كيتو 18 نوفمبر 2016 / شهد اليومان الماضيان زيارة مثمرة إلى الإكوادور قام بها الرئيس الصيني شي جين بينغ الذي يعد أول رئيس دولة صيني يزو هذا البلد الواقع في أمريكا اللاتينية منذ 36 عاما.
ورغم أن الزعيم الصيني وصل إلى البلاد بعد ظهر الخميس وغادر متوجها إلى العاصمة البيروفية ليما في اليوم التالي، إلا أنه أجرى محادثات مع كبار قادة البلاد وشهد توقيع عدد من اتفاقات التعاون والتقى الصحافة وزار مقر النظام الوطني للاستجابة للطوارئ في الإكوادور.
-- عهد جديد للعلاقات الثنائية
ويكمن أهم انجازات هذه الزيارة في أن الصين والإكوادور ارتقيتا بمستوى علاقتهما الثنائية إلى شراكة إستراتيجية شاملة.
فقد أقام البلدان شراكة إستراتيجية خلال الزيارة الرسمية الثانية التي قام بها الرئيس الإكوادوري رفائيل كوريا لبكين في العام الماضي. وتعد الإكوادور الآن مقصدا رئيسيا للاستثمارات الصينية والتمويل الصيني في أمريكا اللاتينية.
وخلال محادثاته مع رفائيل كوريا، أشار شي إلى أنه منذ عام 2015، شهد التعاون متبادل المنفعة بين الجانبين نموا سريعا في نطاق عريض من المجالات مع استمرار تزايد حجم هذا التعاون، مضيفا أن العلاقات الثنائية شهدت منذ ذلك الحين إثراء كبيرا واكتسبت قوة دفع تجاه التنمية الشاملة.
وذكر الرئيس الصيني أن العلاقات بين الصين والإكوادور دخلت الآن مرحلة رئيسية يحمل فيها التعاون بين البلدين أهمية أكبر للجانبين.
واتفق الرئيسان على جعل الارتقاء بالعلاقات الثنائية نقطة بداية جديدة لتعميق الثقة الإستراتيجية المتبادلة، والسعي إلى تحقيق إنجازات أكبر في التعاون متبادل المنفعة، وإعطاء دفعة لنمو أكثر صحة وسرعة للعلاقات الثنائية.
وقال ليو يوي تشين سفير الصين السابق لدى الإكوادور إن قرار رفع مستوى العلاقات الثنائية يمثل الاستجابة الإيجابية من رئيسي البلدين للدعوات إلى تحقيق مزيد من التعاون البراغماتي والمربح للجانبين في شتي المجالات.
وأضاف ليو أن "الموافقة الرسمية تمثل دوما عنصرا أساسيا في تعزيز التبادلات الثنائية".
-- السعى من أجل تحقيق تعاون شامل أقوى
ووفقا لبيان رسمي صدر يوم الخميس، اتفقت الصين والإكوادور على تعزيز تعاونهما في مجال القدرة الإنتاجية فضلا عن المجالين الاقتصادي والتجاري.
وفي سعيهما إلى تعزيز التعاون في مجالي القدرة الإنتاجية والاستثمار، تعهد البلدان بتنفيذ مشروعات كبرى في مجالات النفط والغاز، والتعدين، والبنية التحتية، والحفاظ على المياه، والاتصالات، والتمويل؛ واستكشاف التعاون في مجالات الزراعة، والصناعة البتروكيماوية، وبناء السفن، وعلم المعادن، وصناعة الورق.
وترغب الصين في العمل مع الإكوادور في مسألة نقل التكنولوجيا من أجل تعزيز التصنيع بالبلاد وتدعيم قدرتها على تحقيق التنمية المستقلة.
كما تعهد الجانبان بتشجيع شركاتهما ومؤسساتهما المالية على بحث التعاون المحتمل فى مصفاة الباسيفيك، وهو مجمع كبير للبتروكيماويات فى مقاطعة مانابى شمالي الإكوادور والذي سيكون بمثابة دعامة لصناعة البتروكيماويات فى الإكوادور والمنطقة بأسرها.
وفى مجال التجارة، اتفقت بكين وكيتو على السعي إلى تحقيق نمو تجارى مطرد ومستدام ومتوازن وتعهدتا بجعل الأمور أكثر ملاءمة لوصول منتجات كل منهما إلى أسواق الطرف الآخر.
كما اتفقت الصين والإكوادور على توطيد تعاونهما في مجالات التعليم والثقافة والصحة والرياضة والسياحة والقضاء، وتعزيز التبادلات بين وسائل الإعلام والفنانين والطلاب من البلدين، وزيادة عدد التبادلات الطلابية من أجل تعزيز التفاهم والصداقة بين الشعبين.
واتفقت الصين والإكوادور أيضا في البيان على أن التعاون البراغماتي يمثل جزءا هاما من شراكتهما الإستراتيجية الشاملة.
وأعرب الجانبان أيضا عن استعدادهما إلى تعزيز التلاحم بين إستراتيجياتهما التنموية، وإفساح المجال كاملا أمام سلسلة من آليات التعاون في مجالات مثل القدرة الإنتاجية والاستثمار والتجارة والزراعة والتكنولوجيا.
-- مزيد من المساعدات للإكوادور المنكوبة بالزلزال
وفي يوم الجمعة، قام الرئيس الصيني أيضا بزيارة مقر الجهاز الوطني للاستجابة للكوارث في الإكوادور (إي سي يو - 911) حيث تعهد بتقديم مزيد من الدعم للإكوادور المنكوبة بالزلزال فيما يتعلق بالإغاثة من الكوارث وإعادة الإعمار .
