بقلم الدكتور محمد الأحمد، خبير في الشؤون الاقتصادية والصناعية
يشهد العالم أجمع سياسات ناجعة وقرارات سياسية واضحة في مجال الطاقة المتجددة وهذا سيحدد ليس فقط مستقبل قطاع الطاقة بل مستقبل الكوكب لآلاف السنين المقبلة.
ومن الواضح وبشكل متزايد أن الاقتصاد العالمي مقبل على عصر جديد، من خلال التوسع في انتاج تكنولوجيا المعلومات والاتصالات وقطاع الطاقة المتجددة.
وتتصدر الصين دول العالم في مجال التوسع في استثمارات مشروعات الطاقة المتجددة داخل وخارج الصين وتعتبر من أكثر الدول التزاما في مكافحة ظاهرة التغير المناخي.
ويصل مجمل استثمارات الصين في مشروعات الطاقة المتجددة الى 165.1 مليار دولار خلال العام الماضي، بزيادة نسبتها 25% عن هذه استثمارات في السنوات الثلاث الماضية، حيث تشكل هذه الاستثمارات هي الأكبر من نوعها على مستوى العالم وتمثل حوالي 30% من إجمالي استثمارات مجموعة الدول العشرين الكبرى في الطاقة النظيفة العام الماضي.
وننوه هنا الى فوز الصيني لي جونفينغ، مدير عام المركز الوطني لبحوث استراتيجيات تغير المناخ - الهيئة الوطنية للإصلاح والتنمية في الصين، بالجائزة عن فئة أفضل إنجاز شخصي، وذلك للدور المحوري الذي أداه خلال مسيرته المهنية الممتدة على مدى أكثر من 30 عاما، وجهوده في تطوير وتنفيذ سياسات الطاقة المتجددة في الصين، مما ساهم في رفع قيمة استثمارات الطاقة النظيفة في البلاد إلى مستويات قياسية.
لقد خطت الصين خطوات كبيرة في مجال اقامة مشاريع الطاقة المتجددة في دول غرب آسيا والعديد من دول القارة الأفريقية؛ وتعتبر سلطنة عمان “منطقة الدقم” والامارات العربية المتحددة “دبي والشارقة ورأس الخيمة” والمملكة العربية السعودية “جازان والشرقية” من الدول التي نالت حصة الاسد من ذلك عبر مبادرة الطريق والحزام، وتسعى الصين حاليا الى انهاء المرحلة الاولى من تلك المشاريع في مناطق جازان والدقم ودبي والتي بموجبها سيتم توليد ما مجموعه 15% من اجمالي استهلاك تلك الدولة من الطاقة الكهربائية وتساوي تقريبا خمس عشرة غيغاواط من الكهرباء. وستستفيد دول الجوار مثل اليمن والاردن ومصر من الفائض المحصل من هذه الطاقة المتجددة .
وخطت شركات الصين الكبرى خطوات كبيرة من أجل تنفيذ وعودها بتنفيذ تلك المشاريع، فاقامت المستودعات التي تخزين الخلايا الشمسية والبطاريات ومحولات الجهد، كما اقامت خطوط انتاج لتجميع الالواح الشمسية وتنصيبها هناك؛ ويعمل قرابة عشرين ألف عامل وتقني ومهندس صيني لتخديم مشاريع الطاقة هناك.
ومع قدوم فصل الصيف تصل الحرارة في بعض بلدان الخليج العربي الى 55-60 درجة مئوية مما يزيد صعوبات الانتاج والتركيب للألواح الشمسية في مثل هذه الاجواء، ومع ذلك تستمر الشركات الصينية بالوفاء بالتزاماتها لتسليم هذه المشاريع في المواعيد المحددة لها.
ونذكر هنا ما أفاد به الدكتور سلطان الجابر، وزير دولة في الإمارات حول الطاقة المتجددة: «لقد قادت منطقتنا على مدى 75 عاما قطاع الطاقة الهيدروكربونية، واليوم نحن نوسع حضورنا ليشمل مختلف مصادر الطاقة، وفي حين أن النفط والغاز سيستمران في تصدر الاقتصاد العالمي للعقود قادمة، إلا أننا ندرك تماما مزايا تأمين مزيج متوازن من مصادر الطاقة، فنحن في الإمارات نولي أهمية كبيرة للموارد الهيدروكربونية، وفي الوقت ذاته نعمل على استثمار الفرص للاستفادة من مصادر الطاقة الجديدة والتقليدية معا، لترسيخ أسس الاقتصاد القائم على المعرفة والإبداع لتعزيز النمو والارتقاء بالإنتاجية، حيث يكمن هذا المبدأ في صميم استراتيجية دولة الإمارات للطاقة 2050 ؛ وأردف قائلا: إن اقتصادات الطاقة المتجددة قد وصلت اليوم إلى نقطة تحول مهمة، فعلى مدى السنوات الخمس الماضية انخفضت تكلفة طاقة الرياح بمقدار الثلث، في حين أن تكلفة الطاقة الشمسية قد انخفضت إلى أكثر من النصف وتشهد تناقصا مستمرا بمعدلات غير مسبوقة، كما أنه ولأول مرة قدمت مشاريع الطاقة الشمسية غير المدعومة أسعارا تنافسية مقارنة بأي مصدر آخر للطاقة، وبناء على أسس اقتصادات السوق ازدادت الجدوى الاقتصادية لمشاريع الطاقة المتجددة بما يؤمن قيمة أكبر ».
ومن اجل ذلك فعلى تلك الدول رفع كفاءة استخدام الطاقة وإدارة الموارد، والإصلاح والتنويع لإضافة القيمة وتحقيق التنمية المستدامة والحرص على تنويع مصادر الطاقة وهذا يعني أيضا إيجاد فرص العمل والتنويع والابتكار من خلال تخصيص حصة متنامية للطاقة النظيفة، بما يضمن مستقبلا آمنا لأجيال الغد ويعزز النمو الاقتصادي .