تعليق: المملكة العربية السعودية تحضّر لعهد جديد

في وقت متأخر من يوم 26 فبراير الجاري، فجأة وبأوامر ملكية تم اقالة عدد من أبرز المسؤولين العسكريين في المملكة العربية السعودية من بينهم رئيس هيئة الأركان العامة للقوات المسلحة وقائد قوات الدفاع الجوي. وعلق البعض على أن هذا التغيير جزء من الإصلاحات الشاملة المستمرة في المملكة العربية السعودية يهدف الى تمهيد الطريق لنقل العرش. بالإضافة الى ذلك، قد يكون هذا التغيير مرتبطا بالحرب في اليمن، التي تشهد عمليات عسكرية غير سلسلة، ما أدى الى الإصلاح العسكري.

اعتبارات التغيير العسكري

يعتقد الرأي العام عموما أن هناك اثنين من الخلفيات المتداخلة لتغيير كوادر رفيعي المستوى. أولا، يتعلق بالإصلاح العسكري الذي يروج له ولي العهد. وقال ثيودور كاراسك، مستشار كبير في مركز تحليلات دول الخليج ومقره في واشنطن أن توقيت التغييرات التي يشهدها افراد الجيش دقيق، حيث حدث ذلك بعد معرض الاسلحة الذي نظمته الشركة السعودية للصناعات العسكرية. ويشكل المعرض الاخير جزءا رئيسيا من خطة الاصلاح التي أطلقها ولي العهد تهدف الى وضع خطة الدفاع المحلية.

ثانيا، تشعر الحكومة بالإحباط من اداء جيش المملكة العربية السعودية على ارض المعركة في اليمن على مدى السنوات الثلاث الماضية. وقد مرت ثلاث سنوات، ولم تحقق المملكة العربية السعودية وحلفاءها الهدف، بالرغم من إنفاق مليارات الدولارات وتلقى الدعم الغربي. وقال سون ده قانغ، نائب مدير معهد الدراسات الشرق اوسطية بجامعة شانغهاي للغات الاجنبية، أن السعودية حاولت حل القضية السياسية بالوسائل العسكرية، ومنع توسع النفوذ الايرانية في اليمن. واليوم، تأمل من أن تغير وضع ساحة المعركة عن طريق التغيرات العسكرية.

"دم جيل الشباب" يضخ في السياسة

بالإضافة الى التغيرات العسكرية، تقوم المملكة العربية السعودية بتغيرات في موظفي بالدوائر السياسية. حيث تم تعيين عدد من نواب الوزراء ونواب المحافظين وبعض رؤساء البلديات الجدد. وسرعان ما اشعلت وسائل الاعلام السعودية نقاط مضيئة: أولا، تعيين أول امرأة في منصب نائب وزير العمل والتنمية الاجتماعية. وعلق البعض انه من النادر أن يعين في هذا البلد المحافظ امرأة في المناصب السياسية الرفيعة المستوى. ثانيا، أن جميع النواب المحافظين الثلاث الجدد لديهم علاقات جيدة مع ولي العهد. وفي هذا الصدد، أشار سون ده قانغ الى أن الغرض من التغيير هو السعي الى تحقيق توازن القوى داخل العائلة المالكة، واستخدام الأتباع لتمهيد طريق ولي العهد للمستقبل. ثالثا، القادة المسؤولون المدنيون والعسكريون هم عموما من جيل الشباب. واشار التلفزيون السعودي الى ان التغيرات التي طالت العسكريين والحكومة الحلية بمثابة ضخ دم جيل الشباب في السياسة المحلية. وتعتقد ان بي سي الامريكية ان ترقية المسؤولين الشباب الموالين لولي العهد سيساعد على تحقيق رؤيته 2030.

التغيير في الموظفين جزء من الإصلاح

"هذه العملية جزء من الإصلاح الوطني الشامل المستمر في المملكة العربية السعودية." يعتقد سون ده قانغ، أن الإصلاح الشامل يتضمن " رؤية 2030" الاقتصادية، واصلاح عسكري جذري والتمكين السياسي للمرأة وغيرها. ويعتبر مسح جميع العقبات والتحضيرات لتسليم العرش الوشيك المهمة الرئيسية لهذه الاجراءات. مضيفا:" يعتبر الإصلاح العسكري جانبا هاما جدا من الإصلاح السعودي، ولا تزال المخاطر محتملة. ولكن في الوقت الراهن، كل القوات السعودية المحلية سوءا الحرس الملكي او قوات الدفاع تحت قيادة ولي العهد، ولم يبدوا اعتراضا على التغيير في الموظفين".

يعتبر ولي العهد وريث العرش السعودي القوة الدافعة خلف هذه الاجراءات. وأشارت رويترز الى ان بعض الممارسات " غير التقليدية" التي يقوم بها ولي العهد قد تزعج بعض المحافظين، لكنه يحظى بشعبية كبيرة عند الشباب في المملكة العربية السعودية. وقال سون ده قانغ، بوجه عام، حقق ولي العهد نجاحات في الإصلاحات التي قام بها في جميع المجالات. ويحاول الوريث التقليدي للسعودية تعزيز الإصلاح التدريجي، لبناء دولة إسلامية معتدلة. وهذا يتماشى مع الظروف الوطنية واتجاه التطور التاريخي للمملكة.