قال الرئيس الامريكي دونالد ترامب خلال اجتماعه مع نظيره الفيتنامي تشان داي كوانغ يوم 12 نوفمبر الجاري: "إذا كان باستطاعتي المساعدة في التوسط أو فض الخلاف بين أطراف النزاع في بحر الصين الجنوبي، يرجى إبلاغي بذلك، أنا وسيط جيد جدا". وأعربت فيتنام والفلبين عن شكرها وتقديرها لاقتراح ترامب، إلا أنهما رفضا هذه " الوساطة".
يعتبر اعلان ترامب عن استعداده للوساطة في قضية بحر الصين الجنوبي علنا أمر نادر، ما اثار اهتماما واسع النطاق. وعلّق راديو فرنسا الدولي على أن ترامب لديه الإرادة ليصبح الطرف الثالث في النزاع، والتدخل في القضية من خلال إعلان الموقف وتقديم المساعدة. وأمريكا ليست الدولة التي تطالب بالسيادة على بحر الصين الجنوبي. ولكن رحلات السفن الامريكية في بحر الصين الجنوبي على أساس حرية الملاحة في بحر الصين الجنوبي سابقا، قد أزعجها هدوء أمواج بحر الصين الجنوبي.
ذكرت صحيفة "جابان تايمز" اليابانية بشأن رفض فيتنام والفلبين لاقتراح ترامب بشأن الوساطة في نزاع بحر الصين الجنوبي، أن العالم الخارجي يعترف بشكل متزايد بفشل السياسة الامريكية في بحر الصين الجنوبي، ومن المرجح أن يستمر هذا الفشل. وتعتمد أمريكا في استراتيجيتها على مواقف الآسيان ازاء معارضة تحرك الصين في بحر الصين الجنوبي، غير أن الفلبين الحليف الأمريكي تمردت، وتتخلص حاليا من تبعيتها لأمريكا وتعزيز التعامل مع الصين مستقلا. والواقع أن الفلبين فقدت ثقتها بأمريكا لفترة طويلة، بسبب عجرفة وتغطرس أمريكا في طريقة معاملتها مع الفلبين وشعبها. في الواقع، أدركت العديد من بلدان جنوب شرق آسيا بسرعة، ان الصين التي تتطور يوميا ستصبح جزءا لا يتجزأ من المنطقة في المستقبل المنظور، وانهم بحاجة الى التكيف معها.
توصلت الصين وفيتنام الى توافق هام حول قضية بحر الصين الجنوبي بعد ساعات قليلة من عرض ترامب التوسط في القضية، إلا أن وسائل الاعلام الامريكية "كوارتز" تصر على أن اقتراح ترامب " أحد الخيارات الجيدة القليلة"، لان ترامب قدم اقتراح الوساطة لدولة صغيرة كورقة مساومة ضد الصين. كما أن يانغ تشاو باحث مساعد في معهد جنوب شرق آسيا التابع لأكاديمية العلوم الاجتماعية في مقاطعة قوانغشى لا ينكر هذا الراي. ويعتقد أن اقتراح ترامب للوساطة في قضية بحري الصين الجنوبي ظاهريا، في حين أن الهدف الحقيقي هو اختبار تطلعات دول المطالبة بالسيادة وصبر الصين إزاء توسط أمريكا. وفي الوقت الحالي، تتوافق الدول ذات الصلة ببحر الصين الجنوبي مع "المسار المزدوج" المقترح من قبل الصين، وتعرب رغبتها في التعاون مع الصين. ولكن، من المرجح أن يكون اقتراح ترامب بمثابة" وعد نفسي" لدول بحر الصين الجنوبي الأخرى، بهدف ترك مساحة متاحة لأمريكا " للتوسط" في النزاع في بحري الصين الجنوبي في المستقبل.
وقال يه هاي لين باحث مشارك في معهد آسيا والمحيط الهادئ والدراسات الاستراتيجية العالمية التابع للأكاديمية الصينية للعلوم الاجتماعية:" تحاول امريكا التدخل في بحر الصين الجنوبي، لإضعاف جهود الصين للتفاوض مع الآسيان والبلدان المطالبة بالسيادة في بحر الصين الجنوبي. وحلل شيو لي بينغ مدير معهد الدراسات الثقافية لآسيا والمحيط الهادئ ومعهد الاستراتيجية العالمية وأسيا والمحيط الهادئ التابع الأكاديمية الصينية للعلوم الاجتماعية قائلا:" أمريكا لن تتخلى بسهولة عن تدخلها في شؤون بحر الصين الجنوبي، ولكن في ظل الوضع الجيد الحالي في بحر الصين الجنوبي، بات واضحا بالنسبة لبلدان المنطقة، بأنهم لن يستفيدوا من التدخل الخارجي، بالعكس، سيضعف مصالحهم الخاصة.
في هذا الصدد، صرح المتحدث باسم وزارة الخارجية قنغ شوانغ يوم 13 نوفمبر الجاري، بأن موقف الصين بشأن قضية بحر الصين الجنوبي كان دائما واضحا. وأن الصين تحمى بثبات سيادتها ومصالحها البحرية في بحر الصين الجنوبي وتتمسك بتسوية النزاعات مع الأطراف المعنية بشكل مباشر عن طريق المفاوضات، وتحافظ بشدة على السلام والاستقرار في بحر الصين الجنوبي. والصين واثقة من أن دول المنطقة لديها الإرادة والحكمة والقدرة على التعامل بشكل ملائم مع قضية بحر الصين الجنوبي. وفى نفس الوقت تأمل الصين في ان تحترم الدول خارج المنطقة جهود دول المنطقة لتحقيق السلام والاستقرار في منطقة بحر الصين الجنوبي واللعب دور بناء لهذا الغرض.