تعليق: ما وراء عملية " غصن الزيتون " التركية على عفرين؟

أعلن الرئيس التركي رجب طيب اردوغان يوم 20 يناير الجاري أن الجيش التركي بدأ حملة عسكرية على عفرين في شمال سوريا. وفي خطاب القاه في اقليم كوتاهيا بغرب تركيا، قال اردوغان ان تركيا عازمة علي حماية الامن القومي وابعاد الارهابيين من المناطق الحدودية.

وبعد ظهر نفس اليوم، أصدرت هيئة الأركان العامة التركية بيانا قال فيه أن العمل السكري هو " دفاع قانوني عن النفس" وأن تركيا " تحترم السلامة الاقليمية لسوريا". وقال المسلحون الاكراد في عفرين أن العملية العسكرية التركية الحالية تسببت في مقتل 6 مدنيين و3 جنود.

وتعد عفرين الواقعة شمال ادلب في سوريا، أهم منطقة يسكنها الاكراد في شمال سوريا. وقد وافقت روسيا وتركيا وايران في اجتماع حول القضية السورية عقد في آستانا في سبتمبر 2017 ، علي جعل ادلب السورية احد مناطق خفض الصراع في المنطقة، كما تنشئ تركيا نقطة مراقبة محلية، لتكون مسؤولة على الامن المحلي، ما يرسي الاساس للحملة العسكرية التركية هذه المرة.

لماذا اختارت تركيا مهاجمة (عفرين)؟ ماهي نتائج الحملة العسكرية مستقبلا؟ قال خبير الشؤون السورية بتركيا، أن النية التركية الحقيقية وراء الحملة العسكرية على عفرين هي استخدام القوات العسكرية المنتشرة في ادلب لمحاربة المليشيات الكردية. ويرى أودين أورهان خبير في الشؤون السورية أنه من المحتمل أن تحقق تركيا الهدف في منطقة عفرين، التي تعتبر أضعف منطقة يسيطر عليها القوات المسلحة الكردية، وفي وضع معزول الآن، وبالإضافة الى التقدم السلس لمحادثات السلام في آستانا ، قد تعزز تركيا التنسيق العسكري مع روسيا وإيران. وبالاضافة الى المناطق الامنية، ترغب تركيا في السيطرة على مناطق أكبر لتعزيز صوتها في عملية السلام السورية.

ويرى المراقب العسكري سون شياو جيون أنه برغم من العملية العسكرية التركية نشطة ، إلا أن مصير العملية الحقيقي محفوفة بالشكوك. "تركيا تقصف قرى بالقرب من عفرين. وفي اتجاهين آخرين، الشرق والجنوب، يوجد الجيش الحر المدعوم من قبل تركيا، بدأ يشكل حصارا على جانبين منطقة عفرين. ويمكن ان نري انهم يحيطون بالمنطقة من خلال تطويق الجزء الشمالي الغربي من الجبال الشاسعة، وهذه الجبال ليست مناسبه للقتال الميكانيكي. كما أن تمكن المقاتلين الاكراد من حرب العصابات، وحصولهم على الاسلحة المتقدمة من امريكا مؤخرا، يجعل التنبؤ بمستقبل العملية العسكرية صعب. و بالاضافة إلى العوامل السياسية، يمكن ملاحظة ان العملية العسكرية التركية للقضاء على " الإرهابيين" في عفرين ليست عملية عسكريه بسيطة.

بالاضافة الى المستوى العسكري، لا يمكن التنبؤ بالنتائج على الصعيد السياسي. على سبيل المثال، اصدرت سوريا بيانا يوم 20 يناير الجاري تدين بشدة الحملة العسكرية التركية على عفرين السورية، وتنفي ان تكون تركيا قد ابلغتها بهذه العملية العسكرية مسبقا.

اضافة إلى ذلك، فإن الجدير بالاشارة هو أنه قبل يوم واحد من بدء العملية العسكرية، تم اجلاء عشرات الآلاف من الجنود الروس المرابطين في منطقة عفرين السورية الى منطقة تحت سيطرة القوات الحكومية السورية.

يعتقد المراقب العسكري سون شياو جيون أن العملية العسكرية التركية على عفرين تعكس التعقيدات السيايسة، والتناقض العسكري غير البسيط، بالاضافة الى التوازن الجيوسياسي المعقد والعلاقات بين الدول الكبرى. ومن وجهة نظر الولايات المتحدة، لا ترغب في أن تكون منطقة عفرين نقطة تركيز تركيا، وتتحول الى نقطة القتال كردي وتركي. ومن وجهة نظر الحكومة السورية وروسيا، ترغب في أن ترى الولايات المتحدة مضطرة لتوضيح موقفها، أو تقع في المعضلة. كما تشعر روسيا وسوريا براحة تجاه الانقسام بين العضوين في الناتو، الولايات المتحدة وتركيا. وفي ظل هذه العلاقة الفوضوية، الحكومة التركية ستعتمد على اي مستوى من القوات لمحاربة القوات الكردية المسلحة بعفرين، وهل ستمزق تركيا علاقاتها مع الولايات المتحدة تماما بعد القضاء على القوات الكردية مثل ما ذكره وزير الدفاع التركي، بان المفتاح يقع في كيفية التعامل مع الدول الكبرى في ظل العوامل الجيوسياسية المعقدة.