تلعب الصين من خلال سياستها المتوازنة دورا مهما في تحقيق الاستقرار والازدهار في بلدان الشرق الأوسط انطلاقا من المبدأ المتمثل في احترامها لسيادة واستقلال الدول وسعيها إلى إنعاش الاقتصاد وتحسين فرص الاستثمار في شتي القطاعات.
هكذا قال العراقي ناظم الجبوري، المحاضر بكلية العلوم السياسية في جامعة تكريت، لوكالة أنباء ((شينخوا)) إن "الصين تلعب دورا إيجابيا في بلدان منطقة الشرق الأوسط وبالأخص العربية منها. فبدءا من القضية الفلسطينية وحتى الأزمة السورية، تدعم الصين الموقف العربي ولا تتدخل في الشؤون الداخلية لبلدان المنطقة".
وأشار إلى أن أغلب الدول الشرق أوسطية اتجهت إلى البحث عن فرص ومشروعات استثمارية مع الصين، نظرا لكون شروطها ميسرة ويمكن تنفيذها ولا تحمل أجندات تمس النظام الاجتماعي والسياسي للبلاد، مضيفا أنه مع توجه الشركات الصينية إلى تعزز تعاونها مع نظيراتها في هذه المنطقة وهدفها الأساسي هو تطوير الاقتصاد الصيني والاقتصادات المحلية في آن واحد، تميل الكثير من بلدان الشرق الأوسط في علاقاتها الاقتصادية إلى الصين.
وتابع الجبوري بقوله إن الصين استطاعت أن تعزز السلم والاستقرار في كثير من بلدان المنطقة من خلال دعمها للدول في القضايا ذات الاهتمام المشترك، وإقامة مشروعات إستراتيجية تعزز وحدة المجتمع، مؤكدا أن التنمية هى الأساس لحل المشكلات والخلافات الداخلية والخارجية".
وأشاد بالنتائج التي حققتها الصين في استطاعها توفير الغذاء لسكانها البالغ ربع سكان العالم وتخليصهم من دوامة الفقر والتخلف، على الرغم من امتلاكها 7 في المائة من الأراضي الصالحة للزراعة في العالم فقط.
وبالإضافة إلى ذلك، قال الجبوري، أن الصين قد نجحت في توفير العلم الحديث والتكنولوجيا لكل فئات المجتمع ولم تجعله يقتصر على الأغنياء فحسب،منوها إلى أنه بفضل الصناعة الصينية تجد أن العالم يواكب التطورات الصناعية الحديثة وتتوافر لكل فرد منه المنتجات مهما كان دخله متواضعا، وهذه أهم سمة يتميز بها الاقتصاد الصيني.
وقال الجبوري إن سياسة الإصلاح والانفتاح،التي تنفذها الصين منذ سنوات عديدة، مكنت الصين من بلورة مفهوم اقتصاد السوق الاشتراكي لربطه بالاقتصاد العالمي. ومن ذلك الحين "أصبحت الصين من أكثر الكيانات الاقتصادية انفتاحا في المجتمع الدولي، كما أن قطاع التجارة الخارجية أصبح القوة المحركة والدافعة للتنمية الاقتصادية.
ومن جانبه، قال إبراهيم العامري، أستاذ كلية العلوم السياسية في جامعة بغداد، إن الصين تشترك فى العديد من المصالح المشتركة مع بلدان منطقة الشرق الأوسط بما في ذلك استعادة السلام والاستقرار والمساعدة فى إعادة تعمير الدول المدمرة بالحرب.
وأضاف "أن الولايات المتحدة والغرب يتبعون سياسات غير مسؤولة في التعامل مع مشكلات المنطقة من خلال نشر الفوضى وتشجيع الخلافات وتأجيج الصراعات الدينية والطائفية للسيطرة بسهولة على ثروات بلدانها".
ومن ناحية أخرى، ذكر العامري أن سياسة الصين في العالم بما في ذلك تجاه الشرق الأوسط مكرسة أساسا للأمن والاستقرار والازدهار وتسوية الخلافات بشكل سلمي عبر التشاور"، مبينا أن "هذا هو موقف الصين كما نعرفه، منذ مؤتمر باندونغ في عام 1955، عندما أعلنت مبادئها الخمسة الشهيرة للتعايش السلمي بين جميع البلدان والمتمثلة في الاحترام المتبادل للسيادة ووحدة الأراضي،وعدم الاعتداء المتبادل،وعدم التدخل في الشؤون الداخلية للدول الأخرى، والمساواة، والتعايش السلمي".
وأشار العامري إلى أن "اللغة الدبلوماسية الصينية تعتمد على استخدام الحكمة واستحضار الإطار التاريخي للانسجام المتبادل والإثراء الثقافي المتبادل"، موضحا أن هذه الدبلوماسية تعكس رغبة الصين فى التعاون مع دول العالم من أجل التعلم من الآخر وتحقيق الفوز المشترك.
ويرى المراقبون العراقيون أن سياسة الانفتاح الاقتصادي التي تتبعها الصين ساهمت في دفع التعاون الاقتصادي والتجاري مع منطقة الشرق الأوسط عموما، وهو أمر دفع عجلة الازدهار والاقتصاد فيها وخلق بيئة جيدة للعمل.