عدد مستخدمي الروبوت شياوآي تجاوز خمسين مليون شخص. |
شيه في جيون
في يوليو 2016، اجتمع في مدينة نيويورك أكثر من ألف وسبعمائة خبير عالمي متخصص في الذكاء الاصطناعي لحضور الدورة الخامسة والعشرين للمؤتمر الدولي المشترك حول الذكاء الاصطناعي. شارك في هذا المؤتمر الأكاديمي الهام، والذي يعتبر مهرجانا للباحثين والعاملين في مجال الذكاء الاصطناعي، تشو بين بين، مؤسس ورئيس شركة شياوآي للروبوتات. في كلمته أمام المؤتمر، تحدث تشو بين بين عن تطور "اقتصاد الروبوتات في العالم والوضع الحالي لتطور شركة شياوآي".
خلال عشر سنوات منذ إنشاء الشركة، قاد تشو بين بين فريق شياوآي للروبوتات ونجح في تحويل الشركة إلى أكبر مورد في العالم للروبوتات الذكية باللغة الصينية، وقامت الشركة بتطوير روبوتات ذكية لخدمة العملاء والتسويق والتخزين الذكي للمعلومات والروبوتات الذكية الحقيقية، وغيرها من مشروعات الحلول المختلفة التي نجح استخدامها في مجالات الاتصالات والمال والطيران والسيارات والأعمال الإدارية الإلكترونية والتجارة الإلكترونية والأثاث المنزلي الذكي والمؤسسات الاقتصادية، وغيرها من المجالات.
تطور "شياوآي"
في عام 2014، ظهر روبوت شياوآي في برنامج دردشة على إم أس أن مسنجر(MSN Messenger)، فعرف الناس لأول مرة منتجات تشو بين بين. قبل ذلك، كان البشر وحدهم يمكنهم الدردشة على المسنجر، ولكن ظهور شياوآي يعني أن شخصا حقيقيا يمكن أن يدردش مع روبوت. واختلافا عن البشر، يمكن لروبوت شياوآي أن يقدم إجابة لكل سؤال يُطرح عليه. تحدث عدد كبير من الناس مع الروبوت شياوآي بحماسة، وصار لدينا في وقت قصير حشد كبير من المستخدمين. بعد نجاح أول محاول لتطوير روبوت الدردشة التجاري، بدأ تشو بين بين يفكر في كيفية تحقيق القيمة التجارية من هذا النوع من الدردشة، فواصلت شركته تطوير استخدام الروبوت شياوآي. نجحت الشركة في إنتاج روبوت قادر على إذاعة نشرة الأحوال الجوية وروبوت قادر على تحليل أسعار الأسهم وغيرهما من الروبوتات ذات الوظائف الخاصة. في عام 2006، حاولت الشركة تزويد الروبوت ببعض المعلومات المتخصصة ليصبح مساعدا ذكيا للزبائن. هذا النوع من الروبوتات يمكنه حل مشكلة استقالة موظفي الخدمات في أقسام تلقي المكالمات الهاتفية بشركات الاتصالات والبنوك وشركات الطيران، وغيرها من الأعمال المملة. قال تشو بين بين، إن 80% من الأسئلة مكررة ومعظمها من أجل الاستعلام والقيام بالإجراءات، ويمكن حلها باستخدام الروبوت؛ أما الأسئلة أخرى، فهي أسئلة متخصصة ويمكن حلها عن طريق نقل الخط الهاتفي إلى الموظف المعني.
الفكرة جميلة ولكن الواقع صعب
واجه تشو بين بين وشركته مصاعب جمة في البحث عن عملاء. كثير من الشركات الكبيرة في الصين أدخلت نظام الخدمة عن طريق المكالمة الهاتفية في عام 2000 تقريبا، ولم تكن تحرص جدا على تقليل التكاليف. كان أول عميل لشركة الروبوت شياوآي هو شركة جيانغسو للاتصالات النقالة التابعة لمجموعة تشاينا موبايل (China Mobile)، التي استخدمت روبوت خدمة العملاء على موقعها الإلكتروني أولا، ثم استخدمت روبوت خدمة الرسالة القصيرة (Short Message Service). وقد جاءت النتائج مبشرة ومشجعة، فبفضل استخدام الروبوت، انخفضت تكلفة العمالة حوالي مليوني يوان (الدولار الأمريكي يساوي 7ر6 يوانات) وازداد الربح من طلب الخدمات الجديدة عن طريق خدمة "الروبوت يجيب العميل عبر رسالة قصيرة" أكثر من مليوني يوان.
