مع قرب الانتخابات الرئاسية الإيرانية التي ستجرى يوم الجمعة المقبل، يطغى الحديث عن القضايا الاقتصادية على الشارع كونها باتت تؤرق المواطن أكثر من أي شيء آخر، وهي السمة البارزة في خطاب المترشحين الذين يركزون على هذا الجانب بهدف استمالة أصوات الناخبين.
وعقد مرشحو الرئاسة مناظرات تلفزيونية يوم الجمعة الماضي هي الثالثة والأخيرة، وركزت في مجملها على حالة الإقتصاد والبدائل لإنعاشه، وهي نقاشات امتدت إلى الشارع الذي تفاعل معها بالنظر إلى أهمية ذلك بالنسبة للحياة اليومية.
في شارع ولي عصر الشهير في طهران وأمام قاعة المسرح، الكل يأتي ويذهب ويتساءل عما سيكون عليه الحال من خلال هذه الإنتخابات.
ومن بين هؤلاء، عبر أحد المارة بصوت عال عن اهتماماته لوكالة انباء ((شينخوا)) قائلا "أنا أب لثلاثة أطفال، وكلهم في سن المراهقة، واضطررت إلى مغادرة مسقط رأسي للعمل هنا في طهران بدراجتي النارية، من الفجر إلى المغيب، كموزع للطعام لكسب العيش".
واضاف الرجل ، وهو يتحدث بينما انعكست في عينيه أضواء المصابيح المتوهجة على الرصيف "أعيش في المنطقة الجنوبية من طهران، وما أكسبه أنفقه على الإيجار والخدمات العامة، وجزء صغير منه يذهب إلى التكاليف اليومية لأسرتي، وكنا نتوقع من الحكومة المساعدة في حل مشاكلنا، ولكن مع الأسف....".
انقطع كلام الرجل وسط ضجة من الهتافات الصادرة من مؤيدين لأحد المرشحين المحافظين.
وقال ميلاد، وهو طالب جامعي، "كانت خطة الرعاية الصحية للحكومة مشروعا ناجحا لمساعدة الفقراء، ونصيب الفرد من التكاليف الطبية من التأمينات الاجتماعية منخفض جدا، وهو أقل بقليل من 10 في المائة، ولكنه كان أكثر من 60 في المائة قبل مجيء روحاني".
واضاف ميلاد "إلا أن البطالة لا تزال منتشرة في عموم البلاد غير أن إعادة انتخاب روحاني ستساعد بشكل أكبر في تحسين أوضاع الناس الإقتصادية".
بدورها قالت سمانيه موميني (48 عاما) لـ ((شينخوا)) وقد أبدت حماسة كبيرة للتعبير عن رأيها "إننا سنصوت على من يعرف ما معنى الوظيفة، يعني على الذي يفهم معنى الحرج الذي يقع فيه شاب يحصل على النقود من والدته التي هي المعيل الوحيد لأطفالها".
وأضافت سمانيه، والتي تعمل ممرضة، "أننا سندعم الشخص الذي سيكون قادرا على محاربة البطالة وارتفاع التكاليف والتضخم ويقدم لأطفالنا مستقبلا أفضل".
وكان الخصوم المحافظون للرئيس حسن روحاني وجهوا له انتقادات حادة يوم الجمعة الماضي واتهموه بفشل إدارته على إنعاش الاقتصاد والفشل أيضا في الاستفادة من الإمتيازات التي قدمها الإتفاق النووي مع القوى العالمية الذي تم التوصل إليه العام 2015.
ورفض روحاني بشدة هذه الادعاءات ودافع عن إنجازاته الإقتصادية بما في ذلك الحد من التضخم إلى حد كبير، والنمو الإقتصادي، والإنفتاح أمام الاقتصاد العالمي.
ووضع الاتفاق النووي إيران على طريق تخفيف العقوبات ولكن مع رقابة صارمة على البرنامج النووي.
وامتدت رحلة استكشاف آراء الإيرانيين من طرف (شينخوا) إلى جنوب وشمال إيران أثناء الحملة الإنتخابية، وأظهرت الرحلة مدى أهمية الشق الإقتصادي الذي يغلب على المشهد السياسي.
