القاهرة 7 مارس 2018 / بينما يحاول المارة تجنب الرائحة الكريهة لأطنان القمامة المتراكمة في المنطقة المعروفة بـ "حي الزبالين" في منطقة "منشأة ناصر" بالقاهرة، تقوم سيدات بالعمل داخل ورش لإعادة تدوير هذه المخلفات إلى منتجات جميلة تدر دخلا لهن.
واحدة من هؤلاء هي المصرية نجاة (37 عاما) التي تعمل منذ 22 عاما في قسم "تدوير الورق" بالورش التابعة لمؤسسة "حماية البيئة والتنمية المستدامة" في حي الزبالين.
وتقول نجاة لوكالة أنباء ((شينخوا)) وهي تشير إلى منتجات فائقة الجمال، ان السيدات يعرفن كيف يعملن "من الفسيخ شربات" وهي عبارة تستخدم كمثل شعبي دارج بين المصريين يشير الى قدرة البعض على الابداع بأقل الامكانات المتاحة.
وأضافت نجاة، وهي أم لأربعة أطفال، "نحصل على مخلفات الأوراق من المدارس والجامعات والسفارات ونصنع منها حقائب ورقية وكراسات وكروتا ملونة".
وتعمل نجاة لمدة ست ساعات يوميا في ورش إعادة التدوير، من أجل الانفاق على تعليم أطفالها وتلبية احتياجات أسرتها.
وتتعاون مؤسسة "حماية البيئة والتنمية المستدامة" مع جامعي القمامة غير الرسميين في "حي الزبالين"، وتركز على تدوير المخلفات، وذلك من أجل مساعدة قاطني الحي في إعادة تدوير القمامة وزيادة الدخل.
وعلى الرغم من أن القاهرة يقطنها حوالي 20 مليون شخص، إلا أن جامعي القمامة في حي الزبالين يجمعون حوالي 40% من مخلفات العاصمة، حسب الموقع الرسمي للمؤسسة.
ولا يقتصر حي الزبالين على جمع المخلفات فقط لكنه يعمل أيضا على تدوير 80% منها.
وعند التجول في ورش مؤسسة "حماية البيئة"، تجد غرفا متعددة مخصصة لصناعة النسيج والحياكة وأعمال القص واللصق وتدوير العبوات، ما أسهم في اكتساب النساء العاملات مهارات التدوير، وإنتاج أعمال جميلة ومرتفعة القيمة.
"كنت سعيدة وفخورة جدا عندما وجدت سيدات من مستويات اجتماعية مختلفة معجبين بالشنط والاكسسوارات التي صنعتها"، قالت سحر (28 عاما)، والابتسامة لا تغادر وجهها، بينما تستخدم أغطية العبوات وأوراق المجلات القديمة في صناعة عقود وأساور فائقة الجمال.
وأضافت سحر لـ ((شينخوا))، " لقد جئت إلى القاهرة من قرية تقع في صعيد مصر، حيث أغلبية السيدات يجلسن في المنزل لرعاية الأبناء، لكني أردت أن أعمل وأرى العالم وأساعد زوجي في تحسين الدخل".
وتعمل حوالي 100 سيدة داخل هذه الورش في حي الزبالين، في حين تعمل 200 سيدة أخرى في منازلهن لصالح الورش، وذلك بعد أن تلقين تدريبا على القراءة والكتابة والرسم وكيفية تصميم نماذج الإكسسوارات من القمامة وتحويلها إلى منتجات صالحة للاستخدام.
" هل تتخيل أن السجادة الجميلة دي اتعملت من هذه القصاصات القديمة؟"، هكذا وجهت نوال (16 عاما) السؤال لمراسل شينخوا، وهي تشير إلى بقايات قصاصات جلبت من المصانع.
وبدأت نوال العمل على نول السجاد فقط بعد 15 يوما من التدريب الذي قد يأخذ من غيرها نحو ثلاثة أشهر.
وأضافت نوال أن المؤسسة سوف تعطيها "نولا" في البيت، وتنوي أن تستخدمه مع العائلة لزيادة الإنتاج.
وتحلم نوال بتأسيس مشروعها الخاص في المستقبل.
ويقوم الالاف من الرجال صباح كل يوم بدق أبواب الشقق في القاهرة لجمع القمامة، بينما تقوم سيدات "حي الزبالين" بعد ذلك بعملية الفرز استعدادا لعملية التدوير.
"تعبت جدا جدا من العمل في فرز الزجاجات والبلاستيك وفضلات الأكل، وهي المهنة التي ورثتها عن أبي، الذي كان يعمل جامعا للقمامة"، قالت سيدة رفضت الإفصاح عن اسمها، وهي تطرز أغطية الوسائد.
وتابعت السيدة الخمسينية، " منتجاتي يتم عرضها في كل مكان، في المدارس والجامعات والشركات الكبيرة، وأشعر بالسعادة عندما أرى مئات السيدات اللاتي دربتهن يقفن طوابير في الصباح استعدادا للذهاب إلى عملهن في مصانع مشهورة".
وواصلت " لقد شجعت مئات السيدات على تغيير حياتهن، من خلال مساعدتهن في الحصول على دورات تدريبية في مجال الحياكة بالمؤسسة لتحسين دخلهن".
وتوفر المؤسسة الخدمات التعليمية والصحية والتدريبية للآلاف من قاطني المنطقة، وتعمل بها 20 متطوعة على الأقل يكرسن وقتهن ومجهودهن لتمكين النساء في هذا الحي الفقير.
وتقوم الستينية هدى إسكندر، وهي مدرسة لغة إنجليزية سابقة بالجامعة الأمريكية في القاهرة، بتدريب السيدات في الورش على تصميمات جديدة من الطراز المصري القديم المحبب إلى الأجانب.
وقالت إسكندر لـ ((شينخوا))، إنها تقضى وقتا سعيدا في إضافة خبرات وقيم جميلة للسيدات اللاتي يشكلن عوائل أساسية لأسرهن.
وختمت " أنا على يقين أن السيدة العاملة تقوم بتعليم أبنائها جيدا، وتهتم بصحتهم، وتخلق جيلا جديدا مفيدا للمجتمع"./نهاية الخبر/