人民网 2018:01:19.10:51:19
الأخبار الأخيرة

الأدب الصيني نجمة لامعة

/مصدر: شينخوا/  2018:01:19.10:20

    اطبع
الأدب الصيني نجمة لامعة
بقلم : مي عاشور

يصبح ما تتعلمه بلا قيمة، عندما تحتفظ به لنفسك ولا تنفع به الناس، تماماً كقطعة جليد موجودة فوق تربة متعطشة للماء. لذا قررت أن أتوسع قليلاً في ترجمة كل ما يقع تحت يدي من أعمال ألمس فيها شيئًا مختلفًا، سواء كانت ترجمات أدبية أو مقالات أخرى متنوعة. لاحظت أننا بتنا نعرف عن الصين فقط، ما نستورده منها من بضائع ومنتجات مختلفة، ونجهل عنها الكثير، وخاصة ما يتعلق بثقافتها، حضارتها، والتغيرات المختلفة السريعة التي تطرق عليها.

تفرغت لترجمة الأدب الصيني منذ 6 سنوات، ترجمت عددًا لا بأس به من النصوص القصيرة ، النثرية والقصصية، المعاصرة والكلاسيكية، إضافة إلى بعض القصائد المختلفة. استطيع أن أقول أن من خلال النصوص المتعددة التي ترجمتها ، لمست نظرة الكُتاب المختلفة للحياة، مما استدعي إلى ذهني الفسلفة الصينية وتاريخها الطويل. أتذكر أن العديد من القراء علقوا على بعض النصوص ، وقالوا إن بها مشاعر إنسانية ، وأنهم أيضًا لمسوا فيها شيئًا مختلفا. وهناك قارئة قالت لي إن الكاتب دائمًا يريد أن يقول شيئًا عميقاً بطريقة مميزة وغير تقليدية . عدد كبير جدًا من النصوص يعكس الثقافة الصينية وملامح الشخصية الصينية؛ كإهتمام الصينيين بالعلاقات الإنسانية والروابط الأسرية؛ مثلا ترجمت نصوصًا كثيرة يتحدث فيها الكاتب عن والده أو والدته ، ولمست مدى تأثيرهما في حياته ونشأته، ويمكن أن نلمس ذلك بوضوح في نص "ذكرى الخريف" للكاتب المميز شي تييه شنغ.

الجميع يعرف أن الصين على أعتاب أن تصبح إمبراطورية، وأنها تشهد تقدمًا رهيبًا في جميع المجالات، وعلى رأسها المجال الثقافي والأدبي. أرى أن النصوص الأدبية الصينية ليست جميلة وحسب ولكن بها إبداع حقيقي في طريقة سردها ، وفكرتها الرئيسة ، أتذكر قصة "موت شيه بوه ماو" للكاتبة الشابة لو مين، والتي كانت بها فكرة عميقة جدًا، تناولت الكاتبة مشكلات الحياة العصرية بشكل فريد، وتحدثت عن صخب الحياة ونمطها السريع، الذي جعل الإنسان منعزلاً وحيدًا.

ولأن الحياة بطبيعتها صعبة، ولا مفر من مواجهة المشاق والصعوبات فيها، أشعر أحيانًا أن الأدب الصيني يعكس ملامح هذه الحياة وكيفية مواكبتها، فيتحول هنا الأدب من مصدر لتسلية القاريء والتهوين عليه، إلى نجمة لامعة تسطع في سمائه دامسة الظلام، يشع أملاً ويحفزه على مواصلة طريق الحياة الطويل، ويخرجه من دوامات الهموم المتلاحقة، ويمكننا أن نلمس ذلك بوضوح جلي في كتابات الكاتبة الرائعة بي شو مين.

