بكين 6 مارس 2018 /مع بدء عرض فيلم صيني جديد يحمل اسم "عملية البحر الأحمر" في دور السينما داخل الصين وخارجها وتدور أحداثه على خلفية تنفيذ البحرية الصينية في مارس 2015 لعملية إنقاذ الرعايا الصينيين في اليمن, تتزايد حماسة ورغبة الصينيين في مشاهدة هذا الفيلم انجذابا للمناظر الرائعة التي ظهرت في لقطات عديدة منه, ويتبادر إلى أذهانهم على الفور سؤال مباشر: أين تقع هذه المناظر الخلابة للصحاري والجبال والقلاع القديمة؟
إنها ليست في اليمن, وإنما في المغرب التي تشتهر عالميا بأماكن تصوير الأفلام، فحتى يومنا هذا، يقبل الكثير من السائحين على السفر إلى المغرب والبحث عن المقهى الذي ظهر في فيلم هوليوود الكلاسيكي "كزابلانا" (الدار البيضاء) لزيارته. وها هو فيلم "عملية البحر الأحمر" يسهم في تعزيز رغبة الكثير من الصينيين في السياحة إلى المغرب.
لقد بدأ طاقم فيلم "عملية البحر الأحمر" تصوير الفيلم إنطلاقا في مدينة الدار البيضاء في فبراير عام 2017, واستغرق الأمر منه خمسة أشهر حتى انتهى منه حيث تنقل خلال هذه الفترة من الجبال شاهقة الارتفاع إلى الصحاري النائية ومن شوارع المدينة الصاخبة إلى الحارات القديمة, لتتم أعمال التصوير في حوالي عشر مناطق مختلفة.
وبالإضافة إلى ذلك, ساهمت العلاقات الدبلوماسية الودية بين المغرب والصين في الانتهاء من تصوير فيلم "عملية البحر الأحمر" بسلالة في ضوء الدور المساعد الذي قدمه الجانب المغربي، حيث شارك الحرس الملكي المغربي في التمثيل في هذا الفيلم وقدم الجانب العسكري المغربي عددا كبيرا من الدبابات والعربات المدرعة والطائرات الهيلكوبتر لطاقم الفيلم.
وشهدت عطلة العام الصيني الجديد 2018 إقبالا كبيرا من الصينيين على السياحة إلى الخارج, وخاصة إلى المغرب التي برزت في رواية "قصص في الصحراء" للأديبة الصينية الشهيرة سان ماو وتلفت أنظار السياح الصينيين بمدنها ساحرة الجمال بألوانها المختلفة، الدار البيضاء "الأبيض" ومراكش "الأحمر", وشفشاون "الأزرق", وفاس "ألوان متعددة".
وقد صرح الممثل الرئيسي لهيئة السياحة الوطنية المغربية لدى الصين السيد خالد لمراسل وكالة ((شينخوا)) يوم 28 فبراير بأن عدد الزوار الصينيين إلى المغرب في عام 2017 بلغ 118 ألف شخص, وهو أكثر بواقع حوالي 6 مرات مقارنة بعددهم في السنوات الماضية. وأرجع الفضل في ذلك إلى تطبيق المغرب سياسة الإعفاء من التأشيرات للمواطنين الصينيين في عام 2016.
وفي مدينة شفشاون المغربية، شاهد مراسل وكالة أنباء ((شينخوا)) أكثر من مائة زائر صيني يتناولون الطعام داخل مطعم صيني رغم أنه مساحته لا تتجاوز 100 متر مربع، فيما كان زائرون صينيون آخرون ينظرون دورهم خارج المطعم. وقالت مديرة المطعم للمراسل إن العاملين بالمطعم يعملون بجهد أكبر ولساعات أطول من المعتاد مع تدفق عدد هائل من السائحين الصينيين إلى المغرب في عطلة العام الصيني الجديد.
وبالمثل وجد الموظف المغربي حامد الذي يعمل بفندق خمس نجوم في مدينة فاس, إقبالا من السائحين الصينيين على الفندق, وقال لـ((شينخوا))" في هذه الفترة, توافد عدد كبير من الزائرين الصينيين على مدينة فاس واختاروا الإقامة في فندقنا".
كما أن مراسل ((شينخوا)) رأى عقب وصوله إلى مدينة مراكش أن كل مكان داخل المدينة تجوبه حافلات سياحية تقل سائحين صينيين خلال عطلة العام الصيني الجديد. وبالإضافة إلى الجولات السياحية الكلاسيكية , تمتد زيارة الصينيين إلى مدينتي الصويرة وتطوان وغيرهما من المدن المغربية السياحية.
