بكين 16 مارس 2017 /ذكر السفير العراقي لدى الصين أحمد تحسين برواري أن مبادرة الحزام والطريق الصينية تخدم السلام الدولي وعلى الأخص في منطقة الشرق الأوسط، داعيا قادة الدول الواقعة على طول المبادرة إلى الإستفادة من الفرص والإيجابيات التي تتيحها.
صرح السفير بذلك في مقابلة خاصة أجرتها معه وكالة أنباء ((شينخوا)) بمقر السفارة العراقية في بكين قبيل تقديم أوراق اعتماده سفيرا للعراق للرئيس الصيني شي جين بينغ غدا يوم 17 مارس الجاري.
وقال برواري "نحن سعداء جدا بهذه المبادرة وندعمها ونحاول بكل ما نستطيع أن نكون جزءا فعالا فيها لأننا نعتقد بأن الصين بإطلاقها هذه المبادرة وعملها على تقوية الأواصر وتوسيع العلاقات الدولية بنمط جديد ليس عدوانيا كما تفعل بعض الدول لكن بنمط التنمية والصداقة سيكون لها دور إيجابي جدا في السلام الدولي وعلى الأقل في منطقتنا".
وأضاف" نحن في العراق مهتمون جدا بها ونحاول بقدر المستطاع أن نندمج بها بما يخدم مصالحنا كدولة في الشرق الأوسط وفي نفس الوقت كمصالح مشتركة بين الدول التي تقع على هذا الحزام وهذا الطريق"، داعيا قادة الدول بطول المبادرة وخاصة الشرق الأوسط إلى الاستفادة من " الإيجابيات الكبيرة جدا" التي تقدمها، بحسب قوله.
وطرح الرئيس الصيني مبادرة الحزام والطريق التي تشير إلى الحزام الاقتصادي لطريق الحرير وطريق الحرير البحري للقرن الـ21 في عام 2013 في زيارته لقازاقستان. وتهدف المبادرة الطموحة إلى ربط قارات العالم القديم الثلاث آسيا وإفريقيا وأوروبا بشبكة تجارة وبنية تحتية ضخمة تعود بالنفع على كافة الدول الواقعة على طول مساراتها.
وسلط السفير العراقي الضوء على عوامل عدة تجعل من العراق جزءا مهما من هذه المبادرة بينها موقعه الاستراتيجي على خط الحرير والمصادر الهائلة للطاقة الموجودة به والأواصر الثقافية التي تربطه مع الدول التي تمر بها المبادرة وكون العراق دولة ذات حضارات قديمة ترجع إلى آلاف السنين.
وقال إن العراق منذ إقامة العلاقات الرسمية في عام 1958 تربطه بالصين علاقات سياسية تتسم بالتفاهم والصداقة حتى في الأوقات الصعبة. كما تجمعه بالصين علاقات اقتصادية حيوية مهمة جدا.
والصين هي المستورد الأكبر للنفط العراقي وهناك استثمارات وأعمال كبيرة لشركات صينية في العراق في مجالات متعددة لإعادة بناء البنية التحتية العراقية التي دمرت بسبب الحروب والحصار الاقتصادي.
في الوقت نفسه، أكد السفير أن العلاقات الثقافية تحتل مكانة كبيرة أيضا في ضوء ما يملكه البلدان من إرث حضاري كبير يجعل من نظرتهما لمشاكل العالم وكيفية حل هذه المشاكل ومستقبل العالم مختلفة عن بعض الدول الأخرى.
ولذلك، يولي العراق أهمية كبيرة بالعلاقات مع الصين ويتطلع إلى تطويرها في المستقبل.
وفي هذا السياق، أكد أن الصين هي قدمت مساهمات كبيرة أيضا إما بشكل عقود مع الحكومة العراقية أو استثمارات لتطوير البنية التحتية لهذا المجال.
والنفط هو أهم سلعة للعراق لأن أكثر من 90 بالمائة من واردات العراق تأتي من هذا المجال.
كما تساعد الصين العراق على علاج مشكلة نقص الطاقة الكهربائية من خلال بناء محطات انتاج وتوزيع للطاقة الكهربائية في مناطق مختلفة. كما تساهم الشركات الصينية في دعم العراق لبناء البنية التحتية في الطرق والجسور وأيضا مشاريع الإسكان.
وأوضح السفير "العراق يحتاج الى بناء مليوني وحدة سكنية ولذلك هناك فرصة كبيرة للشركات الصينية للعمل في هذا المجال وهناك بالفعل عدد من الشركات التي تعمل لكن بناء مليوني وحدة سكنية يحتاج إلى فترة كبيرة وعمل كبير".
ويمتد التعاون بين العراق والصين أيضا إلى الاستفادة من الخبرات الصينية في كثير من المجالات مثل التخطيط والاقتصاد والتعليم والصحة.
