بينما كانت تفوح رائحة العرق من راكبي الدراجات البخارية بسبب الحر الشديد والشمس الحارقة في العاصمة الكمبودية بنوم بنه في ديسمبر، كان يجلس تشهورن ناماتشهيف (20 عاما) على مقعد أنيق في حافلة على خط 3، مستمتعا بمكيف الهواء البارد وهو في طريقه إلى منزله.
ويقطع الطالب الجديد الذي يدرس بالجامعة الوطنية للإدارة يوميا 10 كيلومترات من منزله الكائن بضاحية بنوم بنه الغربية إلى كليته وسط العاصمة.
وقال ناماتشهيف " في السابق، كنت أقود دراجتي البخارية إلى الكلية، لكن في الأشهر الأخيرة، قررت أن استقل الحافلة يوميا"، مضيفا " اخترت الحافلة لأنها مريحة ومكيفة الهواء وآمنة على النقيض من الدراجة البخارية".
وقال إيان سوخيم، مدير هيئة حافلات مدينة بنوم بنه، لوكالة ((شينخوا)) في يونيو، إن الصين تبرعت بـ98 حافلة وسيارتي جر لكمبوديا لمساعدتها على تحسين خدمة النقل العام في بنوم بنه.
و"في الأشهر الخمسة الأخيرة، زادت خطوط الحافلات في بنوم بنه من 3 إلى 8 خطوط وارتفع عدد الركاب من 6 آلاف إلى 17 ألف يوميا"، وفقا لقوله.
وقال سوخيم إن الحافلات ، التي صنعت بأحدث التكنولوجيا من جانب مجموعة تشنغتسو يوتونغ الصينية المحدودة مجهزة بتقنيات متقدمة مثل آي تي أس وجي بي أس وكاميرات ومكيف الهواء. كما راعت الشركة الصينية عند صناعتها لهذه الحافلات الظروف المناخية لبنوم بنه وطرقها.
وبعد الانضمام لأسرة تعاون لانتسانغ-ميكونغ في 2016، أصبحت كمبوديا داعما نشطا ومشاركا متحمسا في الآلية. وفي 21 ديسمبر، قدمت الصين 7.3 ملايين دولار أمريكي من الصندوق الخاص للآلية لكمبوديا لانجاز 16 مشروعا في المملكة، تغطي مجالات مختلفة مثل الزراعة والسياحة وتكنولوجيا الاتصالات والمعلومات والتعليم والأبحاث والموارد المائية والتنمية الريفية وغيرها.
ومنذ الإطلاق الرسمي لآلية لانتسانغ- ميكونغ في مارس 2016، قامت بتأسيس آلية تعاون (3+5)، في إشارة إلى ركائز التعاون الثلاث -- وهي القضايا السياسية والأمنية ، والتنمية الاقتصادية والمستدامة، والتبادلات الثقافية والشعبية -- والمجالات الخمس ذات الأولوية الرئيسية وهي الربط ، والقدرة الإنتاجية ، والتعاون الاقتصادي عبر الحدود، والموارد المائية، والزراعة والحد من الفقر.
وقد تحققت نتائج ملحوظة في تنفيذ جميع مشروعات الحصاد المبكر الـ45 وتشكيل مجموعات عمل بشأن المجالات الرئيسية ذات الأولوية ، وفقا لما ذكر وزير الخارجية الصيني وانغ يي.
ومن بين ما تم انجازه مبكرا خطة "رحلة الميكونغ المشرقة" التي أطلقت في 2016 وعالجت أكثر من 600 مريض بالساد (عتامة العين) في لاوس وميانمار وكمبوديا ، وتحسين نظر 3 آلاف مريض، الأمر الذي عاد بالنفع في نهاية المطاف على نوعية حياتهم.
داو ثين خين، وهي امرأة تبلغ من العمر 70 عاما، من مقاطعة ماندالاي بميانمار، تقول إنها عانت من الساد لمدة 3 أعوام ، حتي وافقت على الخضوع لجراحة على يد فريق طبي صيني مجانا في أغسطس الماضي.
وقالت خين" بعد 3 أعوام ، استطيع أخيرا أن أرى السماء الزرقاء والسحاب الأبيض ووجه ابنتي، ولذلك أنا سعيدة جدا".
وأضافت" أشعر حقا بالامتنان للأطباء الصينيين الذين ساعدوني . شكرا لكم لأنكم جلبتم النور لحياتي مرة أخرى".
وجُلب نفس "النور" أيضا إلى دولة لاوس الأقل نموا في منطقة الميكونغ. وبعد ساعة ونصف سفرا بالسيارة من لوانغ برابانغ إلى الشمال، يستطيع الزائر أن يرى محطة نام أو للطاقة الكهرومائية.
وفي نوفمبر، أنجزت شركة إنشاءات الطاقة الصينية المرحلة الثانية من سد نهر نام أو1 ونهر نان أو7 لتوليد الطاقة الكهرومائية في لاوس ، لتحقق الدولة قفزة كبيرة في مشاريع إنشاء الطاقة الكهرومائية، ستساعدها إلى حد كبير على التخفيف من مشكلة نقص الطاقة التي تعاني منها.
ويشهد بو أو (58 عاما) رئيس قرية ثونغ خام، حيث توجد محطة نام أو للطاقة الكهرومائية، على التغيرات الهائلة التي شهدتها قريته.
وقال لوكالة ((شينخوا))، " منذ أن دخل المشروع القرية، عمل العديد من السكان المحليين في المشروع ، ونستطيع أن نبيع العديد من الأشياء للموظفين الصينيين هنا. حياتنا قد تحسنت كثيرا. إننا سعداء بذلك".
والآن يعمل العديد من المقاولين الصينيين ليلا ونهارا في جميع أنحاء لاوس لضخ " الكهرباء" لخطة التنمية الرئيسية للبلاد لتصبح " بمثابة بطارية تخزين في شبه الجزيرة الهند الصينية".
ومنذ أن زرعت دول لانتسانغ -ميكونغ الست -- الصين وميانمار وتايلاند ولاوس وكمبوديا وفيتنام-- بذرة التعاون قبل عام ونصف، وتم حصد المزيد من الثمار، حيث أسست الدول الست وحدات الأمانات /التنسيق الوطنية ومجموعات العمل المشتركة، كما أن معظم مشروعات الحصاد المبكر الـ45 والمبادرات الـ13 قد اكتملت أو حققت تقدما جوهريا. واكتملت أيضا الدفعة الأولى من مشاريع صندوق آلية تعاون لانتسانغ - ميكونغ الخاص، فضلا عن أمور أخرى، ما أدى إلى خلق " بذرة تعاون فريدة في إطار لانتسانغ- ميكونغ".
وأشار خبراء إلى أن زخم التنمية القوي لآلية تعاون لانتسانغ-ميكونغ لم يفد الدول الست على طول النهر فحسب، وإنما انعكس أيضا على الدول المجاورة في رباطة دول جنوب شرق آسيا (آسيان).
وقال لو قوانغ شينع، الأستاذ بجامعة يوننان، إن " الركائز الثلاث لتعاون لانتسنغ-ميكونغ-- السياسي والأمني ، والاقتصادي والتنمية المستدامة، والثقافي والاجتماعي، تناسب أساس بناء مجموعة الآسيان".
وفي تأكيده على أهمية المجالات الثلاثة الرئيسية التي يغطيها التعاون في إطار الآلية ، قال وزير الخارجية الصيني وانغ يي أن الآلية سوف تعزز الاصطفاف مع مجموعة الآسيان وتعزز التعاون الشامل في المنطقة.