انطلقت فعاليات منتدى الاقتصاد العالمي "دافوس" رسميا يوم 23 يناير بالتوقيت المحلي، بحضور أكثر من 60 قائد من مختلف البلدان و38 من رؤساء المنظمات الدولية الرئيسية.
يصادف الاجتماع السنوي عاصفة ثلجية محلية. ومع ذلك، لم يؤثر ذلك على جو منتدى دافوس الدافئ، حيث يستقبل العالم بشرى سارة اليوم بالانتعاش الاقتصادي العالمي بعد ما يقرب عقد من الازمة الاقتصادية العالمية. ويغمر البنك الدولي موجة من التفاؤل بشأن الاقتصادات الكبرى في العالم والنمو الاقتصادي العالمي في ظل تحسن الوضع الاقتصادي العالمي. ومع ذلك، يبقى هناك اختلافات في عملية الانتعاش والمشاكل المختلفة بالنسبة للبلدان فرادى. وعليه، فإن الموضوع الرئيسي لمنتدى دافوس هو خلق مصير مشترك في عالم متباين.
عالم متباين ــ ــ في الواقع نبض منتدى دافوس الحالي دقيق جدا، ولكن توفير المنتدى حل فعال لما يتحدث عنه، ليس سهلا، حيث يبقى كلاما عموميا وغير واقعي حتى ولو كان يمكن اعطاء وصفة طبية. فعلى سبيل المثال، بغض النظر عن مشكلة اقتصادية عالمية في فترة أزمة، أو التباين العالمي في ظل الانتعاش الاقتصادي العالمي، فإن التعاون هو حل فعال للمشكلة. وطالما عملت دول العالم معا من أجل التوصل الى توافق في الآراء، إلا أن الاختلافات الخطيرة في مصالح الدول السيادية، جعل من الصعب أن يصبح التعاون الفعال ـــ أو من الصعب تحويله الى قوة تنفيذ.
يعتبر التباين في العالم الغربي الأكثر شيوعا في الوقت الراهن. وبشكل أكثر تحديدا، أدت القومية الاقتصادية للرئيس الامريكي ترامب " الأولوية الامريكية" الى تعميق الصراع بين امريكا والاقتصادات الاوروبية واليابانية والكندية. مثل، توقيف اتفاقية التجارة الحرة بين أمريكا والاتحاد الأوروبي (TTIP)، وتخلي أمريكا عن اتفاقية التجارة المعروفة باسم الشراكة عبر المحيط الهادئ (TPP)، فضلا عن إعادة التفاوض حول اتفاقية التجارة الحرة لأمريكا الشمالية (NAFTA). وتشهد آلية التجارة التقليدية العالمية التي تقودها أمريكا وتدعمها الدول الغربية، حالة من الفوضى بسبب أمريكا. كما تغلف العولمة تحت ضباب لسياسة الحمائية التجارية، وعدم الرجعة فيها، سيتوقف زخم الانتعاش الاقتصادي العالمي.
وبالإضافة الى الاضطرابات التي يشهدها نظام التجارة التقليدي، تتزايد الاختلافات في العالم الغربي في نواحي آلية الأمن وجيوسياسية وغيرها، التي ستصبح عاملا سلبيا في الدورة الاقتصادية الجديدة.
كما تشهد علامات النزاعات التجارية بين الصين وأمريكا توسعا، وانقسام أمريكا وأوروبا بسبب مصالحهما. قبل أيام، تعتقد امريكا أنه من الخطأ السماح للصين بالانضمام الى منظمة التجارة العالمية، وفرض 50٪ من رسوم التعريفة الجزائية على الوحدات الكهروضوئية والغسالات الصينية، وهذا مجرد جزء من تدابير ترامب العقابية ضد الصين بسبب العجز التجاري الامريكي مع الصين. وبما أن الصين وامريكا هما أكبر اقتصادين وهيئة تجارية في العالم، فإن العقوبات التجارية الامريكية ضد الصين، ستعطي توقعات سلبية للبيئة التجارية والانتعاش الاقتصادي العالمي. وفي ظل التزام امريكا بسياسة المصلحة الذاتية " الاولوية لأمريكا"، أصبحت الصين أكبر محرك للاقتصاد العالمي، وتجاوز المعدل المساهمة السنوية للصين في النمو الاقتصادي العالمي أكثر من 30٪. كما أن الحرب التجارية بين أمريكا والصين لا تضر بالعلاقات التجارية بين البلدين فقط، وإنما أيضا في خفض التوقعات الاقتصادية العالمية. لذلك، فإن الحرب التجارية الامريكية ضد الصين " تضر الآخرين ولا تعود بنفع عليها".
أصدر منتدى الاقتصاد العالمي "دافوس" عشية الاجتماع تقريرا حول " الخاطر العالمية 2018"، مشيرا فيه الى أن القضية البيئة وأمن الشبكة والمخاطر الجيوسياسية وغيرها هي العوامل الخطيرة الأكثر قلقا بالنسبة للمستطلعين. وستكون هذه العوامل الخطيرة مع النزاعات التجارية السبب الرئيسي للتباين العالمي ويؤثر على النمو الاقتصادي العالمي.