فقد قدمت الصين للإكوادور دعما نقديا قدره مليونا دولار أمريكي ومساعدات إنسانية أخرى تقدر قيمتها بـ9.2 مليون دولار أمريكي بعد الزلزال العنيف. كما أرسلت الشركات الصينية التي تدير أعمالا تجارية في الإكوادور موظفين وموارد إلى المناطق المنكوبة للمشاركة في أعمال الإغاثة من الكوارث وتقديم المساعدات الإنسانية.
وذكر شي في كلمة ألقاها في مقر الجهاز الوطني للاستجابة للكوارث في الإكوادور أن "الصين ستساهم بدور فعال في عملية إعادة إعمار الإكوادور فيما بعد الزلزال، وستستمر في تقديم الدعم في مجالات الإسكان والعلاج الطبي والموارد البشرية ومنع الكوارث والحد من آثارها".
فقد هز الإكوادور زلزال قوته 7.8 درجة في إبريل من العام الجاري، ما أسفر عن مقتل نحو 700 شخص وإصابة قرابة 5 آلاف آخرين ونزوح 80 ألف شخص.
وكانت الصين من أوائل الدول التى قدمت مساعدات إنسانية فورية لها بعد وقوع الزلزال.
وأعرب الرئيس رفائيل كوريا، أثناء مرافقته شي خلال زيارته، عن شكره للصين على دعمها لأعمال الإغاثة فيما بعد الزلزال وكذا التنمية الوطنية في الإكوادور، مضيفا أن البلد الواقع في أمريكا اللاتينية على استعداد لتعميق التعاون متكافئ الكسب مع الجانب الصيني.
وفي صباح يوم الجمعة، قام الرئيسان بجولة في معرض للصور عن المساعدات الصينية لأعمال الإغاثة من الزلزال في الإكوادور، وافتتحا مختبرا مشتركا في مقر الجهاز الوطني للاستجابة للكوارث في الإكوادور.
فقد لعب الجهاز الوطني للاستجابة للكوارث، الذي قامت شركات صينية بتطويره، دورا حيويا في أعمال الإغاثة عقب الزلزال الذي وقع في إبريل الماضي، وذلك من خلال معالجة فعالة لكمية هائلة من المعلومات وإرسال تعليمات بدون تأخير، مما ساهم في إنقاذ الكثير من الأرواح ومنع حدوث المزيد من الضرر. وهناك حاليا 16 مركزا تابعا للجهاز الوطني للاستجابة للكوارث في جميع أنحاء الإكوادور.
-- تحسين البنية التحتية للإكوادور
وفي وقت سابق من اليوم، شاهد شي ورفائيل كوريا أيضا عبر بث مباشر حفل وضع حجر الأساس لمستشفى جديد سيتم بناؤه بمساعدة صينية في مدينة تشوني الإكوادورية المنكوبة بالزلزال، ليحل محل ذلك المستشفي الذي تضرر بشدة جراء الزلزال الذي وقع في إبريل الماضي.
كما افتتحا محطة لتوليد الطاقة الكهرومائية قامت ببنائها شركة (سينوهيدرو) الصينية.
ولفت الرئيس رفائيل كوريا إلى أن محطة "كوكا كودو سينكلير" الكهرومائية تعد الأكبر من نوعها في تاريخ الإكوادور، وتمثل "ثمرة تعاون كبير بين الإكوادور والصين".
ومن المتوقع أن تساعد هذه المحطة، وهي ذات قدرة مركبة تصل إلى 1500 ميغاوات، الإكوادور على التحول من بلد مستهلك للطاقة إلى بلد مصدر للطاقة النظيفة، والمساهمة بدرجة كبيرة في التنمية الاقتصادية للبلاد.
وقد بدأ تشغيل أول أربعة من إجمالي ثمانية توربينات في المحطة في الـ13 من إبريل، وذلك قبل ثلاثة أيام فقط من وقوع الزلزال، ولم يلحق بها أي ضرر خلال الزلزال، وساعدت الطاقة التي ولدتها المحطة في الأعمال المحلية للإغاثة من الكوارث.
وفي كلمته، أشار الرئيس شي إلى أن تحديث الجهاز الوطني للاستجابة من الكوارث، وإعادة بناء مستشفى تشوني، واستكمال محطة كوكا كودو سينكلير للطاقة الكهرومائية سيعزز بشكل فعال قدرة الإكوادور على منع الكوارث ومقاومتها، وتحسين البنية التحتية العامة فيها.
ومن ناحية أخرى، أقر رفائيل كوريا بأن التعاون بين الإكوادور والصين ساهم في تحسين البنية التحتية في بلاده، وتعزيز تطويرها للطاقة النظيفة، وكذا تدعيم خدمة الأمن العام بالبلاد، قائلا إن كل هذا عاد بالفائدة على الشعب الإكوادوري.
وتعد الإكوادور المحطة الأولى من جولة الرئيس شي التي تشمل ثلاث دول في أمريكا اللاتينية وسيزور خلالها أيضا بيرو وشيلي. وتعد هذه ثالث زيارة له إلى أمريكا اللاتينية منذ توليه الرئاسة في مارس 2013.
كما سيشارك الرئيس الصيني في الاجتماع الـ24 لقادة اقتصادات منتدى التعاون الاقتصادي لمنطقة آسيا والمحيط الهادئ (أبيك) في مدينة ليما، عاصمة بيرو.