التي شهدتها العلاقات بين البلدين منذ نهاية "مواجهة دونغ لانغ" في أغسطس من العام الماضي. في ذات الوقت تعد إنتظارات مودي من لقاء ووهان مثاراً لإهتمام وتخمين وسائل الإعلام. بينما يعتقد بعض المحللين أن بناء الثقة وإزالة سوء الفهم تعد أبرز النتائج التي يأمل مودي العودة بها من الصين.
في ذات السياق، يرى تشاو قان تشنغ، الباحث في معهد شنغهاي للدراسات الدولية، أن المعلومات الواردة من المصادر الرسمية تعكس بأن التواصل الإستراتيجي يمثل الهدف الرئيسي من زيارة مودي إلى الصين. كما أن اختيار توقيت الزيارة يكتسي دلالات هامة بالنسبة لرئيس الوزراء الهندي. يذكر أن "مواجهة دونغ لانغ" في العام الماضي، قد أعادت العلاقات الصينية الهندية إلى أدنى مستوى لها منذ استئناف العلاقات بين الجانبين في ثمانينات القرن الماضي. كما باتت السياسة الهندية تجاه الصين تواجه اختبارات صعبة. وعلى هذا الأساس، يحتاج مودي للبحث عن تموقع إستراتيجي جديد حيال الصين، وفتح وقنوات التواصل مع القادة الصينيين.
يعتقد تشاو قان تشنغ أن العلاقات الصينية الهندية تمر بمرحلة بالغة الأهمية. وأن الوضع الحالي يمثل محكّا بالنسبة للهند أيضا: فهل تشارك الهند في "الحصار" الذي تسعى الدول الغربية واليابان فرضه على الصين، أم ستفضل التنمية المشتركة مع روسيا والصين؟ قد يجد مودي نفسه أمام هذا الاختيار.
تجدر الإشارة إلى أن الصين قد أعربت عن موقف واضح وإيجابي جدا من الإجتماع الذي سيعقد بين قائدا البلدين.
في 24 أبريل الجاري، قال المتحدث باسم وزارة الخارجية الصينية لوكانغ، أثناء إجابته عن الأسئلة ذات الصلة خلال مؤتمر صحفي دوري، بأن الصين والهند قد إتفقتا على عقد اجتماع غير رسمي يهيء الأجواء المناسبة لمحادثات صريحة بين قائدي البلدين حول القضايا الهامة ذات الإهتمام المشترك. ونعتقد بأن قائدي البلدين سيتوصلان إلى توافق هام جديد خلال اجتماع ووهان، ماسيعزز التنمية الصحية والمستقرة للعلاقات الصينية الهندية.
ترى وسائل الإعلام الإجنبية أن الصين والهند تمثلان محركين رئيسيين لنمو الاقتصاد العالمي في الوقت الحالي. حيث طرحت كل من الصين والهند مجموعة متنوعة من استراتيجيات التنمية لتحسين مستويات معيشة شعبيهما. وإذا استمر وضع المواجهة بين البلدين، فإن ذلك حتما سيؤدي إلى الإضرار بالبيئة السلمية للاستراتيجيات التنموية في البلدين. كما سيؤثر أيضاً على الأمن الثنائي وحتى على الاستقرار الإقليمي والدولي. لذلك، فإن إدارة الخلافات بشكل فعال والحفاظ على استقرار وتطور العلاقات بين البلدين على المدى الطويل يمثل خيارًا مشتركًا بين الصين والهند.
من جهة أخرى، يرى تشاو قان تشنغ أنه في ظل عدم التوصل إلى حل بعض المشاكل التاريخية العالقة بين البلدين، يأمل الجانبان في إدارة الخلافات البينية والسيطرة عليها. كما تعد الأجواء السلمية على حدود البلدين مهمة تقتضي مزيدا من العمل من الجانبين. ومن زاوية ثانية، تحتاج الصين والهند إلى العمل سويا على معالجة قضايا العجز التجاري الهندي تجاه الصين، والإستراتيجية الهندية تجاه الصين ونظرة الهند إلى التواجد الصيني في المحيط الهندي وغيرها من القضايا، ومحاولة إدارة الخلافات ذات الصلة والتحكم فيها.
ترى بعض أوساط الرأي العام أن الصين والهند في حاجة في المستقبل للعمل على تغيير المفاهيم التقليدية للأمن، وإلى جانب الإهتمام المتبادل بمصالح كل طرف في هذه المجالات، يجب أيضا ترتيب هذه المصالح بشكل صحيح، وعدم "لمس" النقاط الحسّاسة لدى كل طرف.
ونحن نتطلع إلى أن يمثل هذا الاجتماع غير الرسمي منعرجا جديدا في تطور العلاقات الصينية الهندية.