بكين 10 أغسطس 2016 / إن دورة الألعاب الأولمبية الصيفية التي ينتظرها الملايين من محبي وعشاق الرياضة في كل بقاع العالم لا تعد حدثا رياضيا كبيرا فحسب، وإنما أيضا مهرجانا ساطعا لمختلف الشركات والعلامات التجارية.
وفي الواقع، برزت الصين في دورات الألعاب الأولمبية السابقة بمنتجات صغيرة مثل الأعلام الوطنية والشارات الأولمبية والعصى المضيئة. ولكن في دورة الألعاب الأولمبية 2016 التي انطلقت في مدينة ريو دي جانيرو البرازيلية يوم الجمعة الماضي، تطورت العلامات التجارية الصينية التي صعدت إلى الواجهة هذه المرة من البضائع الصغيرة إلى مجالات البنية التحتية والأجهزة الكهربائية وغيرها من المنتجات ذات القيمة المضافة العالية، وباتت الثقافة الصينية المتجسدة في عدة نواح حياتية من بينها العلاج بالطب الصيني التقليدي واستخدام وسائل وقاية تقليدية صينية سمة بارزة للقوة الناعمة للصين.
-- قطارات مترو
فعلى سبيل المثال، يعد مشروع بناء الخط الرابع من مترو ريو دي جانيرو أكبر مشروع قدمته الصين لأولمبياد ريو،حيث تجري على هذا الخط قطارات من صنع شركة متخصصة في إنتاج عربات السكك الحديدية تقع في مدينة تشانغتشون بشمال الصين ووقعت عقدا تجاوزت قيمته 10 مليارات يوان مع شركة إدارة وتشغيل المترو البرازيلية لتصدير600 قطعة من عربات المترو والمركبات الكهربائية إلى البرازيل. وينقل هذا الخط المباشر الذي يربط بين القرية الأولمبية والحديقة الأولمبية ووسط المدينة 300 ألف شخص يوميا. هذا علاوة على مشاركة العديد من شركات الهندسة الميكانيكية الصينية في مشروعات بناء الإستاد الأولمبي.
-- أجهزة تكييف
وداخل القرية الأولمبية والإستاد الأولمبي، تولت شركة (غري) الصينية المنتجة لأجهزة التكييف مهمة تركيب جميع أجهزة التكييف. وأشارت الإحصاءات إلى أن الشركة دخلت السوق البرازيلية في عام 1998 وأنشأت أول مصنع لها في البرازيل عام 2001، وتحتل الآن المركز الثالث في السوق البرازيلية. وبالإضافة إلى ذلك، فازت (غري) الصينية بـ"وسام الرئيس للحفاظ على الطاقة" الذي أصدرته وزارة الطاقة البرازيلية لعشرات السنوات على التوالي.
-- منتجات نسيجية
أما جميع الأعلام الوطنية التي ترفع على منصات البطولات فهي منتجات صينية الصنع، فضلا عن 250 ألف قطعة من الدمية "فينيسيوس"، وهي تميمة أولمبياد ريو التي تمثل خليطا من حيوانات برازيلية مختلفة. ومن ناحية أخرى، حلت شركة الملابس الرياضية الصينية "361 درجة" محل شركة "أديداس" الأمريكية لتلعب دور "مورد الزي الرياضي الرسمي" في أولمبياد ريو.
-- أجهزة مراقبة وأجهزة الأشعة "أكس"
وفي السنوات الأخيرة، تحول تركيز قطاعات الصناعة في الصين إلى المنتجات ذات القيمة المضافة العالية مثل الأجهزة الكهربائية والصناعات الابتكارية. وفي دورة الألعاب الأولمبية المقامة حاليا، ساهمت أجهزة أمنية تعمل بالأشعة السينية (أشعة أكس) وكذا أجهزة مراقبة قامت بصناعتها شركتا (نوكتك) و(داهوا) الصينيتين في ضمان أمن وسلامة الألعاب الأولمبية.
-- "وشم دائري غريب": العلاج بالحجامة
ومرة أخرى، سلطت الأضواء على الطب الصيني التقليدي بطريقة غريبة في أولمبياد ريو، حيث ظهر السباح الأمريكي الشهير مايكل فيلبس،الذي يطلق عليه المشجعون اسم "السمك الطائر" نظرا لسرعته الفائقة في السباحة، ظهر أمام المشاهدين وعلى كتفه سلسلة من "الوشم الدائري الغريب". وأطلق مستخدمو الإنترنت دعابات حول فيلبس قالت إحداها إنه "كان يصارع إخطبوطا" قبل مشاركة في السباق.
وفي الواقع، خضع "السمك الطائر" لنوع من العلاج بالطب الصيني التقليدي يسمى العلاج بالحجامة، وهو علاج عن طريق مص وتسريب الدم عن طريق استعمال كاسات توضع في أماكن متفرقة من بدن الإنسان والغاية منها تخليصه من كافة الترسبات الدموية السامة الحاصلة فيه مما يعطي البدن بعدها دفعة قوية تسمح بزيادة مناعته وقدرته على الشفاء. وبالإضافة إلي فيلبس، ظهر هذا النوع من "الوشم الدائري" أيضا على أجسام العديد من الرياضيين الأمريكيين.
-- "شبكات وقاية صينية خاصة": ناموسية
ومع انتشار سحب داكنة في سماء ريو بسبب انتشار فيروس "زيكا" في دول أمريكا اللاتينية وذلك مع اتخاذ هيئة الصحة البرازيلية لإجراءات مكثفة مثل رش رذاذ من المواد المكافحة للبعوض لساعات طويلة في الشوارع علاوة على استخدام المواطنين لطرق أخرى ومنها البخور الطارد للبعوض، قام الرياضيون والعمال الصينيون بأنفسهم بتركيب "شبكات شفافة خاصة" داخل غرفهم في القرية الأولمبية لكي تقيهم من البعوض.
ولفت ذلك انتباه الكثير من الرياضيين الأجانب وأخذوا يتساءلون عن المكان الذي جلب منه الرياضيون الصينيون "شبكات الوقاية الخاصة" هذه حتى أصبحت "صنع في الصين" مرة أخرى عبارة جذابة في القرية الأولمبية.