إفتتح وزير الخارجية الأمريكي، ريكس تيلرسون، يوم 10 يونيو الجاري أول جولة مكوكية دبلوماسية له بعد توليه منصبه الى دول الخليج منها الكويت وقطر والمملكة العربية السعودية ضمن مساعيه لحل الأزمة الخليجية بين قطر ودول المقاطعة. وتعتبر الزيارة الاولى من نوعها منذ إندلاع الازمة بين قطر ودول المقاطعة، وخروج المساعي الامريكية لحل الازمة لأول مرة من وراء الكواليس الى السطح.
بعد وصول وزير الخارجية الأمريكي ريكس تيلرسون إلى قطر يوم 11 يوليو، إلتقى مع نظيره القطري الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني في الدوحة. والجدير بالذكر أنه في نفس اليوم، وقعت الولايات المتحدة وقطر مذكرة تفاهم في مجال مكافحة تمويل الإرهاب، تهدف إلى مكافحة تمويل الارهابية. وقال المتحدث باسم الحكومة القطرية في بيان، إن دولة قطر أصبحت الآن أول دولة توقع مع الولايات المتحدة مثل هذه الاتفاقية ، تلميحا إلى أن تحذو دول الجوار الخليجية مثل هذا النهج ، وليس الإدانة.
أصدرت المملكة العربية السعودية ومصر والبحرين والامارات العربية المتحدة يوم 11 يوليو بيايا مشتركا، رداً على توقيع مذكرة تفاهم بين الدوحة وواشنطن بشأن مكافحة تمويل الإرهاب، مؤكدة استمرار إجراءاتها الحالية إلى أن تلتزم السلطات القطرية بتنفيذ المطالب كاملة. وبالإضافة إلى ذلك، مراقب عن كثب مدى جدية السلطات القطرية في تنفيذ وثيقة مكافحة لكل أشكال تمويل الإرهاب. ثم عقد تيلرسون يوم 12 يوليو إجتماعا مع وزراء خارجية وممثلين عن الدول الاربع المقاطعة لقطر: السعودية، الامارات، البحرين ومصر. ومع ذلك، فإن وساطة تيلرسون لم تخفف بشكل كبير موقف كلا الجانبين ، وتستمر المواجهة. وبعد مساء يوم 11 يوليو، وقعت الولايات المتحدة في قطر على مذكرة تفاهم في مجال مكافحة تمويل الإرهاب. وأصدرت المملكة العربية السعودية وغيرها من البلدان الأربعة بيانا مشتركا: "أن توقيع مذكرة تفاهم في مكافحة تمويل الإرهاب بين الولايات المتحدة الأمريكية والسلطات القطرية خطوة غير كافية، وأنها ستراقب عن كثب مدى جدية السلطات القطرية في مكافحتها لكل أشكال تمويل الإرهاب، وأن الإجراءات التي اتخذتها كانت لإستمرار وتنوع نشاطات السلطات القطرية في دعم الإرهاب وتمويله". وفي اليوم نفسه، إجتمع التحالف الدولي بقيادة الولايات المتحدة ضد الارهاب في واشنطن، وطلب الوفد المصري الحاضر في الاجتماع طرد قطر من التحالف على أساس تمويلها للمنظمات الارهابية. وقدمت الامارات العربية المتحدة يوم 12 يوليو، تقريرا رسميا الى المفوضية السامية للأمم المتحدة لحقوق الإنسان تتهم فيه قناة الجزيرة بدعم الارهاب والتطرف الديني.
وأعلن الجيش القطري مساء يوم 11 يوليو عن إن مزيدا من القوات التركية وصلت إلى قاعدة عسكرية في الدوحة. وفي نفس اليوم ، ذكرت قطر أنها ستواصل تمويل مشاريع البنية التحتية في قطاع غزة. وفسرت المملكة العربية السعودية وغيرها من دول المقاطعة لقطر هذه المشاريع بأنها مساعدات غير مباشرة لحماس، التي شملتها بنود مطالب 13 كشرط لاستئناف العلاقات الدبلوماسية مع قطر، ولكن من الواضح أن الاخيرة لا تريد التوصل الى حل الوسط. كما تسلمت قطر يوم 12 يوليو أول دفعة أبقار مستودة. وخلال الأيام القليلة المقبلة، ستصل دفعات أخرى من الأبقار ما مجموعه 4000 بقرة تلبية 30-35٪ من الاحتياجات. وفي الوقت الراهن، تتعامل قطر بفاعلية لمواجهة الحصار المفروض عليها من خلال التدابير المماثلة، ولكن أيضا تعزز مواجهة دول المقاطعة لها بكل ثقة وجرأة.
ويمكن النظر من ناحية نتائج وساطة تيلرسون، أظهرت قطر والسعودية موقف التعاون مع الولايات المتحدة، دون تقديم تنازلات للطرف الآخر. ويعتقد بعض المحللين أن هناك توافت في الموقف السعودي والقطري ، حيث أبدت الأخيرة استعدادها لتقديم تنازلات بشأن بعض القضايا، ولكن من الصعب قبولها لبعض مطالب الدول الاربع المقاطعة الاساسية مثل إغلاق قناة الجزيرة، وإغلاق القاعدة العسكرية التركية في قطر، وما إلى ذلك، ما قد يصعب التوصل الى حل وسط بين البلدين على المدى القصير.
ومن ناحية، يبدو أنه ليس هناك أي مبرر لإنهاء الأزمة في أسرع وقت ممكن لعدم تسجيل دول المقاطعة الأربع وقطر لخسائر فادحة حتى الآن. ولكن من ناحية أخرى، فإن تدهور الوضع قد يؤدي الى قطيعة تامة، وهذا يضر جميع الاطراف، وليست في مصلحة الولايات المتحدة، لذلك، من المرجح أن يستمر وضع " الانقسام بدون الانفصال" بين الجانبين، ما يجعلنا في انتظار فرصة ملائمة لحل الازمة.