تشهد الانتخابات الرئاسية الامريكية مع قرب موعدها منافسة دون خجل أو وازع من ضمير بين المرشحين الديمقراطي والجمهوري، لتشويه سمعة بعضهم البعض، ما أدى الى امتناع الكثير من الامريكيين عن التصويت بسبب شعورهم بخيبة أمل وحيرة حول مستقبل أمريكا. ويظهر استطلاع رأي قامت به سي أن أن مؤخرا، أن 47% من من شملهم الاستطلاع اعربوا عن رفضهم المشاركة في التصويت. ويعتقد آدم جرانت معلق في " نيويورك تايمز"، أن الانتخابات الرئاسية الامريكية 2016 ستشهد أدنى مستوياتها من حيث الاقبال على التصويت.
السياسة الامريكية تدخل فترة حرجة
تشعر جورجيا مارش ديمقراطية متقاعدة بالخجل لهذه الانتخابات وما يصدر من هيلاري وترامب من تصريحات، بالرغم من أنها أشد المؤيدين لهيلاري كلينتون. وقالت:" انتخاب أول إمرأة لرئاسة أمريكا في الواقع أمر بارز، ولكن لا يمكن أن ننتخب هيلاري لمجرد أنها إمرأة ، فهي غير مؤهلة! ". أما بالنسبة لترامب، قالت جملة واحدة: "هو كارثة!".
هناك العديد من الامريكيين يوافقون رأي جورجيا مارش، حيث يعتقدون أن المرشحين للرئاسة " يصعب قبولهما". ومن أجل استعادة اهتمام التصويت من الناخبين ، قام الحزبان الجمهوري والديمقراطي بحملة تحت شعار " لا أحب المرشحين ؟ اذن اختار السياسة ".
"تمر السياسة الامريكية بمرحلة حرجة اليوم". قال وليام لويد جاريسون، والزعيم الجمهوري:" شعرت وأنا اشاهد المناظرة التلفزيونية لمرشحي الرئاسة بأنني اسمع نكتة ". كانت خيبة آمل وليام واضحة. "هذه اكثر اللحظات مبتذلة". بقي وليام يهز برأسه، ورأى انه ستكون هناك الكثير من الرذالة قبل الانتخابات، ستزيد أمريكا عارا أكثر.
أظهر أحدث استطلاع أجرته مؤسسة غالوب، أن 28% فقط من الامريكيين راضون بتجاه بلادهم. وتعتبر هذه الاحصاءات الادنى في تاريخ استطلاع مؤسسة غالوب 1979، حيث بلغ متوسط رضا الامريكيين سابقا 37%.
"لن اختار احدا". قال سائق سيارة أجرة أسود في شيكاغو لمراسل صحيفة الشعب اليومية، انه يشعر بخيبة أمل وعدم الثقة بالانتخابات. " أوباما خرج من شيكاغو، وكان يعلم جيدا التناقضات الموجودة هنا، وعاش المعاناة التي نعيشها نحن. قبل 8 سنوات ، شاركت لاول مرة في الانتخابات الامريكية ، وصوت لاوباما بكل ثقة وأمل متأكدا من أنه سيحقق تغييرا مثلما أعلن عليه في حملته الانتخابية، ويخرجنا من المأزق، ولكن بعد ثماني سنوات، لم تحل قضية العرق، ولم تحل مشاكل شيكاغو، بالعكس، أصبح الصراع أكثر عما كان عليه سابقا. وقال دانيال بخيبة أمل كبيرة :" إذا رئيس من بني جلدتي لم يغير شيءا في الوضع، فكيف أتوقع من مرشحين ببشرة بيضاء؟"
الفوضى تعكس الواقع
بالاضافة الى الشعور بغيبة الامل، بات يملء الشعب الامريكي الشك في النظام. ونشرت "واشنطن بوست" مؤخرا مقالا بعنوان " الامريكيون يفتقدون الثقة في الديمقراطية والثقة المتبادلة"، وذكر، 40% ممن شملهم الاستطلاع قالوا أنهم لا يثقون في الديمقراطية الامريكية. وذكر مؤلفا المقال ناثانيل بوسلي، أستاذ في كلية الحقوق في جامعة ستانفورد والباحث الرئيسي في مؤسسة استطلاع الانترنت" استطلاعات القرد" جون كوهين في مقال "واشنطن بوست"، أن الثقة الاجتماعية التي تشكل هيكل الدعم للديمقراطية الأمريكية تتدهور .
يعتقد المؤلفان أن المشكلة الأخطر من ذلك هو فقدان الأميركيين الى الثقة بين بعضهما البعض. وأظهرت نتائج الاستطلاع أن 31 %فقط من الامريكيين يعتقدون بامكانية الوثوق بمعظم الناس، في حين أن 67% أخرون يعتقدون بأن التعامل مع الناس في حاجة الى الحذر للغاية. والجدير بالذكر أن 79 % الناخبين من الشباب البالغين من العمر بين 18-24، يعتقدون أن بحاجة إلى " تحذير الآخرين". وبهذا ، فإن معدل الثقة المتبادلة بين الشعب الامريكي تحتل المرتبة الأسفل بين الدول المتقدمة.
وذكرت "نيويورك تايمز"، أن أمريكا لم تكن " دولة بحزبين " فقط ، وأنما تتحول الى " دولتين بحزب واحد ". ووصفت " الولايات المتحدة الامريكية " بـ " أمريكا المنقسمة". حيث يلقى الجمهوريين والديمقراطيين دعما ثابتا في بعض الولايات الامريكية ، وتصبح الولايات المتراجحة بين الحزبين مركز الاهتمام للحزبين لكسب تأييدها، ما ساهم في تمزيق المجتمع الأمريكي. وتظهر استطلاعات الرأي أن الناخبين لديهم أمل كبير في أن يكون هناك مرشح ثالث ، غير أن أدنى معدل التأييد المطلوب هو 15%، ومرشح حزب صغير في أمريكا لا يمكن أن يصل الى مرحلة مناظرة تلفزيونية ، مما يأمل الكثير من الناس في اصلاح النظم ذات الصلة.
في مقال تحت عنوان" هل تنجح أمركيا في الانتخابات" ،قال توماس فريدمان في صحيفة " نيويورك تايمز" ، أن الواقع الامريكي خلف الفوضى التي تشهدها الانتخابات الحالية: " أمريكا تبدأ في الذبول حقا. عندما لا تكون للدولة ادارة استراتيجية طويلة الاجل، يبدأ السقف في التسرب حتما، وتشوه الأرضية."