فجأة، ذاع صيت الروبوت شياوآي، وبادرت شركات الاتصالات والطيران والبنوك وغيرها من الشركات الكبيرة بالتواصل مع شركة شياوآي لبحث إمكانية استبدال الأفراد بالروبوتات في الأعمال المكررة. حاليا، هناك منتجات مشتقة للروبوت شياوآي في حياتنا اليومية. على سبيل المثال، ظهر الروبوت "شياوتشاو" في الخدمة الذكية على صفحة بنك التجارة الصيني في موقع ويتشات وتطبيق آب (APP) في الهاتف النقال لهذا البنك، وقاعة الأعمال التجارية للبنك،. يقدم الروبوت "شياوتشاو" الحقيقي أو الافتراضي خدماته على مدار اليوم، وتغطي خدمته كافة أعمال البنك. وأوضحت إحصاءات بنك التعمير الصيني لعام 2016 أن استخدام الروبوت في البنك وفر عمل حوالي ستة آلاف موظف لخدمة الزبائن في عام 2015. وحسب إحصاءات بنك الاتصالات الصيني، تم توفير أكثر من عشرة ملايين يوان من التكلفة خلال شهر واحد في نهاية عام 2014، بفضل استخدام الروبوت الذكي.
حتى الآن، فقد استفاد من خدمات روبوتات شياوآي الذكي أكثر من خمسمائة مليون فرد في العالم، وأصبحت شركة شياوآي من أقوى مؤسسات الذكاء الاصطناعي، كما أنها قوة رئيسية لدفع تطور "اقتصاد الروبوت الذكي".
تطور مزلزل
أجمع المشاركون في دورة نيويورك للمؤتمر الدولي المشترك حول الذكاء الاصطناعي على أن الانطلاقة الثالثة للذكاء الاصطناعي التي تجري حاليا، ليست مجرد تكرار للانطلاقتين السابقتين، وإنما ستُحدث تغيرات مزلزلة. قال تشو بين بين، إنه قد أدرك ذلك، ويرى أن هذه الانطلاقة الحالية للذكاء الاصطناعي تتميز بثلاث نقاط مختلفة عن سابقتيها: أولا، أن ثمة اختراقات قد تحققت في الجوانب الفنية، وأن استخدام الحوسبة السحابية والبيانات الكبرى يؤدي إلى ارتفاع قدرة الحساب والحصول على البيانات المفصلة؛ ثانيا، أن كثيرا من المشروعات التي يمكن استخدامها مباشرة حققت قيمة تجارية كبيرة؛ ثالثا، أنه مقارنة مع المرتين السابقتين، يتبنى المنخرطون في هذا المجال توجها أكثر عقلانية ورشادا.
الموقف العقلاني أمر هام للذكاء الاصطناعي. لقد طُرحت عبارة "الذكاء الاصطناعي" لأول مرة في ندوة عقدت بكلية دارتموث الأمريكية في عام 1956، وكان الحاضرون يعتقدون أن قدرة الآلة الحاسبة على الحساب أقوى من قدرة الإنسان بكثير. ولكن، رغم أن هذه الحقيقة قائمة، لا يوجد حتى الآن طريق واضح لمحاولة الإنسان جعل الآلة تحاكي عملية تفكير الإنسان وإنتاج الذكاء المشابه لذكاء الإنسان.