نصوص كثيرة جداً في الأدب الصيني تجذبني إلى ترجمتها، ولكن النصوص التي أميل أكثر إليها ، هي تلك التي ينبعث منها بريق أمل في الآفاق المظلمة؛ فأنا أحب ترجمة كل ما يحمل تجارب البشر. تسحرني كتابات جو قوه بينغ ونظرته الفلسفية للدنيا، أعشق الكتابات التي بها جمال، كأشعار وانغ قوه جن المفعمة بالتفاؤل والأمل، وكتابات سان ماو العميقة. بالنسبة لي ترجمة مثل هذا النوع من النصوص، يساعدني على قشع غيمات اليأس، و مواجهة هذا العالم القاسي.

آرى أن الأدب الصيني المعاصر لا يعكس فقط تطور المجمتع الصيني، والقضايا والمشكلات التي باتت تشغله في الوقت الراهن، ولكن أيضًا به تنوع كبير جدًا في المادة المقدمة للقارئ، فعدد كبير من النصوص الأدبية يمتزج فيها الأدب بعلوم أخرى؛ فتجد نصوصًا يمتزج فيها الأدب بالفلسفة، أو الأدب بالطب النفسي، أو الأدب بالعلوم الإجتماعية أو حتى الأدب بالفن والتاريخ.... الخ. وذلك لأن الكتاب الصينيين المعاصرين ينتمون إلى خلفيات ثقافية وتعليمية مختلفة، فتجد منهم الكاتب الفيلسوف، والكاتب الطبيب والكاتب الفنان، وكل ذلك يضفي على نوع الأدب الذين يقدمونه نكهه مختلفة وخاصة جدًاً، فيجد القارئ نفسه واقفًا أمام عدد مهول من الكتب الأدبية متنوعة المحتوى.

برع الأدباء الصينيون في كتابة النصوص القصيرة جدًا، والنثرية، فقد يُعرَف الكاتب ويشتهر من خلال نص واحد مميز كتبه، يقترن هذا النص باسمه دائمًا. يبدو لي أن النصوص الأدبية التي قابلتها بينها سمات مشتركة، على رأسها :البعد الفلسفي والإنساني ؛ قد تبدو النصوص بسيطة أو عادية، ولكن دائما تواري بين سطورها فكرة عميقة ، أو رسالة يحملها الكاتب للقارئ، ولو بشكل غير مباشر. إن الأدب، هو انعكاس لحيوات البشر وتجاربهم المتفاوتة، هو المرآة التي تعكس أفكارهم وثقافاتم، وفترات من تواريخ وأزمنة مختلفة عاصروها، فقد نجد فيه شيءا نتفق أو نخلتف معه. ولكن عندما يكون هذا الأدب آتٍ إلينا من بلاد بعيدة، ومن بلد مثل الصين؛ لا نعرف عنها الكثير، أو مازلنا بصدد اكتشافها، فمن المؤكد أننا سنلمس فيه شيءا جديدا ومختلفا.

أتمنى أن أداوم قراءة الأدب الصيني وأواصل مشوار الترجمة الذي بدأته، فإن الترجمة ليست مهنتي وحسب؛ ولكنها أصبحت جزء من حياتي، ومن طقوسي اليومية المفضلة. كل صباح، يستيقظ الجميع للذهاب إلى عمله ، واستفيق أنا لترجمة نص جديد أو كتابة مقال حول الصين. الأدب الصيني جعلني أتعرف على الصين بشكل مختلف، وجعلني أقرب منها، رغم زياراتي المعدودات لها، بل وجعلني أعيد أكتشف نفسي والعالم من حولي، وأفهم قيمة أن يبذل المرء مجهوداً في تَعلم شيء؛ لأنه قطعًا سيأتي اليوم الذي تتغير حياته كلها بسبب ما تعلمه.

في عيوني الأدب الصيني يشبه بنجمة لامعة، تضيء سمائي كل ليلة.

صور ساخنة

أخبار ساخنة

روابط ذات العلاقة

arabic.people.cn@facebook arabic.people.cn@twitter
×