بكين 30 سبتمبر 2016 / من المقرر أن تشيع اليوم (الجمعة) جنازة الرئيس الإسرائيلي الأسبق شيمون بيريز الذي توفي يوم الأربعاء عن عمر يناهز 93 عاما في مستشفى خارج تل أبيب إثر إصابته بسكتة دماغية قبل نحو أسبوعين، وتباينت آراء الصينيين تجاه بيريز ما بين مؤسس للاستيطان ومجرم سفك الدماء ومشارك في صنع السلام، وأكدوا على ضرورة أن يعمل دبلوماسيو العالم على مواجهة الاستيطان الإسرائيلي ووضع نهاية له بكل عزم وصدق.
فخلال مقابلات أجرتها وكالة أنباء ((شينخوا)) على مدار يومين عقب وفاة بيريز لاستطلاع الآراء حول السياسي الإسرائيلي الراحل، أعرب خبراء صينيون من مجموعات بحثية مختلفة متعاطفة مع الشعب الفلسطيني عن كراهيتهم لبيريز، قائلين إنه "مجرم ارتكب جرائم عديدة وسفك الدم الفلسطيني"، فيما رأى أخرون أنه كان شريكا "في صنع السلام" نظرا لحصوله في عام1994 على جائزة نوبل للسلام بالتقاسم مع الرئيس الفلسطيني الراحل ياسر عرفات ورئيس الوزراء الإسرائيلي الأسبق إسحاق رابين عن جهودهم في إحلال السلام بالشرق الأوسط .
وأشار معلق في شبكة التليفزيون المركزي الصيني إلى أن حياة بيريز مليئة بالتحولات والانعطافات ولاسيما فيما يتعلق بانتمائه السياسي وقد كُتبت حوله داخل الصين تعليقات انتقادية نظرا لارتباط اسمه ببدء النشاط الاستيطاني الإسرائيلي في الضفة الغربية المحتلة، وبقصف مخيم تابع للأمم المتحدة في بلدة قانا جنوب لبنان عام 1996 في مجزرة راح ضحيتها أكثر من مائة مدني.
أما تشو يي جون المذيعة بقناة ((فنغ هوانغ)) التليفزيونية الصينية والخبيرة في شؤون الشرق الأوسط، فقالت إن بيريز غير من لهجته وتوجهاته ومواقفه مرات عدة "بهدف تمديد حياته ونفوذه السياسيين"، مشيرة إلى أنه رغم عمله أثناء تقلده لمنصب وزير الخارجية في حكومة رابين الثانية على تحقيق السلام بين إسرائيل وفلسطين،إلا أنه انقلب على حزب العمل، خارج توقعات الجميع، وانضم لحزب آرييل شارون اليميني "كاديما" الذي اتبع سياسة خارجية متشددة ضد الفلسطينيين والتي كان يعارضها معارضة تامة في السابق. بل ووصل الحد ببيريز أنه وجه اتهامات شديدة لعرفات الذي بذل جهودا حثيثة لدفع اتفاقات السلام.
وعنون عدد من الكتاب الصحفيين مقالاتهم على مواقع مختلفة بوسائل الإعلام الصينية بـ"وفاة بيريز: نهاية الزمن السابق"، حيث ذكروا أنه يمكن القول إن الجيل القديم من الساسة الإسرائيليين كانوا يسعون لتحقيق السلام مع الفلسطينيين، لكن الجيل الجديد منهم يتبع الآن طريقا أكثر تشددا وتزييفا للحقائق.
"لقد تغير العالم"، هكذا قالت تشو يي جون، لافتة إلى أن الجيل الجديد من الساسة في إسرائيل "باتوا الآن يجرؤون على اختلاق الأكاذيب ليس داخل بلادهم فحسب، وإنما أيضا في الجمعية العامة للأمم المتحدة للمبالغة في التهديدات التي يتعرض لها أمن إسرائيل وبقائها ونموها من أجل الحفاظ على السياسات الإسرائيلية التوسعية من خلال الإبقاء على الاحتلال والاستيطان".
وشاطرها الرأى تشن شوانغ تشينغ الباحث في أكاديمية الصين للعلاقات الدولية المعاصرة، قائلا إنه بعد وفاة جميع جيل مؤسسي إسرائيل، تصاعد التيار اليميني بصورة كبيرة "وصارت قضية الأمن أهم شاغل في إسرائيل التي تبدو غير مستعدة للتزحزح عنها قيد أنملة"، مضيفة أن الإسرائيليين أصبح لديهم شعور مرضي بالرغبة في تحقيق الأمن لهذا يواصلون بكثافة نشاطهم الاستيطاني والعسكري.
كما أشارت الخبيرة تشو يي جون الى أن "الناخب الإسرائيلي صار يثق بالأمن الذي يأتي من خلال الضرب بيد من حديد، ولا يرغب في السلام البعيد الذي لن يتحقق إلا بالمثابرة والجهد الجهيد".
فأمام الجمعية العامة للأمم المتحدة قبل أسبوعين ، كشف خطاب الرئيس الفلسطيني محمود عباس والرئيس الإسرائيلي بنيامين نتنياهو عن تناقض آرائهما حول أسس انطلاق عملية السلام، إذ أكد عباس ضرورة وقف الأنشطة الاستيطانية الإسرائيلية لاستئناف عملية السلام، فيما تمسك نتنياهو بالاعتراف بـ"الدولة اليهودية" كنقطة انطلاق. أما أوباما، فقال في كلمته أمام الجمعية العامة إن إسرائيل تدرك أنها لا يمكن أن تحتل أرضا فلسطينية إلى الأبد وتستمر في بناء المستوطنات.
وأرى الباحث تشن أنه مع حضور عدد كبير من قادة العالم إلى تل أبيت لوداع بيريز، لابد لهم من بذل مزيد من الجهود لدفع وقف النشاط الاستيطاني.
وذكر تشن أنه مع كون العام القادم يصادف الذكرى الـ50 لحرب عام 1967 التي أدت إلى احتلال إسرائيل للضفة الغربية وقطاع غزة إضافة إلى أراض عربية أخرى ودعوة فرنسا إلى عقد مؤتمر دولي في نهاية العام الجاري من أجل إيجاد حل للقضية الفلسطينية، فإن وفاة بيريز ينبغي أن تذكر ساسة العالم بأنه حان الوقت لإنهاء بؤس وشقاء ومعاناة الفلسطينيين.