يرى تشو بين بين أن قدرة الإنسان على التفكير لا تعتمد على تراكم التفكير المنطقي، بل على المعلومات والمعارف والخبرات. في عام 1970، واجه الذكاء الاصطناعي أول انحسار له لأنه لم يحقق التوقعات، ثم دُفع بالمعلومات، حيث ظهرت بعض لغات الذكاء الاصطناعي الخاصة بالاستنتاج المنطقي باستمرار، الأمر الذي أعاد حماسة الذكاء الاصطناعي. وقال تشو بين بين: "في ذلك الوقت، استثمرت اليابان موارد كثيرة في تطوير الذكاء الاصطناعي، ولكنها فشلت قبل عام 2000، وواجه الذكاء الاصطناعي الانحسار الثاني له. السبب في ذلك هو الفجوة الكبيرة بين تطور الذكاء الاصطناعي وتطلعات الإنسان. وهذا أدى إلى عدم الحماسة للاستثمار في هذا المجال".
دخل الذكاء الاصطناعي إلى مرحلة جديدة حاليا، لأن تفوق برنامج الكمبيوتر ألفاغو (AlphaGo) على الإنسان جعل ثقة الناس في البرمجيات تزداد، ولأن الإنسان أدرك أن معرفته عن نفسه غير كافية. قال تشو بين بين: "على سبيل المثال، فإن الآلات لديها القدرة على فحص واستخدام حجم هائل من البيانات التي نجمعها، ولكن حاصل الذكاء للآلة ضعيف كثيرا مقارنة مع الإنسان، فيمكن القول إن الذكاء الاصطناعي يكون بطلا في المباراة الفردية فقط ".
عندما ندرك أن الذكاء الاصطناعي والتفكير الإنساني يستندان إلى منطق مختلف، فإننا لن نسمح لهما بالتنافس معنا في الحكمة، ولن نطلب من الآلة أن تفعل ما يُطلب من الإنسان أن يفعله، بل نعمل على معالجة المشكلات واحدة تلو الأخرى، الأمر الذي يوجد اتجاها صحيحا، وليصبح طريق تطور الذكاء الاصطناعي أوسع فأوسع.
المحطة التالية
في جناح عرض منتجات شركة شياوآي للروبوتات، أنواع كثير من الروبوتات التي تُستخدم في خدمة العملاء والأثاث المنزلي الذكي والقيادة الذكية، ومن بينها الروبوت الذي نطق بالتحية "أهلا وسهلا" لرئيس مجلس الدولة الصيني لي كه شيانغ في قمة الصين لصناعة البيانات الكبرى. هذا الروبوت يستطيع تبادل الكلام مع العملاء ومساعدتهم على أخذ رقم لطوابير الانتظار وإرشاد الزبائن وغيرهما من الخدمات، بالإضافة إلى ذلك، يمكن الكشف عن الرصيد في الحساب في ثانية خلال مسح بطاقة الهوية الشخصية وتمييز وجه الزبون.
دوليا، تنقسم روبوتات الخدمة إلى نوعين؛ الروبوتات الافتراضية والروبوتات الحقيقية. محور التقنية الرئيسية للروبوت شياوآي هو فهم اللغة الذي يعتمد على مخزن المعلومات. جدير بالذكر أن تقنية فهم ومعالجة اللغة للروبوت شياوآي تم تطويرها بمبادرة ذاتية لشركة شياوآي.
لم يكن تطور شركة شياوآي خاليا من العقبات. قال تشو بين بين إنه اضطر في نهاية عام 2009 لاقتراض الأموال لدفع أجور الموظفين. وأضاف: "الابتكار مشروع نظامي وليس مجرد فكرة، ولا يتوقف على المستوى التقني فقط، بل يشتمل أيضا على رد الزبائن والآثار التجارية."
في ظل العولمة الاقتصادية، سيكون الاتجاه الحتمي لتطور التقنيات تمييز وفهم معنى الكلام باللغات المتعددة. وشركة شياوآي باعتبارها منتجة لروبوتات الخدمات التجارية والمستخدمة على نطاق واسع في الصين حققت السبق في مجال فهم معنى الكلام باللغة الصينية. قال تشو بين بين إن شركته تخطط لتطوير تقنيات فهم معنى الكلام بلغات متعددة في المستقبل من أجل وضع الأسس لتدويل منتجاتها.
شيه في جيون، صحفي في ((صحيفة التحرير اليومية))