الموصل، العراق 12 مايو 2017 /الحياة لن تتوقف ولن نسمح لها بالتوقف، بهذه الكلمات بدأ بشار أبو أحمد حديثه حول عودة أهالي الإحياء المحررة في الجانب الغربي لمدينة الموصل إلى منازلهم، داعيا جميع النازحين إلى العودة إلى بيوتهم لإزالة الآثار والدمار التي خلفها التنظيم المتطرف، لكي يستمر عجلة الحياة في الدوران.
وقال بشار، لوكالة أنباء ((شينخوا)) أثناء ممارسته العمل بمحله المخصص لبيع المرطبات والحلوى بحي موصل الجديدة بالجانب الغربي للموصل، "رفعت شعار الحياة يجب أن تستمر، لذلك أعدت إعمار محلي الذي أصيب بثلاث قذائف هاون أطلقها التنظيم الإرهابي، وبمساعدة أبناء المنطقة استأنفت العمل قبل عدة أيام وسأواصل عملي وأساعد أصحاب المحال الأخرى لكي يعودوا إلى عملهم كما سأعدني أهل الخير".
ويقع محل بشار مقابل ما بات يعرف بالمنطقة المنكوبة بحي موصل الجديدة والتي تعرضت لقصف جوي من قبل طائرات التحالف وأسفرت عن تدمير العديد من المنازل وقتل المئات حسب أهل الحي، واختار له اسما هو البشائر في إشارة إلى البشرى للخلاص من التنظيم المتطرف والانطلاق نحو المستقبل الذي يتمنى أن يكون أفضل.
وأضاف بشار "العمل يتقدم والناس ترجع تدريجيا، نتيجة لتوفر الأمن بعد طرد القوات العراقية لعناصر التنظيم الإرهابي"، مبينا أن قذائف الهاون التي يطلقها التنظيم الإرهابي على الحي توقفت بعد أن تمكنت قوات مكافحة الإرهاب من استعادة حي الإصلاح الزراعي وأصبح عناصر التنظيم بعيدين ولا تصل قذائفهم إلى الحي (موصل الجديدة)، داعيا أهالي الأحياء المحررة إلى العودة لإزالة آثار الدمار والخراب لكي تستمر عجلة الحياة في دورانها.
إلى ذلك، قال حاتم عبدالكريم أثناء وقوفه فوق اطلال منزله المدمر بالمنطقة المنكوبة في حي موصل الجديدة "لقد دمر منزلي المكون من طابقين و11 غرفة ولم يبق منه سوى غرفتين، لكني سوف أقوم برفع الأنقاض واسكن في البيت لوجود غرفتين فقط غير مدمرتين بالكامل، سوف أصلحهما واجلب عائلتي لتسكن، لأن الحياة يجب أن لا تتوقف".
وانتقد عبدالكريم الحكومة المحلية في الموصل، وأعضاء البرلمان من أهالي الموصل لعدم مساعدتهم الأهالي وخاصة أصحاب المنازل المدمرة وقال "لم نرى أي من أعضاء البرلمان، هم فقط يتواجدون في شاشات التلفزة وفي المؤتمرات والمناطق الراقية، أما المناطق المنكوبة فلا تواجد لهم فيها".
من جانبه، قال يوسف أبو يعقوب من أهالي حي الرسالة في الجانب الغربي "عاد العديد من أهالي الحي إلى منازلهم بعد أن جربوا الحياة الصعبة في مخيمات النازحين، لكن ما يمنع البعض الآخر من العودة هو قلة الخدمات الأساسية وعدم صرف رواتب الموظفين".
وتابع "لو تم توفير الماء الصالح للشرب وقدر بسيط من الكهرباء، والخدمات الأساسية الأخرى واستئناف توزيع الحصة التموينية لرجع كل أهالي الحي، "داعيا إلى توفير الخدمات بحدها الأدني لكي يعود الناس إلى بيوتهم ويستأنفوا حياتهم لأن الحياة يجب أن تستمر".
بدوره، قال صاحب محل في منطقة موصل الجديدة طلب عدم ذكر اسمه لوجود أقارب له في أحد الأحياء التي ما تزال تحت سيطرة التنظيم الإرهابي "فقدت 20 شخصا من أفراد عائلتي وأقاربي في القصف الجوي، لكن الحياة يجب أن لا تتوقف، كما ترى فاني ارتب محلي لكي استأنف العمل من جديد بعد أن خسرت الكثير".
