طرابلس 26 نوفمبر 2017 / دخلت شريحة واسعة من الليبيين بمختلف انتماءاتهم السياسية، في مواجهة الإحباط جراء تكرر فشل تعديل الاتفاق السياسي بين الفرقاء، بعدما أصابهم خيبة أمل أخيرا من إمكانية نجاحه، عقب جولات مهمة في تونس، خرجت بعدد من التفاهمات المبدئية حول المواد التي قوبلت بالاعتراض، وتوافقت لجنتي الحوار (البرلمان ومجلس الدولة) بشأن معظمها.
تحدث عدد من الليبيين عن موقفهم من الفشل الأخير لمفاوضات تعديل الاتفاق السياسي لوكالة أنباء ((شينخوا)) اليوم (الأحد)، واختلاف تقييمهم لذلك الفشل، لكنهم اتفقوا على أن حالة من اليأس والإحباط تعتريهم، جراء المماطلة من قبل الأطراف السياسي، في حسم الاتفاق للخروج من أزمات ليبيا المتلاحقة.
ابتسام الترهوني (28 عاما) طالبة القانون في جامعة طرابلس، ترى أن السياسيين لم يحققوا مصالحهم في جولات التعديل الأخيرة، لذلك قاموا برفض أي جهود لطي صفحة التعديل، وتبني خارطة الأمم المتحدة لحل الأزمة.
وفسرت الترهوني أسباب الرفض، قائلة "معظم من شاركوا في جولات تعديل الاتفاق سواء من البرلمان أو مجلس الدولة، كانوا في ظنهم أن التعديل سيضمن بقائهم واستمرار قادتهم البارزين على سدة السلطة في ليبيا، لكنهم شعروا أن التعديل سيبعد شخصيات ويقلص من صلاحية سلطات أخرى، وبالتالي كل آمالهم تبددت وجعلتهم في حالة انقسام جديد".
وأشارت الطالبة الجامعية إلى أن غالبية الليبيين متفقين على أن سبب استمرار الانقسام السياسي، هي الأجسام القائمة والتي تبحث عن استمرار أدوارها، وللأسف تسببت في إحباط لدينا، وجعلت ملامح الحل بعيدة المنال، بحسب وصفها.
واعتبرت أن جميع بدائل الحوار وسرعة حسم تطبيق الاتفاق، هي تمثل سيناريوهات الحرب واستمرار الفوضى، لأن لا بديل عن جلوس الليبيين مهما اختلفوا على طاولة الحوار، والتعلم بأن التنازل من أجل الوطن ثقافة عالية، ينبغي تعلمها في هذه الأوقات الحرجة.
ورفض مجلس الدولة الأعلى في ليبيا الأسبوع الماضي، المقترح الذي تقدمت به بعثة الأمم المتحدة حول تعديل الاتفاق السياسي، وألمح إلى إمكانية تبني خيار تنظيم الانتخابات المبكرة في غضون 6 أشهر.
ونفى المجلس توافقه مع البرلمان على هذه الصيغة خلال المفاوضات المشتركة، مؤكدا التزامه بنص المادة 12 من الأحكام الإضافية، التي تلزم بعثة الأمم المتحدة على ضرورة التوافق بين المجلسين على أي صيغة للتعديل.
وسبق رفض مجلس الدولة الأعلى، موافقة البرلمان الليبي على "الصيغة التوافقية" التي قدمها غسان سلامة المبعوث الخاص للأمين العام للأم المتحدة.
أما وليد محمد الصحفي في التلفزيون الحكومي الليبي، فيرى أن " تكرار تعثر مفاوضات تعديل الاتفاق السياسي، تجعل شريحة واسعة من الليبيين، في حالة استياء من الدائرة المغلقة، التي أدخلنا بها سياسي البلاد ".
وتابع الصحفي الليبي ، " نتساءل طيلة الفترة الماضية، عن الوقت الذي يتطلب للتوصل إلى صيغة توافق لتعديل اتفاق الصخيرات، وهل سنظل في هذه الحلقة المفرغة من جولات الحوار، وماهي الحلول الممكنة للخروج من الأزمة السياسية، وجعلنا متأخرين على كافة الأصعدة (...)، بكل صراحة نحن في حالة سيئة جراء هذا النفق المظلم ".
وتتضمن الصيغة التي تقدم بها المبعوث الأممي 12 بندا خاصا بتعديل مواد بالاتفاق السياسي، الذي وقعه عدد من الفرقاء الليبيين في ديسمبر 2015.
