بكين 12 مايو 2017 /في ميناء جوادر جنوب غربي باكستان. يدير أفتشاد متجر بقالة للمنتجات الصينية تبلغ مساحته 30 مترا مربعا. فالشعرية الجافة والصلصات والمعلبات مرصوصة في الزاوية فيما تعرض وجبات خفيفة مختلفة داخل منضدة عرض زجاجية من بينها الغلوتين المطهي مع التوفو الحار، وهو وجبة صينية شعبية شهيرة.
الكثير من عملاء أفتشاد صينيون يعملون في مشروع بناء الممر الاقتصادي بين الصين وباكستان، وهو برنامج تعاون يجرى في إطار مبادرة الحزام والطريق التي اقترحتها الصين عام 2013. وبفضل هذا المشروع، أصبحت جوادر، التي كانت في وقت من الأوقات مدينة صيد ساحلية، تجذب المستثمرين بأعداد كبيرة.
وأدخل تنفيذ المبادرة تغييرات كبيرة على الحياة اليومية لافتشاد وآخرين في جوادر.
-- من التشكيك إلى الاهتمام
بالنسبة لأولئك الذين يعيشون في قرية كانتون الصغيرة في ميانمار، صارت الكهرباء التي طال انتظارها حقيقة بفضل مشروع منجم للنحاس سهلت إقامته مبادرة الحزام والطريق.
"إننا نشاهد التليفزيون يوميا، ولدينا أجهزة تكييف. هذا لم يكن في الإمكان تصوره على الإطلاق في الماضي"، هكذا قال أحد السكان المحليين ويدعي بو موانغ
غير أن القرويين لم يكونوا متعاونين في البداية.
فقد أطلقت شركة ((وانباو)) الصينية المحدودة لتعدين النحاس مشروع منجم نحاس ليتبادوانج في مونيوا بميانمار عام 2012. وتوقف بناء المشروع مرارا بسبب المظاهرات التي أقامها بعض الأهالي غير الراضين عن عملية الاستحواذ على الأراضي والقلقين من الأثر البيئي المحتمل للمشروع.
وبذلت شركة ((وانباو)) جهودا كبيرة حتى تنال فهم الأهالي ودعمهم وتعمل على تهدئة مخاوفهم وحل مشكلاتهم وتقديم سلسلة من الإجراءات التي تعود بالفائدة على معيشتهم. وفي نهاية المطاف، دخل تشغيل منجم النحاس حيز التنفيذ في مارس 2016.
والآن، تصل الكهرباء إلى جميع القرى الـ33 القريبة من موقع منجم النحاس. وهذا أمر غير معتاد في ميانمار حيث يحدث انقطاع متكرر للكهرباء بسبب نقص الكهرباء، حتى في المدن الكبرى.
ومن أجل مد يد العون للقرويين في مسألة التغلب على الفقر، تقوم الشركة الصينية بتعليمهم مهارات وظيفية وتوفر رأس مال كبداية لبعض القرويين ليقيموا مصانع طوب ومصانع أسمنت ومزارع دواجن.
كما وظفت شركة ((وانباو)) فريقا طبيا متنقلا لتقديم خدمات طبية للمجتمعات المحلية.
وفي السنوات الأخيرة، شهد القرويون زيادة محلوظة في دخولهم وتحسنا كبيرا في الخدمات الطبية والبنية التحتية. وأولئك الذين كانوا يعارضون مشروع ليتبادوانج يتنافسون الآن للعمل فيه. فوظيفة في منجم النحاس قد تجذب ما يصل إلى 100 متقدم للعمل.
-- من البقاء إلى الرخاء
"شكرا" كانت الكلمة التي كررها بابلو كوردوفا مرات عدة خلال حديثه مع الرئيس الصيني شي جين بينغ في 18 نوفمبر 2016.
"أود أن أعبر عن امتناني العميق للسيد الرئيس على مساعدة بلادكم للإكوادور"، هكذا قال بابلو (52 عاما) لشي في مقر النظام الوطني للاستجابة للطوارئ بالإكوادور (إي سي يو - 911) في كيتو.
فقبل عام، ضرب زلزال قوته 7.8 درجة هذا البلد الواقع في أمريكا الجنوبية وأسفر عن مقتل أكثر من 600 شخص، ما جعله الأسوأ منذ 70 عاما.
وأدى الزلزال إلى تسوية الفندق الذي كان يعمل فيه كوردوفا بالأرض في مدينة بورتوفيجو الواقعة في مقاطعة مانابي غربي البلاد. و حوصر بابلو تحت الأنقاض لمدة 46 ساعة قبل أن يتم إنقاذه بفضل نداء استجاب له نظام (إي سي يو - 911).
إن نظام (إي سي يو - 911) الوطني، الذي أنشأته شركة تابعة لشركة ((تشاينا إلكترونيكس)) يعد مركز قيادة لعمليات الإغاثة استجابة للكوارث. ولكن في الحياة اليومية، يعمل أيضا كشبكة أمنية. وفي الوقت الراهن، هناك 16 مركزا لنظام (إي سي يو - 911) في أنحاء البلاد.
وبالنسبة للإكوادوري كوردوفا، أنقذت التكنولوجيا الصينية حياته، وبالنسبة للتونسي لطفي رجائي تعد التكنولوجيا الصينية بداية لتخصصه في ريادة الأعمال وأساسا لمسيرته المهنية الناجحة.