وأضاف "على الحكومتين المحلية والمركزية أن تسارع في تعويض أصحاب المنازل المدمرة لكي يعيدوا بناء منازلهم ويرجعوا إلى بيوتهم"، مطالبا القوات الأمنية والجهات الحكومية بفتح أحد الجسور بين الجانبين الشرقي والغربي لتسهيل حركة مرور الأشخاص والبضاعة، حتى يعود أكثر الناس".
وتابع "أجرة السيارة الحمل 2 طن من الجانب الشرقي إلى الغربي لاتتجاوز 15 ألف دينار عراقي لكن حاليا ندفع أجرة للسيارة 150 ألف دينار، لأن سائق السيارة يذهب من الجانب الشرقي باتجاه الجنوب ولمسافة أكثر من (50 كلم) حتى يعبر الجسر العائم بمنطقة منيرة ومن ثم إلى حمام العليل وبعدها إلى الموصل والانتظار في نقاط التفتيش"، مضيفا "اذا الحكومة لاتستطيع إعادة إعمار أحد الجسور الخمسة التي تربط جانبي الموصل عليها نقل الجسر العائم من منطقة منيرة ووضعه قرب الجسر الرابع جنوبي الموصل لتسهيل حركة انتقال الناس والبضائع".
على صعيد متصل، قال اللواء الركن معن السعدي قائد العمليات الخاصة الثانية بجهاز مكافحة الإرهاب لـ ((شينخوا)) "بعد أن استعدنا العديد من الأحياء وطهرناها من الإرهابيين ومتفجراتهم، نقوم بمساعد السكان المحليين وفقا لإمكانياتنا المتاحة، لكي يعودوا إلى منازلهم فقد قمنا بتوزيع المواد الغذائية والماء لأهالي الأحياء وما زلنا نواصل تقديم هذه المساعدات".
وأضاف "نواصل التنسيق مع الحكومة المحلية ونوفر لهم بعض احتياجاتهم من أجل رفع الانقاض وتنظيف الشوارع حتى تسهل عودة الناس إلى منازلهم، وقال "كنا في المعارك حريصين على حياة المدنيين، ونحن أشد حرصا على عودتهم إلى منازلهم ليعودوا إلى حياتهم الطبيعية، ولن ندخر أي جهد من أجل مساعدتهم".
لم نجد أي مسئول محلي في الموصل لكي ننقل وجهة نظره ورايه لأن أغلب الدوائر الحكومية تمارس عملها حاليا في الجانب الشرقي للمدينة التي عادت فيه الحياة إلى طبيعتها، لكن شاهدنا في بعض الأحياء عمال البلدية ينظفون الشوارع ويقومون بإزالة الانقاض، بآليات ومواد بسيطة وبدائية.
أثناء توقفنا في نقطة الدخول الرئيسة جنوبي الموصل والتي تسمى "سيطرة العقرب" بانتظار حصول الموافقة على دخولنا إلى المدينة، شاهدنا العديد من السيارات المدنية التي تحمل العفش وعشرات العوائل وتدخل إلى الموصل عائدين إلى بيوتهم، كما شاهدنا شاحنات عسكرية تنقل العديد من العوائل الراغبة بالعودة إلى منازلها.
رغم الدمار الكبير الذي حل بالعديد من أحياء الموصل لكن الزائر لها يشاهد حركة ونبض للحياة فالناس حريصة على تجاوز المحنة التي خلفها التنظيم الإرهابي وطي صفحة الماضي، لكن عيونهم ترنو إلى بغداد حيث الحكومة العراقية التي يطالبونها بتعويضهم لكي يعيدوا اعمار ما دمره التنظيم الإرهابي ويستقروا في منازلهم من أجل أن لاتتوقف الحياة.
وحسب الأرقام التي تعلنها وزارة الهجرة والمهجرين العراقية والمنظمات الدولية فان نحو 700 ألف عراقي نزحوا من مدينة الموصل منذ انطلاق العمليات العسكرية في 17 أكتوبر الماضي، أغلبهم نزحوا من الجانب الغربي الذي انطلقت العمليات العسكرية لاستعادته في 19 فبراير الماضي.
يشار إلى أن حجم الدمار الذي لحق بالجانب الغربي من مدينة الموصل أكبر بكثير مما وقع في الجانب الشرقي من المدينة وهذا يفسر سبب نزوح اعداد أكبر من الجانب الغربي، فضلا عن النقص الكبير في المواد الغذائية وانعدام الخدمات الأساسية.