غزة 17 يناير 2017 /يرى مراقبون فلسطينيون، أن مؤتمر باريس الدولي للسلام لم يأت بجديد على صعيد آليات عملية لحل القضية الفلسطينية ، لكنه أعاد طرحها على الأجندة الدولية بعد سنوات من تهميشها.
وفي ظل سنوات "الربيع العربي" وتصاعد الصراعات الإقليمية يبرز المراقبون أن مؤتمر باريس شكل محطة مهمة لإعادة التأكيد الدولي على حل الدولتين بإنهاء الاحتلال الإسرائيلي وإقامة دولة فلسطينية مستقلة.
وعقدت أعمال مؤتمر باريس الدولي لحل الصراع الفلسطيني- الإسرائيلي لعدة ساعات أول أمس الأحد بحضور 70 دولة على مستوى وزراء الخارجية، وخمس منظمات دولية منها الأمم المتحدة.
وأكد البيان الختامي للمؤتمر، ضرورة إنهاء الاحتلال الإسرائيلي الذي بدأ عام 1967 وحق الشعب الفلسطيني في إقامة دولته المستقلة، وتجسيد سيادتها لتعيش بأمن وسلام إلى جانب إسرائيل وفق مبدأ حل الدولتين.
وحث البيان، على وقف أي إجراءات أحادية من الطرفين بما في ذلك أعمال العنف والتحريض والاستيطان الإسرائيلي للتمهيد للشروع في مفاوضات سلام ثنائية.
ويقول أستاذ العلوم السياسية في جامعة بيرزيت في الضفة الغربية سمير عوض لوكالة أنباء ((شينخوا))، إن انعقاد مؤتمر باريس وبيانه الختامي "حقق مكاسب فلسطينية بالتأكيد على حل الدولتين وتجديد دعمه دوليا" كسبيل لحل الصراع.
ويضيف عوض، أن المؤتمر "أكد الحقوق الثابتة للشعب الفلسطيني وتحرك بشكل مناقض لمسار المفاوضات الثنائية العبثية التي جرت برعاية أمريكية منفردة على مدار السنوات الماضية ".
وأردف أنه على الرغم من أن مؤتمر باريس "لم يحقق عمليا تطورا على الأرض فيما يتعلق بالمضي لحل القضية الفلسطينية إلا أنه يعتبر خطوة تراكمية مهمة بتأكيده على الخطوط العامة للحل بعد السنوات العجاف من تعثر عملية السلام".
كما أبرز عوض أن المؤتمر الدولي نتج عنه في الحد الأدنى مطالبة دولية لإسرائيل بالعودة للمفاوضات على أساس حل الدولتين وهو ما سيصعب عليها مستقبلا فرض حلول أقل من ذلك على الفلسطينيين.
إعادة النهج الثنائي
جاء انعقاد مؤتمر باريس في وقت تتواصل فيه في الأراضي الفلسطينية موجة توتر ميداني مع إسرائيل منذ أكتوبر 2015 أدت حتى الآن إلى مقتل 350 فلسطينيا ومواطن أردني و46 إسرائيليا بحسب إحصائيات رسمية.
كما أن آخر مفاوضات للسلام بين الفلسطينيين وإسرائيل توقفت في النصف الأول من عام 2014 بعد تسعة أشهر من المحادثات برعاية أمريكية من دون أن تسفر عن تقدم لإنهاء الصراع.
وفي كلمته خلال مؤتمر باريس قال الرئيس الفرنسي فرانسوا اولاند "اننا لن نفرض معايير التسوية على الجانبين الفلسطيني والإسرائيلي"، داعيا إلى مسار مفاوضات جاد بين الجانبين بأسرع وقت.
ويرى الكاتب والمحلل السياسي مهند عبد الحميد من رام الله، أن جوهر مخرجات مؤتمر باريس "شكلت خيبة فلسطينية لفشله في تدويل الصراع بعد سنوات طويلة من إخفاق التفاوض الثنائي".
ويقول عبد الحميد ل((شينخوا))، إن المؤتمر "أعاد مهمة تحقيق الحل إلى تفاوض ثنائي فلسطيني إسرائيلي مكررا بذلك الآلية التي لم تتمخض عن شيء على امتداد 25 سنة ماضية".
وينبه إلى أن المطلوب فلسطينيا كان "الانتقال من تفاوض ثنائي فاشل بامتياز إلى تفاوض بمشاركة الدول الكبرى على غرار مفاوضات 5+1 حول السلاح النووي الإيراني مع قطبي الصراع كضمان لضبط العملية السياسية وإيصالها إلى نهاياتها المطلوبة لكن هذا لم يحدث".
ويخلص عبد الحميد، إلى أن "إعادة التفاوض الثنائي ما هي إلا استجابة للموقف الإسرائيلي الذي يرفض الشراكة الدولية، وبالتالي يمثل ذلك وصفة سحرية لمفاقمة الصراع وليس العمل الجدي على حله بالمدى المنظور".
ما بعد المؤتمر
قوبل البيان الختامي لمؤتمر باريس بترحيب فلسطيني شديد، في وقت رفضته إسرائيل وأعلنت أن أي نتائج صادرة عنه لا تلزمها بشيء.
وأعلن الرئيس الفلسطيني محمود عباس، أنه سيلبي دعوة اولاند للقائه خلال الأسابيع المقبلة في باريس للبحث في الخطوات المقبلة ما بعد انعقاد مؤتمر باريس.
وكان مقررا أصلا أن يلتقي عباس واولاند في نفس يوم انعقاد المؤتمر قبل أن يتم الإعلان عن تأجيل اللقاء إلى موعد آخر لم يحدد رسميا حتى الآن.
ويرى مدير مركز (مسارات) للأبحاث والدراسات في رام الله هاني المصري، أن زيارة عباس إلى باريس كانت ستكون ضرورية لو سيتم عرض مشروع قرار على مجلس الأمن الدولي بشأن نتائج مؤتمر باريس، بينما الآن سيتم الاكتفاء بإحاطة المجلس علما بما جرى في المؤتمر.
ويقول المصري ل((شينخوا)) "إن تأجيل زيارة عباس لباريس له علاقة بكسب الوقت لإقناع (رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين) نتنياهو بعقد القمة الثلاثية التي دعا إليها اولاند لجمعه بالرئيس الفلسطيني بعد المؤتمر مباشرة".
ويضيف "الآن بعد أن سحبت فكرة عرض مشروع قرار جديد على مجلس الأمن سيدرس نتنياهو إمكانية تلبية الدعوة الفرنسية، وإذا عقدت القمة الثلاثية سنعود لاستئناف المفاوضات الثنائية من دون التسلح فلسطينيا بعناصر القوة والمرجعية الدولية ما يجعل مصيرها أسوأ من سابقاتها".
ويشدد المصري، على أن "الفلسطينيين يحتاجون الآن وأكثر من أي وقت مضى إلى البحث عن مسار بديل عن المفاوضات الثنائية ، خاصة أن جوهر مخرجات مؤتمر باريس ارتبطت بالتحذير من خطر انهيار حل الدولتين وهو ما يحدث عمليا جراء الممارسات الإسرائيلية على الأرض".