وتتعلق هذه المواد بالسلطة التنفيذية، ومن بينها أن تتكون تلك السلطة من مجلس رئاسة الدولة (الرئاسة) ومجلس الوزراء (الحكومة) ، إلى جانب وجوب أن "يتخذ مجلس رئاسة الدولة كافة قرارته بالإجماع" وأن "تكون من ضمن اختصاصات مجلس رئاسة الدولة مجتمعًا (القيام بمهام القائد الأعلى للجيش الليبي)".
كما تنص علي أن " يقدم رئيس الحكومة (المزمع اختياره في وقت لاحق) خلال مدة أقصاها شهر من إقرار هذا الاتفاق المعدل قائمة كاملة متوافقًا عليها بأعضاء الحكومة وبرنامج عملها لمجلس النواب لاعتمادها بالكامل ومنحها الثقة واعتماد برنامجها خلال مدة لا تتجاوز (10) أيام من تاريخ تقديمها للمجلس ".
ورفض مجلس الدولة الأعلى هذه الصيغة ، بدعوى أنه لم يتوافق بشأنها مع البرلمان، وأنها ستجعل الأخير يستأثر في عملية اختيار المجلس الرئاسي (رئاسة الدولة) المقبلة.
من جانبه، أكد علي السويح عضو مجلس الدولة الأعلى، أن الخلاف الأهم في رفض تعديل الاتفاق السياسي، تتعلق بصلاحية مطلقة للبرلمان، في اختيار المجلس الرئاسي الجديد .
وأضاف السويح " عندما اجتمعنا في جلسة رسمية للتصويت حول مقترح التعديلات الذي تسلمناه من المبعوث الأممي غسان سلامة، كان الخلاف الأكبر بين أعضاء المجلس، هو انفراد البرلمان بحسب المقترح باختيار الأعضاء، وهو أمر يعد تغولاً على حقنا في ترشيح الأسماء الخاصة بالمجلس الرئاسي ، وهو حق أصيل " .
ومضى متسائلا " إذا كان البرلمان سيقوم بكل شيء بحسب المقترح ، إذا ما الحاجة لدور مجلس الدولة في الاتفاق وتطبيق بنوده ".
ولفت إلى أن رفض مجلس الدولة لا يعني مقاطعته لجولات التعديل، لكنه يبحث عن تتوازن بين البرلمان والمجلس ، في تقاسم المهام الموكلة إليهما، بموجب المادة (12) من الأحكام الإضافية للاتفاق ، والتي تقضي بأن التعديل يجب أن يكون مجازا من البرلمان ومجلس الدولة.
وأوضح عضو مجلس الدولة ، التزام المجلس بالحوار والحل السياسي ، لتقريب وجهات النظر بين كافة الأطراف ، لإحساسنا بحجم الإحباط الذي يعاني منه المواطن، جراء فشل إنهاء الانقسام السياسي ، الذي تسبب في مشاكل كبيرة على كافة المستويات .
وتتم مفاوضات تعديل الاتفاق السياسي ، والتي استضافت تونس اثنين منهما خلال الشهرين الماضيين، وفقا للمادة 12 من الاتفاق (الأحكام الإضافية)، والتي تفيد بأنه في حال هناك رغبة في تعديله ، يجب تشكيل لجنة مشتركة من مجلسي النواب والدولة ، تسمى لجنة الصياغة الموحدة ، لصياغة تلك التعديلات، وإقرارها بالتصويت عليها من الطرفين.
بدوره، توقع النائب البرلماني عبد المنعم بالكور أن " يتوافق البرلمان ومجلس الدولة حول تعديل الاتفاق " ، معتبراً أن الوضع لا يحتمل أي مناورات سياسية أو مماطلة من أي طرف.
وتابع بالكور " عندما جلس البرلمان ومجلس الدولة ، وعلى الرغم من الاختلاف التام في الرؤى السياسية لكل منهما، كان الهدف والمقصد الخروج من الأزمة، وتخطي الخلافات ، للإسراع في عملية توحيد المؤسسات وحل مشاكل المواطن الليبي ، والانتباه للأخطار التي تترصد ببلادنا من كافة الاتجاهات " .
وطالب البرلماني الليبي بأن يتم وضع جدول زمني محدد لمناقشة كل المواد العالقة في الاتفاق، وعدم التهاون وإضاعة الوقت ، لأننا خسرنا الكثير وينبغي التعويض ، في ظل استمرار الفوضى وغياب القانون.