توافق اليوم (الجمعة) الذكرى الثمانين لوقوع "حادثة 7 يوليو" التي أطلقت عملية غزو اليابان للصين على نطاق واسع في عام 1937، ودفعت الشعب الصيني إلى الكفاح على مدى السنوات الثمان التالية لها متكبدا معاناة شديدة ومقدما تضحيات هائلة.
وبعد ثمانين عاما، لم يبق سوى عدد قليل من شهود العيان على هذا الهجوم الياباني لكنهم يذكرون الصينيين وجميع الشعوب المحبة للسلام بضرورة عدم نسيان هذا الحدث التاريخي كما تتلاشى الذكريات.
ولا ينبغي أن تكون هذه الذكرى مجرد عملية تذكر مريرة لمأساة سابقة، بل ينبغي أن تحفزنا على الحذر من المشاعر السائدة حاليا وتميل إلى تحريف التاريخ بين اليمنيين اليابانيين الذين يتذكرون أيضا الحادثة ولكن بتحريف مخجل، إذ يقومون بتبييض جرائم الحرب التي ارتكبها الجناة.
يذكر أن حادثة جسر ماركو بولو، التي طالب فيها الجيش الياباني على نحو سخيف بالبحث عما زعم بأنه جندي مفقود في بلدة وانبينغ بالقرب من بكين، كانت إيذانا بإطلاق شرارة الغزو الياباني للصين على نطاق واسع وأثرت على مسار التاريخ الصيني الحديث.
وكانت هذه الحادثة بداية حرب المقاومة الصينية كاملة النطاق ضد العدوان الياباني، رغم حقيقة أن اليابان احتلت منطقة شمال شرق الصين -- التي كان يشار إليها باسم مانتشوريا - احتلتها بالقوة في مطلع عام 1931 واستعمرت المنطقة الغنية بالموارد بوحشية مطلقة في ظل نظام "مانتشوكو" الدمية على مدى 14 عاما حتى إيقاع الهزيمة بها.
وقد قررت الحكومة الصينية، تكريما للتضحيات التي قدمها أولئك الذين كافحوا الغزاة اليابانيين قبل عام 1937، قررت في يناير من العام الجاري إعادة كتابة كتب التاريخ المدرسية وتمديد فترة الحرب لتعود إلى عام 1931.
وفي معرض تعليقه على قرار الصين، قال ياسوهيسا كاوامورا، الذي كان آنذاك السكرتير الصحفي لوزارة الشؤون الخارجية اليابانية، إن الصين لم تكن تملك سلطة تقرير موعد بدء الصراع، فيما دعا البلدين إلى "عدم التركيز بشكل مفرط على الماضي المؤسف".
وبوصفه على نحو طائش المعاناة الشديدة التي ألحقتها النزعة العسكرية اليابانية بالصين وبلدان آسيوية أخرى بأنها "مؤسفة"، تظهر هذه التعليقات الرسمية بوضوح كيف تواجه طوكيو ممانعة وغير صادقة الجرائم التي ارتكبتها في زمن الحرب.
فمنذ أن استسلمت اليابان دون قيد أو شرط لقوات الحلفاء في أغسطس عام 1945، شاركت الجماعات اليمينية المهووسة بالحرب في تبرير الأعمال الشنيعة التي ارتكبتها البلاد في زمن الحرب. كما أن الحقيقة، المتمثلة في أن مثل هذه الجهود لا تبدى علامات على الخفوت، تدحض على أسس سليمة تأكيد كاوامورا أن الصين تركز بشكل مفرط على الماضي.
وفي تجاهل تام للحقائق التاريخية، يواصل اليمين الياباني تشويه ما حدث خلال حادثة جسر ماركو بولو من خلال الإدعاء بأن الصين هي من أطلقت الطلقة الأولى، وبالتالي إلقاء اللوم على البلاد في مسألة توسيع الحرب.
ولم تكن الصين هي الضحية الوحيدة للعدوان الياباني.
فقد كان العسكريون اليابانيون يرون أن شعوب الدول المجاورة تنتمى إلى "أمم أدنى مرتبة". وقد بررت اليابان ما قامت به من عمليات استعمار وغزو في منطقة آسيا والمحيط الهادئ بأنها وسيلة لمساعدة جيرانها في آسيا وذلك في سفسطة تقول إن تلك البلدان غير قادرة على تحقيق ذلك بنفسها.
ويعمل اليمين الياباني اليوم بحماس على تغيير الماضي، مدعيا أن الهيمنة اليابانية في آسيا كان لها ما يبررها على أساس تحرير البلدان الآسيوي من الحكم الاستعماري الغربي.
إن هدف اليابان بسيط: ألا وهو تغيير النظام الدولي الذي تشكل فيما بعد الحرب وكذا الأحكام التي صدرت بحق مجرمي الحرب اليابانيين من قبل المحكمة العسكرية الدولية للشرق الأقصى.
إن الصين لم تعد اليوم ضعيفة كما كان الحال عليه قبل 80 عاما، ولكن موقف الخصومة الذي يتخذه اليمين الياباني تجاه الصين لا يزال كما هو لم يتغير إلى حد كبير.
وإن سعي رئيس الوزراء شينزو آبي الدؤوب إلى تعديل الدستور السلمي لليابان في تزايد. ولن يمر وقت طويل حتى يتم تمكين ما يسمي بـ "قوات الدفاع الذاتي" اليابانية من غزو بلدان أخرى.
وبالنظر إلى فعلته البلاد قبل 80 عاما، لابد ألا تأخذ الصين والمجتمع الدولي صعود الجماعات اليمينية اليابانية باستخفاف وإلا فسوف تعيد الكارثة التاريخية التي وقعت عام 1937 نفسها.