أعلن الرئيس التركي رجب طيب اردوغان الامس اجراء انتخابات رئاسية وبرلمانية مبكرة في 24 يونيو المقبل بدلا من نوفمبر 2019. واعتبر المحللون أن هذا القرار مفاجأة للأوساط السياسية التركية على نطاق واسع.كما اندهش الخبراء الدوليين بالقرار ايضا ، "هل اردوغان مستعد للانتخابات حقا؟".
هل هو اغتنام للتوقيت المناسب؟
خلال السنوات الخمس عشرة الماضية، تغير اردوغان من رئيس الوزراء الى رئيس دولة،خضعت تركيا لتغيرات كاسحة ايضا: ليس من بلد فقير ومهمش في الجانب الشرقي من اوروبا الى أحد اقتصادات النائشة الرائدة في العالم فحسب، ولكن من نظام برلماني الى دولة رئاسية ايضا.
وبموجب الدستورالذي تم تعديله في العام الماضي، فإن الرئيس التركي سيتمتع بسلطة أكبر و بفترة أطول وسيتم الغاء مكتب رئيس الوزراء وتقليص سلطة البرلمان. غيران هذه التغيرات ستدخل حيرالتنفيذ في نوفمبر 2019، بعدالانتخابات الرئاسية المقبلة .
يبدو أن اردوغان غير صبورا. قال في مؤتمر صحفي عقده الامس أن التحديات الاقتصادية والقلاقل في سوريا جعل من الضروري على تركيا الابتعاد عن نظامها السياسي القائم الفاسد، وأن تتحول بسرعة الى نظام رئاسي قوي يدخل حيز التنفيذ بعد الانتخابات من اجل التعامل مع كل اوجه عدم اليقين.
"هذا النبأ كان مفاجئ للغاية." قال قو تشانغ قانغ مدير مركز الدراسات التركية بجامعة شانغهاي، "أن الاسباب والحجج التي قدمها اردغان ذات معنى، وأن تركيا بحاجة الى نظام يقوده قيادة قوية لحل جميع المشاكل. لكن ، رد فعلي الاول، هل اردوغان مستعد حقا للانتخابات المبكرة ؟"
ذكرت صحيفة نيوويرك تايمز أن تحرك اردوغان المفاجئ يهدف الى الاستلاء على هذه اللحظة التي يشهد فيها شعبية كبيرة في البلاد، والتي تصل الى 40%، حيث يأمل في زيادة تعزيز سلطته في وقت لا تزال فيه اتجاه السياسة الدولية والمحلية في صالحه.
"يبدوأن اردغون قلق من ان التوقيت ليس لصالحه". يعتقدسون دي قانغ، نائب مديرمعهد ابحاث الشرق الاوسط التابع لجامعة شانغهاي للدراسات الاجنبية، أن اقتصاد تركيا في الوقت الحالي جيد (بلغ نموالاقتصادي لتركيافي الربع الرابع من العام الماضي الى 7.2%)، وشهدت تركيا ايضا تحقيق اهداف في مكافحة الارهاب، والاستقرار السياسي الاساسي، ودخول الجيش التركي الى عفرين في سوريا يساعد على انشاء منطقة عازلة استراتيجية على الحدود مع سوريا، ما يوسع نطاق التاثير على الاخيرة. ولكن لايستطيع في نفس الوقت تجاهل اوجه عدم اليقين المحتملة في الساحة السياسية المحلية.أولا، مواقف حزبي المعارضة الرئيسيين تعارضه، وتبين البيانات المستمدة من الاستفتاء الدستوري الذي اجري في العام الماضي بأن المعارضة قد تظل فرض الضغط عليه.ثانيا، لا تزال تركيا تواجه قلقا مشتركا مع العديد من الاقتصادات الناشئة: التضخم المزدوج الرقم. وقد بدأت تركيا دق جرس الانذار لمواجهة الخسائر الضخمة التي شهدتها روسيا ومصر وايران.لذلك، يعتقد أنه بات من الضروري ان يسبق الوقت.
هل هناك عامل الولايات المتحدة؟
في الوقت الحاضر، ليس من السهل تاكيد ان للولايات المتحدة دور في القرار . وهل يحاول الحزبان في تركيا التخلص من التدخل الامريكي بقوة اكبر؟ أوتطلع اردوغان الى الى الاستفادة من الفوضى التي خلقتها الولايات المتحدة في سوريا؟
اشار قوه تشانغ قانغ الى أنه لا يوجد ما ينفي دور الضربات الامريكية على سوريا في قرار اردوغان اجراء انتخابات مبكرة . ولكن ، الحظ وسوء الحظ يعتمدان على بعضهما البعض . ونتيجة ذلك، فإن العملية التي قام بها الجيش التركي في عفرين ومنبج قد مست بالتاكيد مصالح الامركيين، وربما قد يكون العمل الامريكي يتعارض مع تركيا. وفي ظل الوضع السوري المتقلب، وضعف العلاقات بين روسيا وتركيا، فإن تركيا ستقف محرجة للغاية بمجرد تدهور علاقاتها مع امريكا، ويضيع راس المال السياسي المتراكم لاردوغان. لذلك، يرى الاخير ان الوقت الحالي مناسب للفوز بدعم شعبي قوي .
هل هو تكتيك لرجل قوي؟
يعتقد بعض المحللين أن النية الاخرى من قرار اردوغان هي مفاجأة حزب الشعب الجمهوري أكبر معارض له في تركيا. حيث ذكرت رويترز أن التحضير للانتخابات خلال شهرين غير كافية لحزب الشعب الجمهوري لتحديد شخصا لتنافس اردوغان في الانتخابات، ما يجعلهما في وضع غير مواتي.وقد يتم استبعاد زعيم حزب الشعب الجمهوري كمال كيليتشدار اوغلو من الانتخابات الرئاسية في العام الماضي.
ويعتقدقوه تشانغ قانغ أنه بالنظر الى الانقسامات التي تشهدها الاحزاب السياسية الحالية وتنامي الاستقطاب الاجتماعي، بات بالحاجة الى قوة تعزز الاستقرار. ولا شك ان استعدادات المعارضة أكثر احراجا، بالرغم من الاستعدادات غير الكافية لاردوغان. وفي هذا الصدد، فإن الانتخابات المبكرة قد تحقن عوامل إيجابية لتعطي تركيا نظاما قياديا قويا، وتعزز التنمية الوطنية والاجتماعية.وأضاف قوه: "أنا متفائل بحذر ازاء التنمية في تركيا مستقبلا."
" اردوغان من ساسة الاتراك أكثر مهارة،وبارع في استغلال الانقسامات ونقاط الضعف داخل المعارضة." ويعتقد رويترز في تعليق لها أن القرار يظهر قوة شخصية اردوغان، في حين أن التعاون مع حزب العمل الوطني تكتيك ذكي لكسب الدعم الأوسع.