فقبل 26 عاما، كان رجائي يبلغ من العمر 18 عاما وتعلم بعض مهارات الإصلاح الميكانيكي من والده. وعمل في شركة ((سينوهيدرو)) الحكومية الصينية.
وقال رجائي إن "فنيي الميكانيكا الصينيين يتمتعون بمهارات عالية. وقد تعلمت من كل واحد منهم وأصبحت أنا نفسي تدريجيا خبيرا في الميكانيكا"، مضيفا أن "أساليب الهندسة الحسابية التي تعلمها من زملائه الصينيين أرست أساسا صلبا لعمله المهني".
ويملك رجائي الآن ممتلكات متنوعة في تونس بما في ذلك نادي افتتحه للتو تتجاوز مساحته 20 ألف متر مربع ويضم مرافق رياضية مختلفة. وتشتمل أعماله التجارية على التطوير العقاري، وإنشاء مشروعات للبلديات، وتجارة السيارات، ومجال الإعلان .
وفي عام 2015، نجح رجائي وشركة ((سينوهيدرو)) في تقديم عطاء مشترك للفوز بمناقصة مشروع بناء سد كبير غربي تونس. فبعدما بدأ عمله كفني ميكانيكا، ارتقت مكانة رجائي ليصبح شريكا لشركة ((سينوهيدرو)).
"سينوهيدرو مثل أمي، وبدونها ما كنت لأصل إلى وصلت إليه اليوم"، هكذا ذكر رجائي.
-- من الترابط إلى التبادل
إن عددا متزايدا من الصيادين الروس الذين يعتبرون الصين مستهلكا كبيرا قاموا بتصدير مأكولات بحرية مثل سرطان البحر الملك وجراد البحر إلى الصين خلال السنوات القليلة الماضية، على حد قول الصياد كارييف الذين عمل في فلاديفوستوك لسنوات
وتعد فلاديفوستوك المركز الإداري لمنطقة بريمورسكي في الشرق الأقصى الروسي. وقد قوبلت مبادرة الحزام والطريق بترحيب من حكومة المنطقة، حسبما أعلن حاكمها فلاديمير ميكلوشفسكي لـ((شينخوا)).
وتتقاسم المنطقة والصين حدودا مشتركة يصل طولها إلى 1100 كلم. ويجرى حاليا بناء ممري عبور -- أحدهما يربط ميناء ناخودكا بمقاطعة هيلونغجيانغ الصينية والآخر يربط ميناء زاروبينو بمقاطعة جيلين الصينية -- من أجل ربط آسيا بأوروبا ودفع تبادل المنتجات والأفراد وتعزيز التنمية الاقتصادية.
وتكتظ نقطة التفتيش على الحدود بين مدينة سويفنخه الصينية في مقاطعة هيلونغجيانغ وبلدة بوجرانيتشني الروسية في بريمورسكي تكتظ بالشاحنات الروسية التي تريد دخول الصين وهي محملة بالأخشاب والمأكولات البحرية والنفط وغيرها من المنتجات.
وقال سيرجي، سائق إحدى الشاحنات، عند نقطة التفتيش لـ((شينخوا)) إنه يقوم عادة برحلة واحدة يوميا في الشتاء ورحلتين عندما يصبح الطقس أكثر دفئا.
وبالنسبة للسائق القازاقي دولت، هنا يوجد شيء أعجبه إعجابا شديدا: إنه إصلاح الطريق الوعرة من ألماتي عاصمة قازاقستان إلى مدينة هورجوس الحدودية في منطقة شينجيانغ ذاتية الحكم لقومية الويغور في الصين.
وذكر دولت "قيادة السيارة لمدة تتراوح بين 8 إلى 9 ساعات من ألماتي إلى هورجوس ستُختصر إلى ما يتراوح بين 5 أو حتى 4 ساعات"، لافتا إلى أنه يريد قيادة السيارة إلى شينجيانغ عند اكتمال المشروع.
ويعد هذا الطريق جزءا من طريق سريع عابر للمناطق يربط بين ليانيونقانغ في مقاطعة جيانغسو بشرق الصين وسان بطرسبرج الروسية. إنه مشروع بنية تحتية يقام تحت إطار مبادرة الحزام والطريق، كما يربط شبكة الطرق الأوروبية.
وقد مكنت عملية تقوية روابط النقل من توريد السلع على نحو أكثر استقرارا للتجار القازاقيين وتوفير مجموعة أكبر من المنتجات الغذائية في محال السوبر ماركت. فالمنتجات الزراعية المستوردة من الصين مثل الكرات واللوبيا وسيقان الثوم تسهم في تنوع النظام الغذائي للقازاقيين خلال فصل الشتاء والذي كان يقتصر في المعتاد على الكرنب والبطاطا والجزر. وفي الطرف الآخر من رابطة النقل، اعتاد الشعب الصيني على المنتجات القازاقية المميزة مثل حليب الأبل ونقانق لحم الخيل. والتوسع في خدمات البنية التحتية الحديثة تحت إطار مبادرة الحزام والطريق يسهم الآن في تحسين دخل السكان المحليين في الدول المشاركة في المبادرة.