نيو دلهي 26 ديسمبر 2017 / أكملت حكومة رئيس الوزراء الهندي ناريندرا مودي في عام 2017 ثلاث سنوات على وجودها في السلطة. بيد أنه مع اقتراب العام من نهايته، فإن نظرة إلى الوراء باتجاه الصراعات السياسية تشير إلى أن هذا كان عام "نجومية مودي" في السياسة.
لم تظهر "موجة مودي"، التي بدأت مع فوز حزب بهاراتيا جاناتا الحاسم في الانتخابات العامة التي جرت في عام 2014، أي علامة على التراجع، حيث أضاف الحزب ولايات رئيسية أخرى إلى صندوقه رغم التحديات الشديدة.
في جميع انتخابات الولايات التي خاضها حزب بهاراتيا جاناتا في هذا العام، حافظ مودي على وجهه النجم كفكرة ألمعية، مؤكدا التأثير الجماعي الذي حققه الزعيم في السنوات القليلة الماضية. وهذا هو السبب وراء فوز حزب الزعفران في 9 انتخابات للولايات من أصل 17 جرت بعد عام 2014.
وتعرضت حكومة مودي لانتقادات شديدة على خلفية خطتها لسحب أوراق عملة من فئات عليا من التداول (وكان مودي أعلن في 8 نوفمبر عام 2016، أن الفئتين الأعلى من العملة الهندي وهما 500 روبية و1000 روبية، وتعادلان 7.5 و15 دولارا أمريكيا على التوالي، ستصبحان بلا قيمة خلال فترة قصيرة، وأن على حملة هاتين الفئتين أن يسارعوا إلى تبديلهما عبر المصارف الرسمية، وذلك من أجل ضبط الأسواق الموازية ومحاربة المال الأسود).
وراهنت أحزاب المعارضة، بقيادة مجلس الشيوخ (الكونغرس)، بشدة على خروج حزب بهاراتيا جاناتا. ولكن، صوّت الناس بشكل لافت لصالح حزب الزعفران ، ما منحه 312 مقعدا.
وقال البروفسور آجاي شارما، المحلل السياسي في جامعة دلهي في دلهي، إنه "من قضية الأقليات إلى قضية الطبقات، نجح الحزب في جعل كل شيء يبدو صغيرا أمام الهالة النجمية لرئيس الوزراء مودي"، مضيفا أن "الحزب لم يقدم حتى مرشحا وزاريا رئيسيا في ولاية أوتار براديش لأنه كان يراهن فقط على قوة نجومية مودي لتحقيق الفوز. وكانت تلك استجابة حماسية لم يسبق لها مثيل وأظهرت بأن مودي واثق بقيادته من المقدمة".
وفي حين أن كل انتخابات لديها إستراتيجية وكادر أعضاء يعملون على مدار الساعة ، فإن قيادة مودي أصبحت الركيزة الأولى الأكثر وضوحا لصرح نصر حزب بهاراتيا جاناتا، رغم أن رئيس جماعة زي الزعفران أميت شاه يلعب دورا تنظيميا رئيسيا في الحزب، كما قال بعض المراقبين.
وقال سي بي أغروال ، الذي يدرس العلوم السياسية في جامعة دلهي، إنه "يمكن أن يعزى لشاه الفضل بإحياء القاعدة التنظيمية للحزب، والوصول إلى أدنى درجة من رتب ومجموعات الحزب وبالتالي تنشيط جهاز الحزب كله. كما تم أيضا تحت إشرافه انتساب أكثر من 18 مليون عضو أساسي في ولاية أوتار براديش وحدها. لكن شخصية مودي وشعبيته هما ما شكلا العامل المحفز للنجاح العام لحزب بهاراتيا جاناتا".
وأصبح رئيس الوزراء السلاح الأكثر قوة في ترسانة حزب بهاراتيا جاناتا بسبب صورته لكونه رب عمل عنيد لا ينأى بنفسه عن اتخاذ قرارات حاسمة تصب في المصلحة الوطنية.
وقال مانوج سينغ، محلل سياسي آخر، إنه "كان من المتوقع أن يؤدي الإلغاء المفاجئ لأوراق العملة ذات الفئة العليا وإدخال ضريبة السلع والخدمات، المعروفة باسم السياسة الضريبية لأمة واحدة، ومعاركه الكاملة ضد المال الأسود والفساد إلى نتائج مضادة له ولحزبه في استطلاعات الرأي بمختلف الولايات ".
وأضاف "بدلا من ذلك، واصل اتخاذ هذه القرارات القوية واستكملها بسياسات مختلفة مناصرة للفقراء ومؤيدة للشعب، وقد كان لذلك تأثير دائم على الناس وأفاد المواطنين على المستوى الشعبي. وبالنسبة لجميع القرارات التي كان من المتوقع أن تأتي بنتائج عكسية، فإنها لم تجلب لمودي سوى قدور من ذهب".
وقال رافي بورمان، وهو عالم سياسي مقره في دلهي، إن "ضريبة السلع والخدمات وسحب فئة من العملة من التداول والعوز الريفي هي قضايا يتعين على حزب بهاراتيا جاناتا الآن التصدي لها بشكل استباقي، كما أن الانقسام الحاد في التصويت بين المناطق الريفية والحضرية في ولاية غواجارات تعد أيضا علامة واضحة على هذا".
وفي حين بدأ رئيس الكونغرس الجديد راهول غاندي فترة ولايته بخسارتين، فإن حزب بهاراتيا جاناتا يحتاج أيضا إلى إجراء دراسة للواقع واتخاذ مقاربات سياسية متواضعة.
وخسارة الحزب في العاصمة الوطنية وولاية البنجاب، وما يصاحب ذلك من شعبية يتمتع بها سليل أسرة نهرو-غاندي حاليا، قد تجعل من الانتخابات العامة لعام 2019 أكثر من مجرد سباق بحصان واحد.