علامة آكوا التي تمتلك هاير أسهمها القابضة، تصدر منتجاتها الجديدة في 19 نوفمبر 2015 بأندونيسيا. |
30 سنة قد تساوي قطرة ماء في مجرى التاريخ الطويل، لكن خلال هذه الفترة القصيرة، إستطاعت صناعة الأجهزة المنزلية الصينية تحقيق نتائج أبهرت العالم.
يعود خروج شركات الأجهزة المنزلية في الصين إلى عام 1987، حينما ربحت شركة هاير مناقصة في الثلاجات لمنظمة الصحة العالمية بـ 10 دول، وهي أول مناقضة دولية تفوز بها هاير.
كيف يمكن منافسة العلامات الأجنبية؟ قال الرئيس المدير العام لشركة هاير ذات مرة: لترقص مع الذئاب، يجب أن تصبح ذئبا أولا، ولتحدي الشركات متعددة الجنسيات يجب أن تصبح أنت أيضا شركة متعددة الجنسيات.
عملت شركات الأجهزة المنزلية الصينية على الخروج نحو الأسواق الأجنبية بشكل تدريجي، وقد كانت الأزمة المالية التي عاشتها إقتصادات جنوب شرق آسيا في تسعينات القرن الماضي فرصة للشركات الصينية لتأسيس الشركات في الخارج وتنفيذ عمليات إستحواذ وتطوير أعمالها بالأسواق الأجنبية.
أسست هاير في 30 أبريل 1999 أول مصنع لها خارج الصين في ولاية كارولينا الجنوبية بأمريكا، ثم أنشأت لاحقا مصانع لها في أوروبا والشرق الأوسط. وفي نفس الفترة، قامت شركة "تي سي آل" بتأسيس شركات فرعية بالفيتنام والهند وغيرها من الدول، وفاقت قيمة صادراتها 500 مليون دولار في عام 2000. أما شركة هيسنس فقامت في عام 2001 بتأسيس خطوط إنتاج كبرى في جنوب إفريقيا التي تم استحواذه من شركة كوريا الجنوبية. لاحقا، أمضت شركة تشانغ هونغ إتفاقية مع شركة روسية لتصدير خطوط إنتاج أجهزة التكييف، ثم أسست خطوط إنتاج أجهزة التلفاز الملونة بأندونيسيا.
خلال مسيرة الخروج إلى الأسواق الأجنبية، حققت شركات الأجهزة المنزلية الصينية شهرة كبيرة، وأصبحت رأس حربة "صنع في الصين". وطبعا لم تكن عملية الخروج مفروشة بالورود، بل واجهت الشركات الصينية مصاعب كثيرة وتعرضت لخسائر أيضا.
"كانت تلك الفترة أصعب الفترات التي مرّت بها شركة تي سي آل، ففي بداية عمليات الإستحواذ كانت لدينا ثقة عمياء في أنفسنا." يقول رئيس مدير شركة تي سي آل، لي دونغ شنغ متذكرا عملية الإستحواذ التي نفذتها شركته في 2004. ويضيف لي دونغ شنغ، إن شركة تي سي آل قد تعاونت مع شركة تومسون الفرنسية لتأسيس شركة، تي سي آل-تومسون، وبلغت أصول الإستحواذ قرابة 470 مليون يورو. لكن هذه الصفقة إنتهت بخسارة كبيرة. ويفسر لي دونغ شنغ هذه الخسارة بتعجل الشركة على النجاح، وندرة الكفاءات الدولية بالشركة، وتعد هذه الصفقة مثالا للصعوبات التي واجهتها شركات الأجهزة المنزلية الصينية في بداية خروجها إلى الأسواق العالمية.
تغير إستراتيجية العلامات التجارية
في الماضي كان من الصعب أن ترى علامات الأجهزة المنزلية الصينية في الدول الأجنبية، أما الآن فيمكنك أن ترى العلامات الصينية في كل مكان في الخارج، في ملاعب كأس أوروبا وملاعب الأولمبياد وفي منازل المواطنين الأجانب. وهذه نتيجة ملموسة للتغيير الذي قامت به الشركات الصينية على إستراتيجيتها في الخروج إلى الأسواق الأجنبية.
مرت مسيرة شركات الأجهزة المنزلية الصينية في الخروج إلى العالم من "الإلتصاق بالعلامات الأجنبية" إلى الإعتماد على العلامات الذاتية. "في البداية، رغم أن كميات صادراتنا كانت كبيرة، لكن إنتاجنا كان أساسا تحت إسم علامات أجنبية وليس علامتنا التجارية الذاتية، أما الآن فأصبحنا نعتمد على علامتنا الخاصة، وهذا هو أكبر تغير شهدته شركة غري. " تقول رئيسة مجلس إدارة مجموعة غري، دونغ مينغ تشو، وتضيف إن الإعتماد على العلامة الخاصة يبقى الخيار الأفضل والضروري للخروج إلى الأسواق العالمية، رغم كميات الصادرات الكبيرة التي يمكن تحقيقها من خلال الإنتاج تحت إسم العلامات الأجنبية.
تخلت شركات الأجهزة المنزلية الصينية خلال السنوات الأخيرة عن الإنتاج تحت إسم العلامات الأجنبية، وبات التصميم والتطوير الذاتي تيارا رئيسيا في هذه الصناعة. من جهة أخرى، وفرت مبادرة الحزام والطريق فرصة مهمة للشركات الصينية لتوسيع أسواقها في الخارج وتحسين قدراتها الإدارية في الداخل. وفي الوقت الحالي، أصبحت شركات الأجهزة المنزلية الصينية تتبوأ مكانة هامة عالميا، حيث بلغت حصة صادراتها 37% من قيمة سوق الأجهزة المنزلية العالمية عام 2014. في ذات الوقت، يستفيد هذا القطاع من إزدهار صناعة الإنترنت، حيث أقبلت الشركات الصينية على الدخول في مجال صناعة الأجهزة المنزلية الذكية، وإحتلت مركزا عالميا متقدما.
يمكن القول إن شركات الأجهزة المنزلية الصينية بصدد تغيير إنطباع الناس عن "صنع في الصين"، حيث كانت تكون العلامة غربية، أما السلع فتنتج في الصين، مثل أحذية نايك الرياضية، ولعب ديسني وهواتف آيفون. فقد بات العالم الآن يرى ثلاجات هاير تنتج في أمريكا، وأجهزة تلفاز هيسنس تنتج في جنوب إفريقيا. وهذا دون شك هو تأثير الفراشة الذي نتج عن كفاح العلامات التجارية الصينية للخروج إلى الأسواق العالمية طيلة أكثر من 30 عاما.