وفي منطقة شهار رى، تحدث بائع فواكه متجول على عربته واسمه نصر الله هماتي (55 عاما) عن كيف يسير عمله وتوقعاته عن الانتخابات.
وقال هماتي، بينما كان يقوم بتنظيف تفاحاته الحمراء بقطعة قماش، "لطالما كان هذا هو عملي لكسب قوت العيش، كنت أحلم بشراء متجر وتحسين وضعيتي، ولكن الأمر ليس سهلا".
وبشأن توقعاته بخصوص انتخابات يوم الجمعة وعما إذا كان يتوقع أن تساهم في تحسين حياته،رد نصر الله "يبدو أن السياسيين عندنا استخدموا الفقراء وظروفهم المعيشية للوصول إلى السلطة، سأصوت هذه المرة، لا شك في ذلك، ولكن هناك أمل ضئيل في أن يتمكن الشخص المنتخب من معالجة مشاكلنا".
وفي شارع الشريعتي إلى الشمال من مدينة الصدر على الطريق السريع المؤدي إلى المدينة الغنية، بدت علامات الرضا على وجه بائعة داخل محل كبير للخبز، وهي تشارك زملاءها العمل.
وقالت ناستران التي تبلغ من العمر 28 عاما لـ (شينخوا) "في الماضي، كان زبائننا في الغالب من الأغنياء، ولكن مبيعاتنا تحسنت خلال العام الماضي، إذ توسعت قاعدة الزبائن لتشمل مجموعات مختلفة من الناس، حيث يكثر الطلب على الحلويات والبيتزا والكعك وغيرها".
وأضافت ناستران "نأمل أن يتحسن السوق في المستقبل"، معربة عن أملها في أن تتمكن رفقة زوجها من شراء شقة صغيرة بفضل القرض العقاري "الكبير" الذي يقدمه بنك الإسكان للراغبين في شراء منزل لأول مرة.
واكد الخمسيني رحبار وهو صاحب متجر لبيع الأجهزة المنزلية في المنطقة نفسها، أن المبيعات تحسنت كثيرا خاصة بعد رفع العقوبات المفروضة على البلاد.
وعما إذا كانت الحكومة القادمة ستدعم الاقتصاد المحلي والقطاع الخاص، اعرب رحبار عن اعتقاده أن الأمور ستكون أفضل، مؤكدا "ينبغي أن يتحول اقتصادنا إلى التركيز على التصدير، كما قال أحد المرشحين خلال النقاش.. فهي الطريقة الوحيدة لنتطور بسرعة".
ويثار الجدل والنقاشات في الساحات العامة للمدينة وفي الهواء الطلق وداخل القاعات، حيث يستعد الإيرانيون التصويت يوم الجمعة الحاسم.
وفي 21 إبريل الماضي، فإن من أصل 1636 مرشحا مسجلا، تم اختيار ستة مرشحين مؤهلين فقط، بينهم ثلاثة من التيار المحافظ وثلاثة من التيار الإصلاحي، للتنافس على كرسي الرئاسة لولاية تمتد لأربع سنوات.
إلا أن عمدة طهران محمد باقر قليباف أعلن الاثنين الماضي انسحابه من الانتخابات الرئاسية ودعمه للمرشح إبراهيم رئيسي الذي هو أيضا مرشح محافظ.
فى المقابل, أعلن نائب الرئيس الإيرانى والمرشح اسحاق جهانغيري يوم الثلاثاء انسحابه من الانتخابات لصالح الرئيس الحالى حسن روحانى.
ويأمل الوسطيون والاصلاحيون بقيادة الرئيس روحاني ألا يفقدوا السلطة، وفي حال ما إذا لم يحصل أي مرشح على أكثر من 50 في المائة من الأصوات فإن جولة الاعادة ستجري في 26 مايو الجاري بين مرشحين اثنين حاصلين على أكثر الأصوات.
ويحق لأكثر من 56 مليون إيراني الإدلاء بأصواتهم في الإنتخابات.