وأكد برواري أن بلاده مهتمة بفسح المجال وتقديم التسهيلات اللازمة للشركات الصينية للعمل في العراق، مشيرا إلى أنها "تحظى بأفضلية من جانب الحكومة .تجاربنا معها إيجابية جدا، والمشاريع التي بدأتها تحققت بانجاز كبير".
واتفق السفير أن تكاتف دول الشرق الأوسط خلف مبادرة الحزام والطريق يمكن أن يعزز التوافق بين الدول المتخاصمة والمتنازعة مع بعضها على حساب الخلاف في ضوء ما تحمله روح هذه المبادرة من تناغم ووئام في العلاقات ومردود اقتصادي جيد.
وأكد برواري أن العراق يتابع عن كثب مثله مثل غيره من دول العالم، أصدقاء ومنافسين للصين، جلسات الهيئتين التشريعية والاستشارية لأسباب من أهمها دور الصين الكبير على الساحة الدولية واقتصاد الصين الهائل الذي يعتبر ثاني أكبر اقتصاد في العالم، إضافة الى اهتمام العراق بمعرفة خطوات الصين المستقبلية لارتباطها الوثيق بالصين اقتصاديا.
"أكيد أي قرارات تتخذها الصين سوف يكون له دور ايجابي على الأصدقاء والشركاء الاقتصاديين كالعراق. ويهمنا جدا في هذا الاجتماع التركيز على موضوع توسيع الانفتاح على دول العالم ومواصلة دعم المشاريع التي تدخل ضمن مبادرة الحزام والطريق".
وأكد أن بلاده يمكن أن تستفيد من التجرية الصينية في معالجتها لبعض المشاكل التي قد يواجهها العراق على سبيل المثال كيفية معالجة مشكلة الهجرة من الريف الى المدن و كيفية تنظيم التنمية المتجانسة بين الاقاليم.
وبينما تكافح القوات العراقية لاستعادة الجزء الأخير من الموصل من قبضة تنظيم داعش، أكد برواري أن العراق يتمتع بدعم كل دول العالم بما في ذلك الصين.
وقال "الصين بالتأكيد تدعم العراق في محاربته لداعش على مستويات متعددة، هناك تعاون أمني واستشاري. نحن في العراق لم نطلب من أي دولة أن تدعمنا على الأرض لأن لدينا جيش وقوات لديها القدرة والخبرات على قتال داعش".
وقال السفير إن" الولايات المتحدة تتحمل مسؤولية كبيرة في العراق وترتبط به بعلاقات استراتيجية دفاعية مشتركة، موضحا أن علاقات الولايات المتحدة بالكرد في العراق لا تشكل خطرا بالنسبة للعراق لأن الكرد هم جزء من العراق وفي نفس الوقت هم جهة بالتنسيق مع الحكومة تقاتل عصابات داعش الإرهابية".
وأعرب برواري عن شكره للصين على "دعمها غير المشروط " للعراق في حربه ضد داعش وأزمته الاقتصادية في ظل تدني أسعار النفط بصورة حادة، مضيفا أن " تخطي العراق لهذه الأزمة الاقتصادية ونجاحه في القضاء على داعش في العراق أكيد سيكون له أيضا بصمات صينية".
وأكد أن القضاء على داعش مسألة وقت لأن جبهة العراق في مواجهته موحدة، معتقدا أنه بدون حل سياسي في سوريا قد يواجه العراق تحديات مستقبلية تأتي من الحدود السورية .
وقال السفير هناك مشاكل لن تحل بالتقسيم، داعش يحارب الجميع، الكرد والعرب السنة والشيعة، بالتالي انعزال هذه المكونات عن بعضها لمناطق مستقلة لن يحل مشكلة الإرهاب وداعش، فالتنظيم لا يؤمن بهذه المكونات ولا النظام السياسي في العراق بالأساس.
واعتقد أن التحدي الكبير بعد القضاء على داعش لا يتمثل في التقسيم وإنما إعادة الاستقرار في هذه المناطق التي دمرت بالكامل. ونأمل بالدعم الدولي ودعم الصين أن نتجاوز ذلك.
وفي تعقيبه على مرسوم الهجرة للرئيس الأمريكي دونالد ترامب، وصف السفير القرار بأنه "متسرع ومستغرب" لأن العراقيين هم أكبر المتضررين بجرائم التنظيمات الإرهابية، معربا عن سعادته باستثناء العراق من القرار المنقح غير أنه قال إن اتهام دول كاملة بأنها تسبب مشكلة أمنية للولايات المتحدة يحتاج الى "دراسة معمقة وإعادة نظر"
يذكر أن السفير برواري سبق أن خدم سفيرا لبلاده في نيو دلهي في الهند ورئيسا لدائرة أوروبا في وزارة الخارجية العراقية قبل وصوله الى الصين في يناير الماضي.