تعليق: ترامب وإتجاهات السياسة الخارجية الأمريكية

فاز المرشح الجمهوري ورجل الأعمال الثري، دونالد ترامب، بالإنتخابات الرئاسية الأمريكية في 9 نوفمبر الجاري. في هذا الصدد، علقت صحيفة "نيويورك تايمز" على فوز ترامب، بأنه أول فوز لم يمكن متوقعا في تاريخ الإنتخابات الرئاسية الأمريكية الحديث. لذا يترقب الجميع سياسات ترامب، فهل ستكون متطابقة مع ما أعلن عليه أثناء الحملة الإنتخابية؟

أمريكا أولا؟

ذكرت قناة البي بي سي البريطانية نقلا عن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب في خطاب ألقاه بواشنطن قبل الانتخابات، أنه سيعمل على تنفيذ سياسة "أمريكا أولا"، كما وصف سياسات أوباما بأنها "كارثية".

وقال إن سياسة "أمريكا أولا" تضع مصلحة الشعب الأمريكي وأمن أمريكا في المقام الأول. وقد إنتقد ترامب الإتفاق النووي مع إيران، وطرح تهدئة العلاقات الأمريكية الروسية، كما أشار إلى عزمه إستعمال آدات إقتصادية في التأثير على شؤون الدول الأخرى، وعبر عن أمله في إعادة بناء القوة العسكرية الأمريكية، وقال إنه سيطلب من حلفاء أمريكا دفع نفقات الحماية أو حماية أنفسهم.

وقالت صحيفة الـ"واشنطن بوست"، إن ترامب سيخير سياسة الإنكماس والإنعزالية والحمائية.

"لقد كانت أمريكا أكبر محفز للعولمة، حيث عملت على تحقيق مصالحها من خلال تحمل المسؤوليات الدولية. أما سياسة "أمريكا أولا"، فهي تأتي تناغما مع خروج بريطانيا مع الإتحاد الأوروبي---حيث أصبحت معارضة العولمة إتجاها دوليا." يقول الأستاذ بمعهد الدبلوماسية الصينية، قاوفاي.

موقف متصلب للحكومة الجديدة

يرى مدير غرفة الدراسات الدبلوماسية بمركز الدراسات الأمريكية التابع للأكاديمية الصينية للعلوم الإجتماعية، أن "ترامب سيكون أكثر تصلبا من أوباما في مجال السياسة الخارجية". ويعتقد الحزب الجمهوري والديمقراطي على حد السواء بأن حكومة أوباما كانت ضعيفة، ولم تحقق أهداف أمريكا. من جهة أخرى، يرى يوان تشنغ، بأن أمريكا ستعزز من تدخلها في القضية النووية لكوريا الشمالية وقضية بحر الجنوب.

من جهة أخرى، من المتوقع أن تجري أمريكا تعديلات على علاقاتها مع حلفائها. حيث أشار ترامب إلى عزمه مطالبة قمة حلف الناتو قمة الحلفاء الآسيويين مناقشة إعادة تعديل الإلتزامات المالية الأمريكية حيال الشؤون الأمنية للحلفاء. حيث إتهم ترامب حلفاء أمريكا بالإستفادة من الحماية الأمريكية دون تحمل نصيبهم من النفقات المالية.

هذه المواقف المتصلبة لترامب أثارت مخاوف حلفاء أمريكا أيضا. حيث قالت إذاعة صوت ألمانيا، إن المسؤوليات التي يتحملها الرئيس الأمريكي تتجاوز حدود أمريكا. "إن أي منطقة في العالم تتأثر بمسؤوليات أي رئيس يحكم هذه القوة الإقتصادية والعسكرية الأعظم في العالم." 

"من غير المتوقع أن يقلب ترامب السياسات الأمريكية رأسا على عقب، لأن النظام الأمريكي قائم على الفصل بين السلط، إلى جانب وجود معارضة من النخبة الأمريكية لترامب. " يقول قاوفاي.

تزايد عوامل عدم الإستقرار في العالم

قالت" وولستريت جورنال" إن فوز ترامب كان مفاجئا، وأن صعوده إلى السلطة قد أربك عدة شركات آسيوية كبرى تعتمد على السوق الأمريكية. حيث عبرت هذه الشركات عن خشيتها من تصريحات ترامب حول فرض الضرائب على السلع المستوردة وإعادة مناقشة إتفاقيات التجارة الدولية.

وبالنسبة للعلاقات الخارجية، فمن المتوقع أن يركز ترامب أكثر على أوروبا، وخاصة العلاقات الأمريكية الروسية حيال أوروبا. في هذا السياق، قالت صحيفة "سبوت نيك الروسية"، إن على ترامب معالجة القضايا التي لم يعالجها أوباما، وخاصة القضاء على تهديدات داعش، وتسريع التوصل إلى حل للأزمة السورية، وتحسين العلاقات مع روسيا. وأكدت موسكو مرارا على أن رغبتها في فتح حوار على أساس الحوار المتبادل مع الرئيس الأمريكي، لكن تبقى القضية معلقة في مدى جدية واشنطن في حوار ندي مع روسيا. وأشار وزير الخارجية الروسي، سيرغي لافروف إلى أن إعتقاد أمريكا نفسها بأنها دولة إستثنائية لايعالج على حل القضايا.

من جهة ثانية، عمل مختلف الرؤساء الأمريكيين على بذل جهود كبيرة على المستوى الدبلوماسي والعلاقات الدولية، في هذا السياق، يشير يوان تشنغ، إلى أن أمريكا لن تخفض من مستوى ترسانتها العسكرية، بل على العكس سيعمل ترامب على زيادة التسليح، وتعزيز القدرات العسكرية الأمريكية، وهذا ما سيستدعي مطالبة أمريكا حلفائها بتحمل المزيد من النفقات والمسؤوليات.

تتزايد عوامل عدم الإستقرار، وإتجاه تطور العالم بات مثيرا للفضول. وهنا يقول قاو فاي، "لقد بات العالم في الوقت الحالي قائم على التبعية المتبادلة، حيث تتغير الدول بشكل مشترك ومتداخل، لذا فإن العالم يحتاج إلى مزيد من الوقت للتأقلم مع هذا الوضع الجديد."