في وقت تدخل فيه مجموعة بريكس عقدها الثاني، هناك تغيرات على المسرح الدولي تتطلب من المجموعة أن تقدم إسهامات أكثر تضامنا وقوة ونوعية للحوكمة العالمية.
لقد جذبت القمة التاسعة لبريكس، والتي عقدت في مدينة شيامن الصينية واختتمت يوم الثلاثاء ، اهتماما عالميا حول كيف ستصيغ دول بريكس : البرازيل وروسيا والهند والصين وجنوب أفريقيا، مسارها المستقبلي وسط التحديات وعوامل عدم اليقين الناجمة عن تباطؤ الاقتصاد العالمي وازدياد مشاعر مناهضة العولمة في الدول الغربية، والمظاهر الغريبة( البجعة السوداء) في المجالات الأمنية والجيوسياسية الإقليمية ، وغيرها.
مجموعة بريكس تمثل نحو 44% من إجمالي سكان العالم و23% من إجمالي حجم الاقتصاد العالمي ، تسعى لتحقيق هوية أقوى ومنصة لتعاون الجنوب -الجنوب، ودور أقوى في الحوكمة العالمية.
ــ دور متزايد في الحوكمة العالمية
الخبير الاقتصادي السابق في مؤسسة غولدمان ساخس، جيم أونيل، الذي أول من صاغ مختصر بريك، ثم أصبح بريكس بعد انضمام جنوب أفريقيا، قال إن الأداء الاقتصادي للمجموعة قد فاق توقعاته .
وأضاف "بعد 16 عاما، تصبح حصة بريكس من إجمالي الناتج العالمي(إجمالي الناتج المحلي) أكبر من أي سيناريو توقعته".
حاليا، تسهم اقتصادات المجموعة الخمسة سوية بأكثر من النصف للنمو العالمي، وتعتبر القوة الاقتصادية الرئيسية.
أما سيرقي كاراتاييف، نائب رئيس مركز البحوث الاقتصادية في معهد الدراسات الاستراتيجية الروسي، فقد أشار إلى الدور المتزايد الأهمية لصوت كل من الصين والهند في صندوق النقد والبنك الدوليين، قائلا "إن بريكس في مركز الحلول المطلوبة لإصلاح النظام المالي العالمي ."
وجاء في البيان الذي أصدره قادة بريكس في قمتهم في شيامن يوم الإثنين ، أن المجموعة ستناضل من أجل شراكة أوسع مع الأسواق الناشئة والأقطار النامية ، مشيرين إلى أن الحوار والتعاون مع الدول غير الأعضاء سيكون "على قدم المساواة".
ــ منصة بارزة لتعاون الجنوب -الجنوب
إن قمة بريكس التاسعة التي اختتمت بالأمس ، قد أظهرت حكمة الصين في تعاون الجنوب- الجنوب والحوكمة العالمية، وأبرزت فعالية مبادرة "بريكس بلس" كأحد أهم نتائجها.
خلال قمة شيامن، أجرت الصين حوارا مع الأسواق الناشئة والدول النامية، حيث تمت دعوة "بريكس بلس خمس دول " هي مصر وغينيا والمكسيك وطاجيكستان وتايلاند ، للحوار والتشاور مع قادة بريكس.
في لقاء مع ((شينخوا)) على هامش القمة، قال إقبال سورفي، رئيس مجلس أعمال بريكس في جنوب أفريقيا، إنه شخصيا يرحب بمبادرة "بريكس بلس "، مؤكدا "أنها ستخدم شعوب هذه الدول."
كان الرئيس الصيني شي جين بينغ قد تطرق لهذا الأمر من خلال مثل صيني يقول "من السهل كسر سهم واحد، ولكن من الصعب كسر 10 سهام مجتمعة" ، وهذا يعني أن "بريكس بلس " ستسهم في توسيع تغطية تعاون المجموعة وتعزز قوتها في المجتمع الدولي.
وفي تصريح عبر إيميل بعثه لـ((شينخوا)) قال روبرت لورنس كوهن، رئيس مؤسسة كوهن والخبير المخضرم بشئون الصين والمنطقة، إن الرئيس شي يطرح رؤية هامة حول الحوكمة العالمية بتركيز على الاستقرار والازدهار المشترك.
وقال كوهن إن "بإمكان بريكس، في حال التموضع الصحيح، أن تسهل مشاركة المزيد من الدول النامية تاما في نوع جديد من الحوكمة العالمية التي تحتاجها البشرية بإلحاح في القرن الـ21.
ــ بريكس الأقوى
البروفيسور كوندابالي يرى الكثير من الإمكانيات لتعزيز قوة التعاون داخل بريكس، خاصة "إجمالي التجارة بين الأعضاء الخمسة ببريكس يحتل فقط 4.9% من إجمالي التجارة الخارجية لهذه الدول ، ومعظم هذه التجارة منتجات منخفضة النوعية."
وبالإضافة إلى تعميق التعاون الاقتصادي والتجاري، فإن تعزيز التعاون الثقافي والتبادلات بين الشعوب يعتبر ضروريا جدا لبناء مجموعة أكثر استقرار وصلابة.
وهناك دعوات أيضا لوزراء خارجية مجموعة بريكس لعقد لقاءات منتظمة كجزء من آلية جهود المجموعة لمزيد من تنسيق صوت المجموعة في القضايا السياسية والأمنية والاقتصادية بالعالم.