اسامة راضي وعماد الدريملي
رام الله 10 نوفمبر 2016 / يشعر الفلسطينيون بالقلق من فوز دونالد ترامب في انتخابات الرئاسة الامريكية، وربما تأثرهم سلبا في مسعاهم لإقامة دولة مستقلة، في وقت رجح فيه مراقبون زيادة الدعم الأمريكي لإسرائيل.
وانقسم مراقبون ومحللون بين دعوة البعض إلى ضرورة انتظار مواقف ترامب العملية عند استلامه منصبه رسميا، ومن يرون أن فوز ترامب الذي أعلن صراحة خلال حملته الانتخابية دعمه لإسرائيل سيكون له تأثير سلبي عميق على تطلعات الفلسطينيين، وانعكاسات ذلك في الصراع الفلسطيني الإسرائيلي.
في المقابل عزز فوز ترامب ثقة الإسرائيليين، حيث عبر رئيس الوزراء الإسرائيلي اليميني بنيامين نتنياهو عن ثقته في أنه وترامب يمكن أن يعملا سويا للوصول بالعلاقات الأمريكية الإسرائيلية إلى "آفاق جديدة".
وأعلن مكتب رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو اليوم (الخميس) تلقيه دعوة لزيارة واشنطن للاجتماع "في أقرب فرصة ممكنة" مع ترامب خلال اتصاله به هاتفيا لتهنئته بمنصبه.
ونقلت الإذاعة الإسرائيلية العامة عن نتنياهو قوله إنه "ما من حليف أفضل" للولايات المتحدة الأمريكية أكثر من إسرائيل.
ويبقى فيما يبدو بعض الأمل في أن ترامب الذي لم يعلن أي برنامج واضح للسياسة الخارجية قد يفتح صفحة جديدة فيما يتعلق بالشرق الأوسط.
واحتفظ الرئيس الفلسطيني محمود عباس بقليل من التفاؤل عندما بعث رسالة تهنئة إلى ترامب بفوزه بمنصب الرئيس بعد ساعات من إعلان نتائج الانتخابات، أعرب فيها عن أمله بتحقيق السلام خلال ولايته.
لكن الناطق الرسمي باسم الرئاسة نبيل ابو ردينة قال لوكالة أنباء ((شينخوا)) إن القيادة الفلسطينية ستتعامل مع أي رئيس أمريكي منتخب على قاعدة تحقيق السلام العادل وفق حل الدولتين وقيام دولة فلسطينية مستقلة.
ويقول الكاتب والمحلل السياسي من رام الله محمد ضراغمة ل(شينخوا) إن الفلسطينيين كانوا قلقين من فوز ترامب في الانتخابات الأمريكية، خاصة إثر مواقفه بشأن التعهد بنقل سفارة بلاده لدى إسرائيل إلى القدس.
ويشير ضراغمة إلى أن ترامب الذي لم يعلن أي برنامج واضح للسياسة الخارجية يبدو بالنسبة للفلسطينيين "رجلا غامضا وأكثر تشددا من سابقيه في البيت الأبيض وأكثر كذلك انحيازا لصالح إسرائيل".
وتابع أن "القضية الفلسطينية تعاني من التراجع خاصة على صعيد الأولويات الأمريكية الخارجية بفعل عاملي تفجر منطقة الشرق الأوسط، والانقسام والصراع الفلسطيني الداخلي وافتقاد برنامج سياسي فلسطيني أمام العالم".
وترامب الملياردير الذي لا يملك خبرة سياسية ولا يمكن توقع سلوكه حتى الآن، سبق أن صرح خلال حملته الانتخابية بأنه "يدعم إسرائيل منذ ولادته، كما كان يفعل والده من قبله، فإسرائيل تحتاج إلى دعمي كرئيس للبلاد".
وفي تغريدة له على موقع التواصل الاجتماعي (تويتر) الشهر الماضي كتب ترامب أن "الولايات المتحدة ستعترف بأن القدس هي العاصمة الوحيدة والحقيقة لإسرائيل"، معتبرا أن "من شأن اتفاقية سلام تفرضها الأمم المتحدة أن تشكل كارثة تامة وكاملة إذ لن تؤدي سوى إلى المزيد من نزع الشرعية عن إسرائيل".
