أعلنت الصين في 17 يوليو الجاري عن البيانات الإقتصادية للنصف الأول من عام 2017. حيث أظهرت آداء خاطفا للأنظار للإقتصاد الصيني، تمثل في تحقيق نسبة نمو بـ 6.9%. مايعكس بأن الإقتصاد الصيني مازال يمثل محركا رئيسيا لنمو الإقتصاد العالمي.
مع تأقلمه مع الظروف الجديدة، بدأت مختلف المجالات الإقتصادية الصينية تظهر تغيرات ايجابية. حيث بات الإبتكار يوما بعد يوم محركا مهما للنمو الإقتصادي، وبدأت عملية الإستبدال بين المحركات القديمة والجديدة. ولا تنفك قوى النمو الإقتصادي الجديدة عن التكاثر. وأصبحت الطاقة الكبرى المتمخضة عن اقتصاد الإبتكار في الصين تقدم المزيد من الدفع والثقة للإقتصاد العالمي.
حقق الإقتصاد الصين خلال الفترة الأخيرة جملة من الإختراقات على مستوى الإبتكار. حيث يتقدم بثبات في مسيرة التحول من "صنع في الصين" إلى "صنع الذكاء الصيني"، ومن "التقليد الصيني" إلى "تقليد الصين"...ما يجعل النمو المبتكر يصبح أحد أهم نقاط إهتمام العالم بالصين.
أصبح الإبتكار في الوقت الحالي القوة الأولى التي تقود النمو الإقتصادي في الصين. حيث تجاوزت نسبة مساهمة التقدم التكنولوجي في النمو الإقتصادي في عام 2016 أكثر من 56%. وأصبحت الشركات الصينية تقود الموجة العالمية للدفع الجوال والإقتصادي التشاركي. في هذا الصدد، قالت صحيفة "وولستريت جورنال" أن الصين قد عرفت سابقا بالسلع الرخيصة، أما الآن فقد بات الإبتكار القوة الجديدة التي تسهم بها الصين في الإقتصاد العالمي.
في الوقت الذي يشهد فيه نمو الإقتصاد العالمي تراخيا، يبرز الإبتكار كمنقذ للإقتصاد العالمي من أزمته. في هذا السياق، يرى رئيس منتدى الإقتصاد العالمي شواب، أن الصين بصدد إظهار قدرة أكبر على قيادة الثورة الصناعية الرابعة من خلال ريادة موجة الإبتكار العالمي.
من جهة أخرى، أصبح الإبتكار يمثل نموذجا جديدا للتعاون بين الصين وعدة دول أخرى، ونقطة اهتمام جديدة داخل العلاقات الدولية. حيث تشهد علاقات التعاون في مجال الإبتكار بين الصين وألمانيا تطورا مستمرا، وقامت الصين وسويسرا بتأسيس "علاقات الشراكة الإستراتيجية المبتكرة". وأسست الصين واسرائيل "علاقات الشراكة الإستراتيجية الشاملة المبتكرة"....ولا شك في أن هذه الشراكات تضيف محتوى جديدا للعلاقات الدولية.
تعتمد الصين في الوقت الحالي الإصلاح كآلية لتحفيز الإبتكار. وتتخذ بشكل مستمر تدابير جديدة لتحسين البيئة الحيوية للإبتكار. وهو مايجذب إهتماما واسعا على المستوى الدولي. فمع تحسن بيئة الإبتكار، بات المجتمع الصيني أكثر تحمسا وتشجيعا للإبتكار وريادة الأعمال. وخلال السنوات الثلاث الأخيرة، فاق عدد الكائنات السوقية الجديدة 40 الف يوميا، ومثلت الموجة العاتية لريادة الأعمال في الصين مفاجئة لعدة أوساط دولية. في هذا الصدد، ذكرت مجلة فوربس الأمريكية أن المجتمع الصيني بات أكثر تسامحا مع التجارب والأخطاء، طالما حافظ رؤساء الشركات على احترام القانون وعدم غش المستهلك. وأضافت بأن الصين بصدد دخول "الفترة الأكثر إنفتاحا على مدى تاريخها الطويل".
غير أنه لا يمكن الإنكار بأن تعميق الإبتكار في الصين لايزال يواجه جملة من التحديات. مثل تحرير روح الفكر المستقل داخل النظام التعليمي، والتشجيع على تحرر الفكر، وإطلاق قوى الإبتكار على نطاق واسع.
يعد الإبتكار احد الينابيع الرئيسية لإزدهار وتطور أي دولة. كما يمثل أحد مميزت الأمة الصينية. وفي الوقت الحالي، تراكم الصين بشكل مستمر القوة والحكمة اللتان تخدمان الإبتكار. ولاشك في أن طريق الإبتكار سيكون أكثر فأكثر رحابة، وستكون التأثيرات الإيجابية للنمو أكثر زخما.