علاوة على ذلك, أشارت هيئة السياحة الوطنية المغربية إلى رغبة السائحين الصينيين في الانفاق والاستهلاك أثناء زيارتهم للمغرب. فعلى سبيل المثال، شهدت المغرب ارتفاعا نسبته 900 في المائة في استهلاك الزائرين الصينيين عبر بطاقة "يونيون باي", وهو أعلى بكثير من استهلاك الزائرين الأجانب من بلدان أخرى عبر البطاقات الائتمانية.
وتجدر الإشارة هنا إلى أن متوسط عدد الزائرين الصينيين سنويا إلى المغرب لم يكن يتجاوز 20 ألف شخص في الفترة التي سبقت إطلاق سياسة الإعفاء من التأشيرات, ما يوضح أن هذه السياسة قدمت مساهمة ملموسة لصناعة السياحة المغربية.
وتمثل الأرقام المذكورة سابقا أهمية كبيرة للمغرب لأن السياحة تعد من الصناعات الرئيسية بالنسبة لها حيث تمثل 10 في المائة من إجمالي الناتج المحلي للبلاد. ويسعى الجانب المغربي إلى توسيع أسوقه في آسيا وأمريكا, بينما يهتم بالسوق الصينية بشكل واضح. ولكن السياحة إلى المغرب مازالت تواجه أربع مشكلات وهي:
أولا, أمان السائحين الصينيين عند زيارة المعالم السياحية، إذ تعرض عدد من الصينيين لخطف هواتفهم النقالة في مدينة فاس. وذكر بعض الزائرين الصينيين للمراسل في مراكش أنهم تعرضوا لسرقة المحافظ أو طلب "البقشيش" بالقوة.
ثانيا, تفاوت نوعية العاملين في القطاع وفوضي تحديد التسعيرة. فعلى سبيل المثال يوجد في مدينة فاس القديمة مرشدين سياحيين غير رسميين وأجورهم ليست ثابتة حيث تتراوح بين 50 درهم وعدة مئات من الدراهم. كما إن سائقي سيارات الأجرة دائما ما يطلبون من السائحين الصينيين أجرة أكبر مما ينبغي عليهم دفعه.
ثالثا, تفاوت مستويات جودة الفنادق. فقد قال بعض السائحين الصينيين لـ((شينخوا)) إن بعض الفنادق في الدار البيضاء سيئة من حيث ظروف الصحة العامة. أما في العاصمة الرباط, فعدد الفنادق فيها محدود جدا بسبب عدم وجود منافسة في السوق.
رابعا, طول الرحلة وارتفاع التكاليف. فالمسافة بين المغرب والصين تصل إلى حوالي 10 آلاف كيلومتر, وهذا يتطلب من أسرع الرحلات الجوية الراهنة أكثر من 15 ساعة لقطع هذه المسافة لأنه لم يتم بعد فتح رحلات مباشرة بين البلدين. أما عن المناطق السياحية داخل المغرب فهي بعيدة عن بعضها البعض نسبيا, وعادة ما يستغرق الأمر أكثر من 3 ساعات للانتقال بين مكانين بالسيارة.
وتجاه هذه المشكلات التي تضعف جذب المغرب للسائحين الصينيين, تعهد وزير السياحة المغربي محمد ساجد خلال منتدى التعاون الصيني المغربي في أوائل فبراير الماضي بإتخاذ إجراءات لتحسين أوضاع الفنادق والنقل لرفع القدرة على استقبال السائحين، قائلا إن محادثات تجرى حاليا بشأن فتح رحلة مباشرة بين الصين والمغرب, حيث يعد ذلك أحد العوامل الرئيسية لتعزيز جاذبية المغرب بالنسبة للسائحين الصينيين.
وقد أكد مدير مبيعات قسم السفر الخارجي بالشركة الصينية لخدمات السفر وانغ شو لـ((شينخوا)) إن هناك إمكانية كبيرة في تحقيق هدف "الـ500 ألف زائر صيني سنويا إلى المغرب" بحلول عام 2020, الذي طرحه الوزير محمد ساجد خلال المنتدى, وفقا للارتفاع الكبير في أعداد السائحين الصينيين في الفترة التي أعقبت تطبيق سياسة الإعفاء من التأشيرات.