إلا أنه تعهد في خطاب ألقاه بعد الإعلان الرسمي عن فوزه بأنه سيكون رئيسا لكل الأميركيين، وأنه سيتعامل مع كل الدول بنزاهة.
وعلق وزير الخارجية الفلسطيني رياض المالكي ل(شينخوا) بأن الحكم على الرئيس الأمريكي الجديد سيكون من خلال مواقفه إزاء القضية الفلسطينية بعد وصوله إلى البيت الأبيض.
وذكر المالكي أن للفلسطينيين الكثير من القلق تجاه ما تم تبنيه من مواقف خلال الحملة الانتخابية للرئاسة الأمريكية "لكن من المهم الانتظار لنرى عندما يصل ترامب إلى البيت الأبيض ماذا سيكون موقفه".
ويرى أستاذ العلوم السياسية في جامعة القدس في الضفة الغربية أحمد رفيق عوض، أن أفاق أي مواجهة مع الولايات المتحدة الأمريكية مستقبلا ستكون محدودة جدا فلسطينيا حتى لو تشدد ترامب في مواقفه.
ويقول عوض ل(شينخوا) إن الإدارة الأمريكية الجديدة في عهد ترامب "متوقع أن تبقي منحازة لصالح إسرائيل وربما تعمل أكثر على تهميش القضية الفلسطينية لصالح أولويات إقليمية أخرى".
ويضيف أن ترامب "يبدو غامضا وغير متوقع، وهو لم يشغل سابقا منصبا سياسيا، وقد تحمل ولايته مفاجآت بالنسبة للمواقف الأمريكية إزاء الصراع الفلسطيني الإسرائيلي سلبا أو إيجابا على حد سواء".
ويشير عوض إلى أن "الرؤساء الجمهوريين لديهم عادة قفزات ومغامرات خارجية، وأمر مثل نقل السفارة الأمريكية إلى القدس خلال ولاية ترامب يبقي واردا، وهو ما سيشكل ضربة قوية للقضية الفلسطينية لو حدثت".
ومفاوضات السلام بين الفلسطينيين وإسرائيل متوقفة منذ عام 2014 بعد تسعة أشهر من أخر محادثات رعتها الولايات المتحدة الأمريكية ولم تفض لأي اتفاق لإنهاء الصراع التاريخي المستمر منذ عدة عقود بين الجانبين.
ويعاني الفلسطينيون من انقسام داخلي في مواقفهم منذ منتصف عام 2007 أثر سيطرة حركة المقاومة الإسلامية (حماس) على الأوضاع في قطاع غزة بالقوة بعد جولات اقتتال مع السلطة الفلسطينية.
ويعتبر رئيس المؤسسة الدراسات الديمقراطية في رام الله جورج جقمان، أنه لا توجد مؤشرات جدية لتغيير إيجابي قادم في الدور الأمريكي تجاه القضية الفلسطينية، مع إشارته ل"انحياز" واشنطن تاريخيا لإسرائيل.
ويقول جقمان ل(شينخوا) إن مكمن التساؤل الأهم للمرحلة المقبلة هو عن مصادر القوة للفلسطينيين إن وجدت، وما هي المبادرات الفلسطينية التي يمكن اتخاذها لاستقطاب دور أمريكي جدي.
ويشرح بأن "الوضع الفلسطيني يتسم بالضعف الشديد حاليا وبالانسداد السياسي وفقدان المبادرة، وهذا الأمر يترك المبادرة لإسرائيل ويقلل من ضعف الرهان على دور أمريكي قادم".
لكنه مع ذلك يؤكد على ضرورة الترقب للوقوف على طبيعة حكم ترامب باعتبار أن الاحتمالات مفتوحة لسياساته وأن أي رئيس أمريكي لا يحكم كشخص بل كحصيلة للقوى النافذة ومجموعة المصالح داخل الولايات المتحدة.