تشيوانتشو, فوجيان 12 مايو 2017 /تعتزم الصين طلب إدراج 16 أثرا ثقافيا قديما في مدينة تشيوانتشو الواقعة في مقاطعة فوجيان بجنوب شرقي البلاد، ضمن قائمة التراث العالمي للأمم المتحدة عام 2018، من بينها أثران إسلاميان .
وذكر مسؤول إعلامي في تشيوانتشو لوكالة أنباء شينخوا أن مسجد تشينغجينغ (مسجد الأصحاب) ومقبرة لينغشيان للمسلمين (المقبرة المباركة لأصحاب الخير) مدرجان في القائمة المخططة لإدراج الآثار القديمة ضمن التراث العالمي.
وشهدت تشيوانتشو التي يطلق عليها اسم آخر هو "مدينة الزيتون" كما سماها الرحالة العربي الشهير ابن بطوطة، شهدت تبادلات صينية عربية منذ أسرة تانغ الملكية عبر طريق الحرير البحري، ووصلت هذه التبادلات ذروتها في عهد أسرتي سونغ ويوان، الأمر الذي خلف العديد من الآثار العربية الإسلامية التي تسجل تاريخ تبادلات بين الحضارتين الصينية والعربية.
وقال خه تشن ليانغ، الخبير الصيني الذي يشارك في عملية إصلاح الآثار في تشيوانتشو، إن الصين منذ بداية من هذا العام تسرع عملية ترميم المواقع الأثرية الـ16 في تشيوانتشو، ومن بينها مسجد تشينغجينغ ومقبرة لينغشيان للمسلمين لتلاقي معايير الأمم المتحدة، مشيرا إلى أنه تم إرسال فريق متخصص من العمال والخبراء لكل موقع أثري، حيث تعد العملية هذه المرة من أوسع العمليات نطاقا في تاريخ ترميم الآثار.
وعند الدخول إلى مقبرة لينغشيان للمسلمين، يمكن رؤية نصب باللغة العربية. وتعد مقبرة لينغشيان للمسلمين التي يعود تاريخها إلى ما قبل 1300 عام، أي في عهد أسرة تانغ الملكية الصينية من أكبر وأقدم المقابر الموجودة الخاصة بالمسلمين في الصين، وظلت تجذب الزوار من كل أنحاء العالم وخاصة المسلمين من شمال غربي الصين وكذلك جنوب شرقي آسيا والشرق الأوسط. وما زالت محط أنظار المؤرخين للبحث عن أصول العرب الوافدين إلى الصين.
ووفقا للسجلات التاريخية، فإن عددا من العرب في عصر النبي محمد والخلفاء الراشدين مدفونون فيها.
وقال مسؤول محلي ان السكان والحكومة المحلية قاموا بالحماية الدقيقة والشاملة للمقبرة جيلا بعد جيل"، مضيفا أنه تم تعزيز حمايتها في هذه السنوات والقيام بإصلاحات فيها من أجل ترميم المواقع المدمرة بسبب الكوارث الطبيعية التي شهدتها طوال تاريخها.
وقال المسؤول: " تمت عملية الترميم للمقبرة بشكل عام، وفي خطوة قادمة، سيتم اتخاذ مزيد من التدابير الحمائية لوقايتها من التآكل الناجم عن البيئة الخارجية مثل العواصف والأمطار الحمضية."
وفي جنوب شرق المقبرة بمسافة نحو 4 كلم، يقع مسجد تشينغجينغ الذي يعتبر من أقدم المساجد الموجودة في الصين، حيث بني في عام 1009. وعند الاقتراب من المسجد، يمكن ملاحظة أنه عبارة عن عمارة ذات خصائص عربية إسلامية عميقة من حيث بوابته وجدرانه.
وقالت تشانغ ليان تشو، وهي من أحفاد العرب المقيمين في المدينة، إن المسجد بصفته أحد أقدم المساجد في الصين يجذب قرابة 200 ألف سائح من كل أرجاء العالم، وبات محط أنظار جميع المسلمين الذين كانوا يأتون إلى تشيوانتشو"، مضيفة ان عددا من التجار المسلمين الذين أتوا من شمال غربي الصين وخارج الصين مثل دول جنوب شرق آسيا والشرق الأوسط، يقيمون الآن في تشيوانتشو, ودائما ما يجتمع فيه العديد من المصلين الذين بلغ عددهم أحيانا أكثر من ألف شخص في فترة عيدي الفطر والأضحى، من بينهم أشخاص سافروا إلى تشيوانتشو خصيصا نظرا لشهرة المسجد".
لا نبالغ إذا قلنا إن تشانغ هي شاهدة على نمو المسجد، ففي هذه السنوات، يذكر أنه في عام 2007 تم بناء مصلى جديد في داخله بمساعدة سلطنة عمان لتقديم مزيد من التسهيلات لصلوات المسلمين هنا.
وقالت تشانغ بحماسة " تم إدراج المسجد في قائمة الـ16 أثرا المرشحة في تشيوانتشو لقائمة التراث العالمي، ما يرمز إلى تعزيز الصين حماية وتطوير هذا الأثر الذي يشهد التبادلات الصينية العربية منذ نحو ألف عام"، وقال:" "ستُبذل مزيد من الجهود لترميم بعض المواقع المدمرة بسبب الكوارث الطبيعية وخاصة بعد الزلزال الذي بلغت قوته 8 درجات في عام 1604 أي في أسرة مينغ الملكية لتعود إلى ما كانت عليه في الماضي من أجل نجاح إدراجها ضمن قائمة التراث العالمي في العام المقبل.